صدرت للكاتب المصري ناصر عراق رواية (العاطل) عن الدار المصرية اللبنانية بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب المزمع افتتاحه يوم 29 يناير الجاري. وتدور أحداث رواية (العاطل)، حول شاب مصري متعلم من أسرة متوسطة الحال توصد في وجهه أبواب العمل في القاهرة، مثل غيره من ملايين العاطلين في مصر، فيغادرها إلى دبي لينفتح أمامه عالم مدهش من الأحداث والشخصيات والجنسيات المتباينة، حيث يواجه في دبي العديد من المواقف النبيلة والخسيسة من قبل أصدقاء وأقارب وشخصيات عربية متعددة، حتى ينتهي به الحال إلى اتهامه في جريمة قتل فتاة روسية، في الوقت الذي يتذوق فيه لأول مرة لذة الغرام بفتاة مصرية تعمل في دبي. تنهض الرواية على تشابك الأحداث وتداخلها بالتوازي مع الغوص في نفسيات أبطالها وتحليل نوازعهم المتناقضة، فضلاً عن تتبع مصائرهم الخضراء أو المعطوبة... كل ذلك ينسج وفق حبكة درامية متينة تخطف عقل القارئ وروحه، حيث يجد نفسه في نهاية المطاف مشاركاً وصانعاً للأحداث. لا يعتمد ناصر عراق في هذه الرواية على تدفق السرد وسلاسته فحسب، بل يفيد كذلك من فنون السينما وتقنياتها مثل الفلاش باك، وتقطيع المشاهد بأسلوب أخاذ يسهم في إمتاع القارئ، فضلاً عن الطريقة التي يرسم بها الأماكن ووصفه الدقيق لملامح الشخوص والأجواء التي تصطخب فيها الأحداث نظراً لخبراته باعتباره فنان تشكيلي درس الفنون الجميلة. الانحياز التام إلى اللغة العربية الفصحى العميقة والجميلة هو أبرز صفات روايات ناصر عراق، لذا فقد تمت صياغة (العاطل) بلغة عربية جزلى تقطر عذوبة، لا عتمة فيها ولا اضطراب حيث أفاد المؤلف من تقنيات ولغة الشعر المكثفة، وحتى الحوارات بين شخوص الرواية جاءت بفصحى رائقة. باختصار ترصد الرواية، التي جاءت في 335 صفحة، أحوال الشباب وأحلامهم وطموحاتهم وإحباطاتهم على خلفية المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به مصر والأمة العربية في مطلع الألفية الثالثة، وتأثير ذلك كله على الشباب ومستقبلهم، حيث تدين الرواية الاستبداد السياسي والاجتماعي الذي يقهر الناس ويسرق آمالهم. يذكر أن ناصر عراق يعمل حالياً منسقاً ثقافياً وإعلامياً في مؤسسة (ندوة الثقافة والعلوم) في دبي، وقد أسهم في تأسيس مجلة "دبي الثقافية" عام 2004 حيث تولى منصب مدير التحرير بها، وغادرها في العام الماضي. كما صدر للكاتب ناصر عراق روايتين عن دار الهلال هما: (أزمنة من غبار) سنة 2006 ، و(من فرط الغرام) عام 2008 ، كما أصدر ثلاثة كتب هي: (ملامح وأحوال... قراءة في الواقع التشكيلي المصري) عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر، وكتاب (تاريخ الرسم الصحفي في مصر) عن دار ميريت، وعنه نال الجائزة الأولى في مسابقة أحمد بهاء الدين في دورتها الأولى سنة 2000، وفي سنة 2009 أصدر كتاب (الأخضر والمعطوب... في الثقافة والفن والحياة) ضمن سلسلة "كتاب اليوم" التي تصدرها مؤسسة أخبار اليوم. الجدير بالذكر أن عدداً من كبار كتاب ونقاد الأمة العربية تناولوا روايات وكتابات ناصر عراق بالنقد والتحليل مؤكدين على فرادتها وحيويتها مثل الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي والنقاد الدكتور جابر عصفور والدكتور صلاح فضل وفريدة النقاش والناقدين العراقيين:الدكتور حاتم الصكر والدكتور صالح هويدي والشاعر اللبناني شوقي بزيع،والناقد المغربي الدكتور عبد الجبار العلمي وغيرهم. (لقد قرأت كتاب ناصر عراق "الأخضر والمعطوب" واستمتعت به، كما قرأت روايته "أزمنة من غبار" واستمتعت بها). هذا ما كتبه الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي في جريدة الأهرام 14/10/2009.