أنهى بول ولفوفيتز بأعلان استقالته أزمة أثارها اتهامه بالمحاباة والمحسوبية والفساد هزت أسس البنك الدولي . وقال ولفويتز في بيان ''أعلن انني ساستقيل من رئاسة البنك الدولي في نهاية السنة المالية'' أي في 30 يونيو المقبل . من جهته ذكر مجلس إدارة البنك في البيان نفسه الذي صدر الاربعاء بعد مداولات استمرت ثلاثة ايام ان ''أعضاء المجلس اخذوا علما بقرار ولفوفيتز''. وأوضح الأعضاء ال 24 في مجلس الإدارة الذي يمثل 185 دولة، انهم ''قبلوا'' التأكيد الذي قدمه ولفوفيتز (63 عاما) بأنه تصرف ''وفق القواعد الأخلاقية وبحسن نية'' عندما أمر شخصيا بزيادة راتب صديقته شاها رضا الموظفة ايضا في البنك الدولي. وأضاف أعضاء مجلس الإدارة ''كان واضحا لدى التدقيق في عناصر المسألة ان عددا كبيرا من الإفراد ارتكبوا بعض الأخطاء في معالجة هذه المسألة، وأن أنظمة البنك الدولي لم تكن صارمة الى حد كاف لمواجهة ما الزموا به''. واتاح اعضاء مجلس إدارة البنك باعترافهم الضمني بعدم وضوح إجراءات البنك على صعيد تضارب المصالح والوهن في القواعد المتبعة لولفوفيتز انقاذ ماء الوجه من دون تبرئته تماما ، وسيرحل ولفويتز من جهته من دون تحميله اي خطأ ومن دون اتهامات مهينة كان يرى انها غير مقبولة . ونجح ولفوفيتز الذي وقع فى فخ حملة اطلقها بنفسه لمكافحة الفساد فى تحقيق ما كان يريد في التوصل الى تسوية مع مجلس حكام البنك تسمح له بتحقيق "انسحاب مشرف" فقد تمت ازالة التهم مقابل الاستقالة. وقوبلت استقالة ولفوفيتز الذي يعد احد ابرز مهندسي الحرب في العراق باسف امريكي "شديد" حيث عبر الرئيس الأميركي جورج بوش الذي سحب ضمنا دعمه للفوفيتز عن اسفه لاستقالته وقال انه كان ' 'يفضل ان يبقى في منصبه لكنه سيختار قريبا مرشحا لخلافته". وتعتبر استقالة ولفوفيتز من رئاسة البنك الدولي الحلقة الاخيرة في سلسلة الاخبار السيئة التي تتكاثر باطراد بالنسبة للرئيس الاميركي جورج بوش مع اقتراب نهاية ولايته. وحصل ولفوفيتز الذي كان المسؤول الثاني السابق في البنتاغون على منصبه في البنك بفضل هذه الادارة فالولاياتالمتحدة هي التي تختار رئيس البنك الدولي تبعا لتقليد غير مكتوب. كما ان استقالتة تؤكد ان الاوقات عصيبة بالنسبة لبوش وحلفائه غير ان بعض الخبراء يلفتون الى ان بوش لديه مشاغل اخرى غير ولفوفيتز. فمسلسل القضايا السيئة يتوالى على ادارة بوش منذ ان خسر خلال شنه للحرب على العراق اصدقاؤه الجمهوريون الغالبية في الكونغرس اثناء انتخابات نوفمبر فيما يتوقع ان تكون السنتان الاخيرتان من ولايته الرئاسية سنتين من التعايش الصعب مع الديمقراطيين الذين يسعون الى ارغامه على الانسحاب من العراق. والهزيمة الانتخابية حسمت مصير وزير الدفاع السابق دونالد رامسفلد وقد انقلب قسم من الجمهوريين ضد بوش خصوصا وانهم قلقون على فرص مرشيحهم الى الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية العام المقبل. ولا يفوت الديمقراطيون من جهتهم اي فرص للاعتراض على سلطة بوش وهم يسعون للحصول على رأس وزير العدل المتهم بالعمل على اقالة قضاة كبار لاسباب سياسية بحتة. والسؤال الذي يطرح نفسة اليوم هو من سيخلف ولفوفيتز فى منصبه الذي شغله منذ 1944 رجال مصارف اتوا من القطاع الخاص اكثر مما شغله موظفون .. فقد رجحت معلومات ان اسم توني بلير طرح كخليفة محتمل للرئيس المستقيل . و قال الخبير الاقتصادي جوزيف ستيغليتز المسؤول السابق في البنك الدولي ان اسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير طرح كخليفة محتمل لرئيس البنك الدولي الحالي بول ولفوفيتز المستقيل. واضاف ستيغليتز ان توني بلير الذي اعلن انه سيغادر منصبه في 27 يونيو المقبل، "هو احد الاشخاص الذين طرح اسمهم بوضوح" لخلافة ولفوفيتز. ويتمتع الأعضاء ال 185 في البنك الدولي بصلاحيات تعيين خليفة بول ولفوفيتز، لكن في الواقع الولاياتالمتحدة هي صاحبة هذا القرار. والبنك الدولي الذي يتخد من واشنطن مقر له هو مؤسسة توأمة مع صندوق النقد الدولي وقد انبثقت الهيئتان عن اتفاقات بريتون وودز (الولاياتالمتحدة) في 1944 التي كانت تهدف الى استقرار النظام المالي الدولي وتفادي تكرار أزمة 1929 . وبناء على قاعدة غير مكتوبة تم الاتفاق عليها حينئذ وما زالت قائمة، تعين الدول الأوروبية المدير العام لصندوق النقد الدولي وهو بالتالي أوروبيا في حين تعين الولاياتالمتحدة رئيس البنك الدولي وهو أميركي. ويعد البنك إحدى ابرز الهيئات المالية المتعددة الجنسيات التي تحظى باحترام كبير ومكلفة مكافحة الفقر في العالم كما انه يعتبر مصدراً مهمّاً لتقديم المساعدات المالية والفنية للبلدان النامية في جميع أنحاء العالم . ** نبذة عن بول ولفوفيتز : ولد ولفوفيتز اليهودي البولندي الاصل في 22 ديسمبر 1943 في نيويورك وقد شغل اول منصب في الادارة في 1973 اي في سن الثلاثين، في وكالة مراقبة الاسلحة والتسلح . وخلال عمله مساعدا لنائب وزير الدفاع مكلفا البرامج الاقليمية من 1977 الى 1980 حصل على خبرة في القضايا الدفاعية وانتقل بعدها الى وزارة الخارجية حيث كلف العلاقات بين الولاياتالمتحدة وحوالى عشرين دولة في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ. وبعد ان شغل منصب سفير الولاياتالمتحدة في جاكرتا لثلاث سنوات، عين مساعدا لوزير الدفاع (1989-1993) الذي كان حينذاك ديك تشيني نائب الرئيس الحالي. وعرف منذ ذلك الحين بانه من "الصقور" اي مؤيد لاعتماد الولاياتالمتحدة موقفا حازما الى اقصى حد في الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية بما في ذلك بالقوة. ويقيم ولفوفيتز علاقات قوية مع اسرائيل حيث تبدي الاوساط اليمينية تقديرا خاصا له لكن الصحف الاميركية تؤكد ان دعمه للدولة العبرية يبقى مشروطا. وفي البنك الدولي، لم يقم اي صداقات اذ حرص على تعيين مستشارين له من الخارج وبشكل عام مرتبطين بالحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه جورج بوش.