شرعت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع برنامج مكافحة عمالة الاطفال بعد ان انتهت منتصف العام الماضي 2005م من تنفيذ المرحلة الاولى من المشروع بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والبرنامج الدولي لمكافحة عمل الاطفال( الايبك) والجهات ذات العلاقة. وأوضحت الأخت/منى سالم مدير وحدة عمالة الاطفال التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، لوكالة الانباء اليمنية/سبأ/ أن المرحلة الثانية من المشروع تركز على إعادة الاطفال الى المدارس، وتنفيذ برامج تدريب مهني للاطفال العاملين الذين تتراوح اعمارهم بين 14- 18 سنة، بالتنسيق المباشر مع وزارة التعليم الفني والتدريب المهني. واشارت إلى أنه سيتم خلال هذه المرحلة تنفيذ عددا من الدورات القصيرة تستهدف 150 طفلا وطفلة ممن يعملون اصلا في مجالات مهنية كورش النجارة وورش السيارات بشكل عام وغيرها من المهن، بطريقة علمية مدروسة يتحصل في نهايتها الطفل على شهادة مهنية. وأضافت أن المشروع يستهدف تدريب بعض افراد الاسرة التي لديها طفل يعيلها لتمكينهم من تبني مشاريع خاصة بهم مدرة للدخل لاسيما الفتيات اللواتي في سن الشباب , حيث سيتم تدريبهن في عدد من المجالات كالخياطة والكوافير او الصناعات المنزلية البسيطة، وذلك بهدف مساعدة الاسرة في تحسين مستواها المعيشي وسحب الطفل من سوق العمل دون احداث اضرار بالاسرة. * عمالة الأطفال ..أكبر من التقديرات وفي حين تشير التقديرات الرسمية الى ان عدد الاطفال العاملين في اليمن يبلغون 450 الف طفل وطفلة، اكدت الاخت منى سالم /مدير وحدة مكافحة عمل الاطفال التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل ان حجم عمالة الاطفال اكبر بكثير مما قدرته المسوحات والاحصاءات التي تختلف في المفاهيم والاسس والاعمار وانواع الاعمال التي يزاولها الاطفال، مبينه ان الظاهرة تتعرض للمد والجزر وفقا للحالة الاقتصادية والاوضاع الاجتماعية ، حيث يزداد عدد الاطفال العاملين خلال العطلة الصيفية، ويقلون في بقية فصول السنة بسبب عودة عدد كبير منهم الى المدارس . وقدرت دراسة اجراها الدكتور خالد راجح شيخ وزير الصناعة والتجارة حجم عمالة الاطفال للفئه العمرية (6-14) بنحو 10 بالمائه من اجمالي القوى العاملة في اليمن، لافتة إلى ان هذه النسبة ترتفع بشكل ملحوظ إذا أحتسبت عمالة الاطفال حتى سن 18 سنة . وأشارت الدراسة الى تسارع معدلات نمو ظاهرة عمالة الاطفال من 7 بالمائة مطلع التسعينيات الى ما يتجاوز 15 بالمائة مطلع القرن الحالي بمعدل نمو سنوي قدره 3 بالمائة ، وهو ما يعد تطورا كبيرا للظاهرة .. منبهة إلى خطورة استمرار هذا النمو بهذا النحو ما لم تتخذ اجراءات فاعلة لكبح جماح الظاهرة. وعزت الدراسة استمرار هذا النمو الى مشكلتي الفقر والبطالة وتدني مستويات الاجور والدخول وتفاوت خدمات التعليم والغذاء وفرص العمل، الى جانب التسرب من المدارس. وطبقاً لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء فإن عدد الأطفال الذين يشتغلون في سوق العمل بلغوا عام 1999م نحو326 ألفا و608 أطفال وهو ما يمثل نسبة (9.1بالمئه) من إجمالي القوى العاملة اليمنية. فيما قدرت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل الاطفال الاناث في سوق العمل بنحو(51.6بالمئه)وهي نسبة مرتفعة بالنظر الى العادات والتقاليد المقيدة للمرأة في اليمن، مقارنة بالذكور الذين بلغت نسبتهم (48.6بالمئه) من إجمالي الأطفال اليمنيين في سوق العمل. وبحسب دراسة للاتحاد العام لنقابات عمال اليمن فان اكثرمن 90 بالمئه من اجمالي الاطفال العاملين يتمركزون في الريف، والبقية في الحضر، كما يتركز عمل الأطفال بصورة مكثفة في المجال الزراعي بنسبة 92 بالمئه مما يجعلهم اكثر عرضة للأمراض الخطيرة بسبب استخدام السموم والمبيدات الزراعية. فيما يعمل 8 ر4 بالمئه منهم في مجال الخدمات و 5 ر2بالمئه عمالة غيرمحترفة وتمثل نسبة الإناث منهم ما يقارب 51بالمئه . * مخاطر عمل الاطفال ويواجه الاطفال العاملون مخاطر كثيرة جراء ظروف العمل التي لاتتناسب مع أعمارهم وخطورة المهن التي يمتهنونها . واكدت دراسة أجرتها المنظمة السويدية لعمالة الأطفال بالتعاون مع منظمة اليونسيف الى أن (52 بالمئه) من الأطفال في سوق العمل اليمني يتعرضون لتحرشات غير أخلاقية، و32بالمئه يتعرضون لتحرشات عادية، و2ر1بالمئه يتعرضون لتحرشات جنسية . كما أن ثلث الاطفال العاملين تتراوح ساعات عملهم بين40 الى اكثر من 57 ساعة اسبوعيا، متجاوزين بذلك ما حدده قانون العمل في مادته (45)، بسبع ساعات في اليوم و42 ساعة في الاسبوع . ولاحظت الدراسة التي شملت عينة قدرها 1900طفلاوطفلة من العاملين في محافظات عدنوالحديدةوتعزوصنعاء ،أن 28بالمئه من هؤلاء الأطفال يعملون باعة متجولين، وهو ما يعرض 25 بالمئه منهم لأمراض ناتجة عن تغيرات الطقس و 7 بالمئه لأمراض معدية.. كما أن أكثر من 50 بالمئه من الأطفال العاملين عرضة لتحرشات أخلاقية . ويقول 32 بالمئه ممن شملتهم الدراسة ان الحياة مرهقة وشاقة بالنسبة لهم، كونهم يمارسون أعمالاً متعبة لا يرغبون مزاولتها لكن الظروف المعيشية تضطرهم لذلك.. كما يشكون بأنهم لا يلقون معاملة طيبة من جانب أرباب العمل الذين يستخدمونهم . وكشفت الدراسة أن تدني مستوى الاجورالتي يقاضاها الاطفال من الاسباب الاساسية من إتجاه أرباب العمل لتشغيل الاطفال وزيادة حجم عمالتهم، حيث لا يتعدى أجورهم نسبة 43 لمئه من متوسط الاجر الوطني البالغ 12974 ريالا اي ما يعادل 5ر66 دولارا ( سعر الدولار195 ريال يمني). * جهود ومساعي لمواجهة الظاهرة ولأن عمل الاطفال ينطوي على مخاطر وأضرار كثيرة على سلامة الطفل وصحته ونموه ونفسيته وسلوكه كفرد وعلى الاسرة والمجتمع في الحاضر والمستقبل، فقد تظافرت الجهود الوطنية نحو التعامل الايجابي مع هذه الظاهرة،وتم اتخاذ مجموعة من الخطوات والقرارات والبرامج والمشاريع الهادفة الى الحد من ظاهرة عمالة الاطفال، اخرها تبني اتفاقية حظر اسوأ اشكال عمل الاطفال حيث صنف القانون اليمني اكثر من 72 مهنة خطرة على الاطفال دون سن 14 سنه. وفي إطار الجهود المبذولة لمكافحة عمالة الإطفال تمكنت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل خلال العام الماضي 2005م من معالجة أوضاع اكثر من 1849 طفلا وطفلة كانوا يعملون في اعمال خطرة، اضافة الى معالجة أوضاع 2179 طفلا وطفلة خلال العام 2004م . وأوضحت الاخت منى سالم مدير وحدة مكافحة عمل الاطفال التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، ان الوزارة انتهت من اعداد مسودة خطة العمل الوطنية لمكافحة عمل الاطفال والتي بدأت باعدادها العام الماضي 2005م بالتعاون مع منظمتي العمل الدولية واليونيسيف والبنك الدولي، منوهة إلى أن الوزارة حاليا بصدد رفعها الى مجلس الوزراء لمناقشتها واقرارها. وأشارت إلى أن الخطة التي ستنفذ على مدى عشر سنوات قادمة , تم مناقشتها في 8 محافظات تزداد فيها عمالة الاطفال, تشمل صنعاء ،تعز،عدن، اب، الحديدةحجة، ابين، والمحويت، كما نوقشت المسودة في ورشة عمل على المستوى الوطني وخرجت بعدد من الملاحظات التي تم استيعابها في التعديل النهائي لمسودة الخطة تمهيدا لرفعها للحكومة لإقرارها بصورة نهائية للبدء بتنفيذها والعمل بها خلال الفترة القادمة. و وتستهدف خطة العمل الوطنية اعادة الاطفال الى المدارس والتركيز على معالجة أوضاع الأسر الفقيرة، من خلال ادارة برامج او مشاريع حماية للاطفال العاملين في سوق العمل واسرهم ، الى جانب تنفيذ برامج تدريب مهني للاطفال العاملين انفسهم وفقا لاحتياجات سوق العمل في المجالات التي لا تشكل خطرا على الاطفال. وبحسب مديرة وحدة مكافحة عمل الاطفال فإن وزارة الشئون الإجتماعية والعمل انتهت منتصف العام الماضي 2005م من تنفيذ المرحلة الاولى لمشروع مكافحة عمل الاطفال والتي تضمنت ثلاثة اهداف رئيسة شملت انشاء قاعدة معلومات حول عمالة الاطفال على مستوى الوطن، وتعديل التشريعات الخاصة بالطفولة ، الى جانب نشر التوعية بمخاطر عمل الاطفال.. معتبرة أن أهم انجازتحقق في مجال التشريعات تمثل في استصدار قرار بالاعمال المحظورة عن الاطفال العاملين. واعترفت الاخت منى سالم أن الجهود الحكومية المبذولة حاليا غير كافية لمواجهة هذه الظاهرة بمفردها في ظل التنامي المتسارع وإتساع حجم الظاهرة . وقالت" نحن نطمح الى تكاتف جهود الدولة مع جهود منظمات المجتمع المدني والجهود الشعبية بما يضمن مشاركتها الفاعلة لمساندة الجهود الحكومية والعمل يدا بيد للحد من عمالة الاطفال مستقبلا. وتعول وزارة الشئون الاجتماعية والعمل كثيرا على استراتيجية الطفولة والشباب المزمع مناقشتها وإقرارها في مؤتمر وطني يعقد الأسبوع القادم بصنعاء بما من شأنه إيجاد المعالجات الكاملة لمشاكل وقضايا الطفولة والشباب بمافي ذلك مساندة جهود الوزارة للحد من ظاهرة عمالة الاطفال من خلال ربط خطط الدولة بمعالجة مشاكل الاطفال عبر استراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بما يضمن إزالة العوامل المؤدية إلى عمالة الاطفال كالفقر والبطالة والتفكك الاسري، الى جانب تاكيد الاستراتيجية على زيادة المخصصات المقدمة للاسر الفقيرة والتوسع في مؤسسات الرعاية للأيتام والاحداث. وتسعى وزارة الشئون الاجتماعية من خلال الاستراتيجية الى تأهيل الشباب لسوق العمل بحسب متطلبات التنمية من خلال تشجيع الشباب على الالتحاق بالتعليم الفني والتدريب المهني، الى جانب تعزيز دور الاسرة في التوعية بخطورة ظاهرة عمالة الاطفال والعمل على محاربتها من خلال محاربة ظاهرة البطالة والفقر وتأمين فرص العمل والرعاية الاجتماعية للاطفال.