يلعب الإعلام دوراً مهماً في الكشف عن جوانب الخلل والقصور في العديد من القضايا والإشكاليات وإيصالها للمجتمع ومساعدة أصحاب القرار في الحد منها و معالجتها ، فضلاً عن دوره في تثقيف وتوعية المجتمعات إذا ما تم استخدامه الاستخدام الأمثل . وانطلاقا من هذه الاهمية ونتيجة لبروز مشكلة تهريب الأطفال خلال السنوات الاخيرة واتساع دائرتها ناقشت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) دور وسائل الإعلام ومدى تفاعلها مع المشكلة. *تناولات وسائل الاعلام يشير معد البرامج بالفضائية اليمنية عبدالقادر السروري الى ان وسائل الاعلام قامت بدورها في تناول المشكلة وان كانت بشكل متقطع ، مستدركاً " القضية بدأت تأخذ مؤشرات سلبية تنذر بعلامات خطر تحتم الوقوف امامها بمسؤولية وطنية خوفاً من تفشيها في المستقبل القريب " . من جانبه يقول مدير عام صحيفة (السياسية) رئيس التحرير التنفيذي محمد راوح : التناولات الصحفية لهذه القضية المستعصية اقتصرت حتى الآن على تغطية الأنشطة التي تقوم بها الأجهزة الرسمية أو بعض المنظمات المهتمة بالقضية . ويضيف راوح : ما يجري على الساحة استعراض للمشكلة دون الإقرار بالأسباب الحقيقية لها مما أدى الى عدم التصدي لها باتخاذ الإجراءات المناسبة لتلك الأسباب التي مازالت والحال هكذا في علم الغيب. فيما يقول مدير تحرير موقع (المؤتمر نت) الاخباري محمد طاهر : اقتصر تناول هذه القضية على الجانب الخبري باستثناء بعض التقارير النادرة التي تلامس الحدث وتقترب منه ولازال تناول قاصر لعدم النزول الى الميدان مثل النزول الى محافظة حجة وتلمس عملية التهريب عن قرب . ويرى رئيس تحرير صحيفة (الناس) المستقلة اسامة غالب انه لايوجد للإعلام دور يذكر في هذا الجانب باستثناء تناولات خبرية على فترات متقطعة مع ندرة التقارير الصحفية عن هذه المشكلة المخيفة . من جهتها اعتبرت المخرجة التلفزيونية سميرة عبده علي, ان دورالتلفزيون غير مفعل لعدم تناول القضية بشكل منظم بغض النظر عن بعض الندوات او اللقاءات مع مسؤولين دون ان يكون هناك مردود ايجابي على المعنيين بالقضية . ويذهب معد البرامج بإذاعة صنعاء شوقي اسعد , الى القول ان وسائل الاعلام لم تقوم بدورها في هذه القضية لعدم معرفة القائمين عليها بحجم المشكلة وابعادها السلبية وبالتالي لايرون وجود مشكلة اصلاً . بينما تعتقد المحررة بصحيفة (الثورة) افتكار القاضي ان الصحافة المحلية لم تول المشكلة حقها رغم مرور خمس سنوات عليها فالصحافة الرسمية تناولتها على استحياء فيما الاهلية تناولاتها موسمية ما أدى الى قصور هذا التناول لعدم تعمقه في القضية وملامسة حيثياتها عن قرب لمعرفة مخاطرها والمآسي الانسانية فيها ونقلها للجمهور والمعنيين. *معوقات تناول المشكلة ترجع المخرجة سميرة عدم تناول وسائل الاعلام للمشكلة كما يجب إلى شحة الامكانيات المادية ورأي القائمين عليها بأن هذا التناول فيه تشويه لليمن . اما غالب فيعتقد ان الموضوع متشعب وبحاجة الى جهد كبير ونظرا لعدم توفر المعلومات الكافية التي تتطلب النزول الميداني وهو امر مكلف بالنسبة للصحف الاهلية والمستقلة وهذا هو العائق الاكبر. وتشير المعدة والمذيعة بإذاعة صنعاء جميلة العزام الى انشغال وسائل الاعلام بالقضايا والمكايدات السياسية واهمال القضايا المجتمعية بالاضافة الى عدم تخصيصها لمساحات تتناسب مع حجم المشكلة . من جانبه يرى السروري ان إفتقار وسائل الاعلام الى خطط واستراتيجيات عمل خاصة بالمشكلة وعدم وجود احصاءات رسمية وتشريعات قانونية رادعة ابرز معوقات التناول. وتضيف القاضي الى ذلك صعوبة الحصول على المعلومة من الجهات المعنية بالإضافة إلى تعارض بعض المواد مع سياسة الوسيلة ما يؤدي الى عدم نشرها كونها تورد إحصائيات او تشير الى تقصير جهات في الدولة ولو كانت على لسان مسئولين في تلك الجهات وإما ان يتم التعديل او لا ينشرالموضوع . ويرى المحرر بصحيفة (الوحدة) عبد العليم الهاشمي ان الصحيفة لا تصل الى الفئة المستهدفة التي قد تكون امية لكنها تثير القضية في اوساط المثقفين والسياسيين وصناع القرار . ويلفت الصحفي صادق السماوي الى انه لاتوجد معوقات لتناول المشكلة ، مضيفاً " ان كسل الصحفيين واكتفائهم بالمادة السهلة وعدم اجهاد انفسهم بالبحث والتحقيق في مثل هذه القضايا هو العائق الاكبر" . *حلول اصحاب القرار يشير نائب رئيس قطاع الفضائية اليمنية عبدالله الحرازي الى تناول القضايا المجمعية عبر التغطية الخبرية لانشطتها وفعالياتها والمعلومات الواردة من الجهات المعنية او الحدود فضلاً عن تناولها في برامج الشباب وتوعية الاسرة ، مؤكداً إستمرارية تناول هذه القضايا وعدم إقتصارها على مرحلة من المراحل. ويرى الحرازي ان انسب طريقة لتناول هذه القضية عبر المواد التوعوية مثل الفلاشات الخاصة بتوضيح مخاطر هذه المشكلة وتسليط الضوء على ما يلاقيه الاطفال من معاناة في رحلة التهريب ، مشدداً على دور الاسرة و السلطة المحلية والجهات المعنية للقيام بدورها للحد من المشكلة. ويقول السياسة الخبرية واضحة ونولي مثل هذه القضايا جل اهتمامنا والسياسة الاعلامية لمعالجة مثل هذه القضية تتفق مع السياسة الخبرية شرط التزام الموضوعية في التناول واي مادة حول هذا الموضوع سيتم نشرها او ادراجها وفق النشرات الثقافية الاجتماعية او الفلاشات وليس عبر حشرها في النشرات السياسية . مدير عام الاخبار بوكالة الانباء اليمنية (سبأ) عصام البحري يؤكد ان السياسة الاعلامية تلعب دور اساسي في طريقة تناول القضية وتحدد اسلوب التناول ، مشيراً الى أن وسائل الإعلام الرسمية تقوم بدور هام في التعاطي مع مختلف قضايا المجتمع لتسليط الضوء عليها وبلورة المعالجات اللازمة لها من قبل المختصين والمعنيين انطلاقا من الرسالة الإعلامية الوطنية التي تنهض بها ووفقا لما حددته السياستان الإعلامية والخبرية . ويقول البحري " لا توجد قيود للتعاطي مع أية قضية عدى محظورات النشر التي نص عليها قانون الصحافة والمطبوعات, هذا بالنسبة لوسائل الإعلام الرسمية أو غير الرسمية ". واشار إلى أهمية تناول المشكلة بأبعادها الاجتماعية وبأسلوب مهني وموضوعي يشخص أسباب المشكلة ويبلور المعالجات للإسهام في الحد منها دون تجريح او تشهير او كيل اتهامات بما يصب في خدمة المجتمع. واكد أن وكالة سبأ كانت السباقة في تناول قضية تهريب الأطفال بالعديد من المواد الصحفية ومازالت تسلط الضوء على اسبابها وتواكب جهود الدولة للحد منها بين الحين والآخر, بجانب تناولها لمختلف الظواهر والقضايا الإجتماعية السلبية بمافي ذلك زواج الصغيرات وحمل السلاح والثارات وحتى ضعف الولاء الوطني لدى بعض الشباب وغيرها من القضايا . واكد طاهر عدم وجود سياسة تقنن تناول القضايا المجتمعية بقدرالاهتمام بتناولها بمواد جادة وموضوعية بعيداً عن المكايدة والمزايدة والاستثمار للقضايا المجتمعية والمعتمدة على حقائق ووقائع صحيحة ،داعياً وسائل الاعلام للإنغماس في القضايا المجتمعية بدلا من الافراط في تناول القضايا السياسية . ويضيف طاهر " اعتقد ان دور الصحافة يقتصر في إبراز حيثيات وابعاد القضية من خلال الالتقاء بالفئات المستهدفة والوقوف على اسباب هذه القضية فضلا عن عملية التوعية والاضرار الناتجة عن هذه القضية للاطفال والمجتمع . وشدد راوح على دور مختلف وسائل الاعلام في البحث وتسليط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء هذه القضية من خلال تناول حالات بعينها ومناقشتها واستطلاع رؤى الجهات المعنية حولها . مضيفاً " بالاضافة الى التركيز على آراء الأكاديميين والمختصين بقضايا النشء والمشكلات الاجتماعية المرتبطة بهذه الفئة العمرية في سبيل بلورة رؤى وأفكار لصاحب القرار في مؤسسات الدولة والأجهزة التنفيذية لمواجهة هذه القضية المعقدة على أسس علمية ناجعة. ويتساءل راوح : كيف يمكن أن يكون الأثر الذي قد يحدثه تحقيق أو استطلاع أو تحقيق صحفي حي تلفزيوني أو إذاعي مع أطفال تعرضون لهذه التجربة القاسية أو مع أبائهم أو المعنيين بمتابعة هذه القضية في الأجهزة الرسمية وغيرها. لافتا إلى دور وسائل الإعلام في متابعة جهود وخطط الحكومة في مكافحة الفقر وإعطاء مساحة مناسبة في نشاطها العام بشكل منظم على مدار العام بهدف خلق رأي عام فعال يدعم ويساهم في الجهد الحكومي العام للقضاء على هذه القضية. ويشير غالب إلى ضرورة اضطلاع وسائل الإعلام بدورها في هذا الجانب عبر التوعية بمخاطر هذه القضية وكشف عمليات أو حالات التهريب فضلاً عن التواصل مع المعنيين في الجهات المختصة لتسليط الضوء عليها والحد منها ، مؤكداً عدم وجود سياسة للوسيلة في الصحف المستقلة تمانع نشر أي موضوع في هذا الجانب أو غيره . *اخيراً يخلص من شملهم التحقيق الى المطالبة بضرورة توحيد الجهود ووضع خطط واستراتيجيات لوسائل الاعلام (مرئية ، مسموعة ، مقروءة) لتناول القضايا المجتمعية عبر الأشكال والقوالب الصحفية المناسبة التي تعكس الجانب الإنساني في المشكلة لتوعية الأسرة والمجتمع بمخاطرها وإثارتها مع أصحاب القرار في الجهات المعنية والكشف عن جوانب الخلل والقصور في سبيل الحد منها وصولاً للمعالجات و سن قوانين رادعة تدين كل من يثبت تورطه في تلك القضايا . وشددوا على ضرورة توفير الإمكانيات المادية وتسخير الطاقات والجهود المناسبة لملامسة القضايا عن قرب عبر التغطية الميدانية للإلمام بحيثيات وحجم المشكلة وتخصيص المساحات الإعلامية المناسبة للتناول ، مطالبين الجهات المعنية بتوفير المعلومات والإحصائيات الدقيقة و عقد الدورات والورش التدريبية للإعلاميين في هذا الجانب لتعريفهم بجوانب تلك القضايا المختلفة .