قال وكيل قطاع التنمية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل علي صالح عبد الله إن منظمات المجتمع المدني بلغت حتى نهاية العام الماضي 2010 ما يقارب 8 آلاف منظمة ما بين جمعيات ومؤسسات أهلية وخيرية ومراكز وملتقيات وتعاونيات واتحادات ونقابات وغيرها تشكّل الجمعيات الخيرية منها 2771 جمعية؛ أي نسبة من 35 إلى 40 % من إجمالي عدد المنظّمات. مشيرا إلى أن هذا يعني أن العمل الخيري يمثل ثقلا كبيرا في بنية العمل الأهلي وينخرط فيه مئات الآلاف من المواطنين والمستفيدين ويساند الجهود الحكومية في مكافحة الفقر والبطالة والمشاكل الاجتماعية الأخرى. ثلث الجمعيات ناشطة وأوضح غياب المسوح الميدانية والتقييمات الدورية لهذه المنظمات منذ عام 2005 لعدم موافقة وزارة المالية على توفير المُخصصات المالية للقيام بذلك، وأنه إذا ما اعتمدنا على التقارير الميدانية الحالية والمؤشرات السابقة حتى عام 2005 سنجد أن ثلث الجمعيات الخيرية هي الناشطة، وحققت أهدافها المنشودة وتعمل بشكل ممتاز في برامج التنمية المستدامة، ولها دور فاعل في مكافحة الفقر والبطالة لا يمكن إنكاره، بينما الثلثان الآخران أحدهما لا يعمل بالشكل المناسب والآخر مشلول ومتعثر. معترفا أن الدولة لا تستطيع أن تقدم مساعدات مالية وعينية لكل هذه الجمعيات، وأن ما يتم تقديمه فقط لعدد محدود للغاية، لكنها تقوم بمهامها فيما يخص إصدار التشريعات المساعدة وتقديم الإعفاءات الضريبية والجُمركية وتوجيه المؤسسات والمشاريع والصناديق الحكومية لمساعدة هذه المنظّمات لتطلع بدورها على النحو المطلوب، وكذا التشجع والمساهمة في إنشاء الشبكات المدنية لمكافحة الفقر وغيرها بهدف التخلّص من عملية التكرار والازدواجية في الخدمة أو المستفيدين من الخدمة. وأضاف: "لسنا مقصّرين في منح الجمعيات الخيرية المزايا القانونية كالإعفاءات الضريبية والجُمركية، فهذا موجود ومعتمد، ونرسل خطابات ورسائل عديدة إلى وزارة المالية نطالبهم بالإعفاء وفقا للقانون بشرط أن تكون الطلبات مرتبطة بالعمل الأهلي ومستوفية لشروط لائحة الإعفاءات وقد تواجه الجمعيات والمنظّمات مصاعب في الأجهزة المعنية، وهذا لا يعني أننا في وزارة الشؤون مقصرِّون أو معطلون، والدولة تتخلى عن ملايين الريالات من هذه الإعفاءات لمصلحة هذا العمل". ولفت إلى أن العمل الخيري يحتاج إلى موارد وإمكانيات والتي تُعد من أكبر إشكاليات العمل المدني وتأهيل وتدريب ووسائل للاتصال والوصول وتضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية إلى جانب المساعدات والمنح من فاعلي الخير من الداخل والخارج، خاصة وأنه يتم حاليا بقدر محدود. واعترف صالح بمحدودية حجم العمل الخيري لهذه المنظّمات في الأرياف وتركّز معظمها في المحافظات الرئيسة (صنعاء، حضرموت، الحديدة، عدنوتعز)، لكن بعضها تمد خدماتها إلى الريف. وأنهم في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يشجِّعون على إنشاء المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تكون مراكزها المحافظات الريفية ومثيلاتها التي تهتم بالتنمية البشرية والتنمية المستدامة، أي التي تجمع بين نوعي العمل الرعائي التكافلي الاجتماعي والعمل ذات الطبيعية التنموية المستدامة؛ كونهم يؤمنون بأن العمل في التنمية هو الأساس للتغلّب على مشكلات الفقر والعوز والحاجة، مؤكدا أنهم خلال الثلاث السنوات الأخيرة وجدوا أثناء زياراتهم الميدانية لمنظمات خيرية في تعزوصنعاءوحضرموتوالحديدة أن هناك ميلا في برامج وخٌطط هذه المنظمات نحو الاهتمام بعملية الإقراض الصغير والأصغر بشروط مناسبة وبعيدا عن التعقيدات، وهو ما تنشده وزارة العمل، والتي قامت مؤخرا بنشر العملية التدريبية والتأهيلية للمهارات والمعارف ذات الارتباط بسوق العمل بالتعاون مع مؤسسات حكومية وغير حكومية إقراضية وائتمانية وتوجيه انتباه المنظمات الأهلية والخيرية لأهمية أن تصل إلى المنظمات الائتمانية الوطنية بحيث تعكس الجانب التنموي. وأوضح أن وزارته لديها قاعدة معلومات ولا تمنح تجديد التراخيص لأي منظمة إلا بعد موافاة الوزارة بتقارير سنوية عن أنشطتها ومصادر التمويل وأنهم مستعدون بموافاة وسائل الإعلام وغيرها بأي بيانات عن أي منظّمة خيرية بشرط أن يتقدّم طالب الخدمة بطلب رسمي. محليات لا تهتم كما اعترف صالح بوجود خطأ في تصنيف الجمعيات، مبينا أنهم يسعون منذ فترة طويلة لاستقدام خُبراء في هذا الجانب لإيجاد تصنيف واقعي وعلمي وبما يتناسب مع العمل الأهلي، متفقا مع ما دعا إليه الدكتور الصلاحي فيما يتعلق بتمييز ودعم الجمعيات الخيرية الاجتماعية التي تهتم بالتنمية المحلية في مناطق جغرافية معينة، معتبرا أن هناك إشكالية واختلالات كبيرة في هذا الجانب، وأن عدم وجود منظومة متكاملة لهذا التوجه أدى إلى عدم استيعاب عمل هذه المنظّمات سواء من قبل الوزارات المعنية أو المجالس المحلية برغم وجود نصوص في قانون السلطة المحلية، تدعو إلى تشجيع تأسيسها ودعمها إلا أن السلطات المحلية في كافة المحافظات لا تلقي أي اهتمام بواجبها ومهامها تجاه هذه المنظّمات في كافة الجوانب (الدعم المالي والعيني والبشري والتدريب والتأهيل وطريقة العمل والتنسيق) مضيفا: "تعتقد كثير من المجالس المحلية بأن هذه المنظمات مسؤولة عن نفسها، وبالتالي حتى الدعم المركزي الذي وزعناه على كافة المحافظات عام 2004 الخاص بالمنظمات الأهلية، ومن حينها وحتى اليوم وجدنا أكثر من 70 % من المحافظات لا زالت تقدّم لهذه المنظمات نفس الدّعم الذي أرسلناه عام 2004، ما عدا محافظتين أو ثلاث زادت في دعمها للمنظّمات، أما بقية أنواع وأشكال الدّعم لا أثر له، ولذلك يجب إيجاد رؤية ومنظومة متكاملة للوزارات ذات الطابع المركزي، خاصة وزارة التخطيط والتعاون الدّولي والمجالس المحلية فيما يخص التعامل مع هذه المنظمات وكيفية دفعها للأمام حتى تستطيع أن تقوم بأدوارها". لا تقوم بأدوارها وأكد صالح عدم وجود رؤية استراتيجية لمُعالجة الإشكاليات القائمة سواء فيما يتعلق بتمكينها وبناء قدراتها وتدريب كوادرها أو في مجالات الشراكة، لكنه يرى أن وزارة الشؤون الاجتماعية ليست المسؤولة عن كل ذلك، وإنما تتحمل جزءا منه، كما حددها القانون، أي المشكلة المتعلقة بالاختلالات القانونية وضعف الرقابة. ويضيف: "هناك أدوار فنية للوزارات الأخرى، ولكنها -للأسف الشديد- منذ صدور قانون الجمعيات عام 2001 وحتى الآن لا تقوم بأدوارها بالشكل المناسب والمطلوب بل إن بعضها تجهل دورها تجاه العمل الأهلي رغم أن كثيرا من القوانين حددت مهام الوزارات في مجالات معيّنة، فمثلا المجالات المتعلقة بالتنمية تعنى بها وزارة التخطيط والمجالات الحقوقية وزارة حقوق الإنسان والزراعية وزارة الزراعة، هم للأسف يعتقدون كغيرهم من عامة الناس بأن وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولة عن كل شيء وهذا غير صحيح، فالجوانب الفنية المتعلقة بالأنشطة التي تقوم بها المنظّمات ينبغي أن تمنح تصاريح نشاط من الوزارات ذات العلاقة، ونحن -كما قلت- مسؤوليتنا قانونية ورقابية وتقديم الدّعم بحدود ما تخصصه وزارة المالية، وما عدا ذلك ليست لدينا برامج ممولة من الحكومة ولا تنسيق مع وزارات ومؤسسات حكومية ليتكامل العمل لمصلحة العمل المدني ،خاصة وأن الحكومة تؤكد في كل وثائقها وخططها وهذا يحسب لها- أن العمل المدني والمؤسسات الأهلية شريك، لذا الرؤية واضحة للحكومة وتوجد إستراتيجية ورؤية واضحة على مستوى الحكومة، ولكن الإشكالية تتم على مستوى التنفيذ بما يخدم الشراكة مع هذا القطاع وفاعلية رفع أداءه كشريك وبما يُساعد على تعزيز بنائه المؤسسي والفني، وبحيث ينعكس إيجابيا على المجتمع المدني الذي ننشده، والذي لن نصل إليه في ظل الاختلالات التي يعيشها إلى جانب مصاعب أخرى سياسية وحزبية بمعنى نقل الأمراض الحزبية وتدخلات الأحزاب التي ما زالت حتى الآن تؤثر سلبا على العمل الأهلي وتُمارس دورا تخريبيا لهذا العمل". جدل القانون وأشار صالح إلى أن العمل باللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات سارٍ وأنهم عندما يرون أن بعض النصوص تتعارض مع القانون يفضلون تطبيق القانون لمصلحة العمل الأهلي، وأن هناك بعض الإشكاليات في قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 1 لعام 2001 وأن الوزارة اقترحت تعديل بعض مواده وأقرّتها الحكومة، وهي بحدود 12 أو 13 فقرة فقط، وبانتظار مناقشتها في مجلس النواب، وأنها تعديلات ذات أهمّية لتصحيح بعض الاختلالات وتستهدف خير ومصلحة العمل الأهلي. مضيفا: "منها ما يتعلق بالتمويل الخارجي، فلا بُد من ضبط هذا التمويل للمصلحة العامة، والضوابط الموجودة تهدف إلى حماية مصالح أعضاء الجمعيات وحقوقهم، بحيث يستفيد الجميع من الدّعم، وليس أفرادا معينين، ويجب أن يستوعب التمويل الخارجي أن هناك محافظات بحاجة إلى موارد وتطوير العمل الأهلي، إلى جانب الحفاظ على هذه الموارد من التبديد والإهدار والفساد داخل هذه المنظّمات، ولم تتناول التعديلات أي مساس بجوهر العمل المدني الأهلي وحُريته وحقوقه". وأشار إلى أنه وبرغم ذلك أثير جدل كبير حول هذه التعديلات وتم تشويهها من قبل بعض المنظّمات الحقوقية التي لا تتجاوز أصابع اليد، منوها بأن بعض المنظّمات الحقوقية تتجاوز المصالح الوطنية نحو المصالح الفردية والشخصنة وتتلقى في المقابل دعما من بعض المنظمات الدولية، خصوصا وأنها استغلت الميزة الديمقراطية للقانون النافذ بصورة سيّئة. تطوير العمل الأهلي! ويؤكد صالح أن تطوير العمل الأهلي بشكل عام والجمعيات الخيرية بشكل خاص يتطلّب تطوير التشريعات والقوانين لمصلحة العمل الأهلي بعيدا عن المزايدات السياسية والحزبية وإعادة صياغة بعض اللوائح الداخلية بما ينسجم مع الواقع الحقيقي إعادة النظر في العمل بالآليات الحكومية الحالية، وكذا الآليات التشريعية ممثلة بالبرلمان كونها لم تعد مجدية ومعيقة نتيجة التطويل والتأخير في إصدار التشريعات، كما هو حال التعديلات الأخيرة لقانون الجمعيات، وكذا التنسيق بين الأجهزة الحكومية وأن تطبّق الوزارات والمؤسسات رؤية الحكومة للعمل الأهلي كشريك وتتفهم أن لها أدوارا رئيسة فنية حددتها القوانين وأن تلتزم بواجباتها فيها كما هو حال تخفيض تعرفة الكهرباء والمياه على هذه المنظّمات إلى أقلّ من 50 % عن الشريحة المنزلية، والتي ترفض وزارتا الكهرباء والمياه تنفيذه رغم مرور 10 سنوات منذ صدور القانون، مؤكدا ضرورة تطبيق قرارات مجلس الوزراء الصادرة عام 2010 الخاصة بهذه المنظّمات والمتعلقة بالإعفاءات والدّعم واللوائح الداخلية والمسوحات وغيرها، والتي لم تعكسها الجهات ذات العلاقة في موازناتها للعام 2011، وما عكسناه نحن في وزارة الشؤون رفضته وزارة المالية. داعيا وزارة التخطيط إلى تنظيم عملية توفير الموارد والتنسيق مع وزارته فيما يخص الموارد المطلوبة لدعم العملية التدريبية والتأهيلية والفنية وتدريب الكادر الإداري في هذه المنظّمات وقياداتها وكذا الكادر الحكومي وتطوير الإدارة الحكومية خصوصا وأن كثيرا من الأشخاص ما زال فكرهم المدني محدودا وقاصرا تجاه العمل المدني، وأن تكثف الصناديق والمؤسسات والمشاريع الحكومية أنشطتها التأهيلية والتدريبية والمؤسسية على غرار ما يقوم به الصندوق الاجتماعي للتنمية. وأضاف: "يجب تنفيذ توجيهات فخامة رئيس الجمهورية المتكررة منذ سنوات بدعم ومساعدة العمل الخيري والأهلي، وعلى الحكومة أن تقف أمام تقارير سنوية عن أداء هذا القطاع وتُساهم في توفير مقوّمات وشروط تطوير أدائه وعلى الأحزاب والتنظيمات السياسية أن تُساهم في النهوض به كأن تُساعد في التدريب مثلا، وأن تكون العلاقة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والمنظّمات متبادلة وليس على خلفيات العمل السياسي والحزبي، وعلى هذه المنظّمات الالتزام بالقانون وتنفيذ النصوص بعقلانية والابتعاد عن الانتقائية لا أن تأخذ القانون عندما يكون لمصلحتها وتبتعد عنه عندما لا يكون لمصلحتها، كما هو حال المنظّمات الحقوقية الأكثر مشاغبة وتعريض الوطن لمخاطر". قاعدة البيانات وطالب صالح المجالس المحلية بأن تقوم بدورها تجاه العمل التعاوني، واعتباره عاملا مساعدا وشريكا للحكومة في التنمية، كما طالب بنشر النماذج الأهلية الناجحة وتكريم روادها من خلال تبنِّي جائزة سنوية لأفضل عشر منظّمات أهلية بارزة خلال العام بناءً على تقرير مفصّل عن أداء المجتمع المدني واستكمال قاعدة البيانات في وزارة العمل بحيث تشمل كافة المحافظات وليس خمس محافظات، كما هو قائم. وبين أن القطاع الخاص لا زال دوره ضعيفا أو لا وجود له فيما يتعلق بالعمل الخيري والأهلي باستثناء استشعار بعض الشركات والمجموعات التجارية لمسؤوليتها الاجتماعية والتي قامت بتأسيس مؤسسات خيرية لتقديم الخدمة الاجتماعية للمجتمع من خلالها مطالبا هذا القطاع بالقيام بدوره بالشكل المطلوب والمساهمة في تدريب كوارد هذه المنظّمات بالتنسيق مع وزارة العمل وتمويل الأنشطة المطلوبة، وكذا المساهمة بمنح جائزة لأفضل منظّمة خلال العام كجزء من مسؤوليته الاجتماعية. صحيفة السياسية