عضو مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يلتقي قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث والمؤرخ الإسلامي علي الذيب: معالم تاريخية يمنية تتعرض للطمس حتى اليوم
نشر في سبأنت يوم 19 - 04 - 2011

شغله الشاغل البحث عن المعالم والآثار التي تشهد على أن تاريخ اليمن مشرق على مر العصور، تعرض لوعكة صحية شديدة بعد أن هدم أحد المعالم التاريخية ليدخل بعدها إلى أحد مشافي الدول العربية لتلقي العلاج، يحاول الإعداد لموسوعة توثق "الصفحات المشرقة" من التاريخ اليمني، ويؤكد مرارا أن اليمن بلد موحد منذ الأزل... إلى تفاصيل الحوار مع مستشار وزارة الثقافة والعضو المؤسس وعضو مجلس أمناء مركز اليمن للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) الباحث في التاريخ الإسلامي علي جار الله الذيب:
* لو تعطونا نبذة عن مسيرتكم في البحث التاريخي؟
- يسعدنا كثيرا أن نرى شبابا مهتمين بتاريخهم ومحاولة استجلاء الجوانب المشرقة في هذا التاريخ ومن ليس له ماض ليس له حاضر ويصبح الإنسان بدون تاريخ وإن كنت تراه ضخما إلا أنه كالطفل لا ذاكرة له، وكذلك الشعوب التي تجهل تاريخها فإنها لا تستطيع أن ترى وتعرف حاضرها ولا تستطيع أن ترسم ملامح مستقبلها. ونحن إذا جئنا إلى تاريخنا فإن هناك جوانب مشرقة وحضارية كثيرة جدا للأسف تم إهمالها في كثير من الحالات ولم نعلم من تاريخنا حتى ما يدرس لنا ولأجيالنا في مناهج التعليم إلا أننا كنا نخوض حروبا وصراعا وقتالا وأخفيت علينا أشياء عدة.
حتى حضارات سبأ وحمير كانت عبارة عن حضارات مجزأة ومقسمة ولا نعرف في تاريخنا السبئي والحميري إلا أنه كان صراعا وحروبا وكأنه لا يوجد لهذا الشعب جوانب حضارية مشرقة مع أن العكس هو الصحيح فعندما نفتش نجد أن تاريخنا على مستوى اليمن أو التاريخ العربي والإسلامي فإن ذلك يعتبر جانبا مشرفا وخصوصا في الجوانب الحضارية التي أغفلت من كثير من الباحثين وهذا ما حاولنا ونحاول استجلاءه، الجانب المشرق للتاريخ اليمني.
* وما سر اهتمامك بالتاريخ؟
- كما سبق وقلت التاريخ ذاكرة الشعوب والأمم وقالوا:
ومن لم يع التاريخ في صدره لم يدر حلو العيش من مره
فمهمة التاريخ ومعرفته رفع الروح المعنوية عند الفرد فهذه الروح المعنوية تكون مقتولة عندما يجهل الفرد ماضيه أو تاريخه وكم ترتفع الروح المعنوية عندما يعرف حقيقة ماضيه، وأعداء الأمة العربية والإسلامية جهلونا وأنسونا أننا كنا إلى وقت قريب سادة العالم وقادته وأنه إلى بداية القرن العشرين ولنا دول لا تغيب عنها الشمس وكيان سياسي موحد ملأ سمع العالم وبصره. أنسونا وسمونا العالم الثالث مع أننا إلى وقت قريب كنا العالم الأول أنسونا كل تلك الحقائق وجعلونا بتشويه التاريخ نشعر بل وأشعرونا من خلال تاريخهم المزيف وما دسوه علينا من تشويه للتاريخ أن تاريخنا عبارة عن حروب وقتال وصراع –كما سبق وقلت- ولسنا بناة حضارة وأنه ليس لنا أي دور حضاري مع أننا موجودون كأمة واحدة موحدة لها كيان سياسي واحد الذي كان ممثلا في دولة الوحدة والخلافة الإسلامية العثمانية التي تم التآمر عليها بداية القرن العشرين في الحرب العالمية الأولى ومن تحالف مع الأعداء من العلماء وتم القضاء على هذا الكيان السياسي ومزقونا إلى دويلات متناحرة وأفهمونا أنه ليس لنا حضارة وتاريخ مع أن آثارنا موجودة وشاهدة على عظمتنا إلى اليوم. ولك أن تلاحظ أن أكثر من 40 مليون سائح يسافرون إلى اسبانيا (وهي "الأندلس") ليرون معالم حضارة الإسلام، كذلك في الهند والبلقان وجمهوريات آسيا الوسطى. تلك المعالم التي تشهد على عظمة هذه الأمة وحضارتها وإذا أردت أن تتعرف على حضارة أمة عليك أن تنظر إلى آثارها.
* يقال إنك بدأت ممارسة مهنة البحث التاريخي وأنت في عمر 14 سنة، فما الذي جنيته من مسيرتك البحثية؟
- الحقيقة بعد أن درسنا المراحل الدراسية الأولى في بداية السبعينيات وبدأنا نعي وندرك أنه ما كان يدرس في تاريخنا سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الإسلامي لا نعرف من تاريخنا إلا أنه كان حروبا وصراعا وقتلا ولم نعرف شيء عن الجوانب الحضارية ثم بعد أن بدأت أتابع وأدرك تساءلت هل كان تاريخنا بالفعل بهذا الشكل المزري لأنه عندما نقرأ التاريخ بهذا الشكل كأنه ليس لنا أخلاق أو قيم أو دين أو حضارة. أين الجوانب الحضارية؟! فبدأت أبحث فإذا بي أكتشف عكس ذلك أنه كان لنا جوانب حضارية في جميع مراحل التاريخ سواء على مستوى اليمن خصوصا أو الأمة عموما وما تزال شواهدها وآثارها دالة إلى اليوم.
* كثيرا ما ركزت على الشواهد الحضارية...ما هي هذه الشواهد؟
- كثيرة ويغفل عنها كثير من الناس حتى عندما تقرأ التاريخ تلاحظ أنه يتم التركيز على الجانب السياسي والعسكري أكثر من الجوانب الحضارية وهي التي للأسف كثير من المستشرقين الغربيين يبحثون عنها وإن كانوا يقرؤون تاريخنا بصورة مغايرة بغرض الدس والتشويه وبدأنا نعتمد على كثير من أطروحاتهم مع أنها مغايرة للحقيقة. هذه الجوانب الحضارية تتمثل في القصور والمعابد والآثار الموجودة من أيام سبأ وحمير وهي تدل على عظمة وإذا كان القرآن الكريم يشهد وينطق في هذا الشأن قال تعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية}، وهذا المسكن فقط غير الجنتين، فالمسكن آية، والآية هي الشيء الذي يجب أن يتوقف عنده الحس والعقل للتأمل والتدبر؛ عندما تجد ارتفاع العمود أكثر من 12 مترا تجد هذه العظمة وهي بشكلها الراهن اليوم فكيف كانت في عهودها الأول ليس غريبا أنه تحتاج إلى بحث وتنقيب حتى نستجلي عظمتها. كما نجد أيضا القرآن الكريم يشهد أن هذا الشعب بنى أعظم حضارة في التاريخ، تجد أن قوم عاد وهم قوم نبي الله هود المقبور في حضرموت الذين قالوا: {من أشد منا قوة}، والذين ذكروا في القرآن الكريم: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد..إرم ذات العماد..التي لم يخلق مثلها في البلاد}. ولها وصف عجيب في التاريخ ليس هذا مجال تفصيلها. هذا على المستوى القديم. وهناك كثير من الشواهد أما في جوانب الحضارة الإسلامية فكم من الشواهد التي تدل على العظمة والجوانب المشرقة للتاريخ الإسلامي. في الدول التي حكمت اليمن وآثارها وما خلفوه كالتي في صنعاء أو في الجند، والطاهريون وما خلفوه في زبيد، والأيوبيون والرسوليون هذه الدول التي حكمت اليمن وآثارها منتشرة في اليمن وما تبقى منها يري عظمة وحضارة وعقول تلك الدول والأشخاص الذين حكموا اليمن في تلك الفترات الموغلة في الزمن.
* بما تحدثت به، هل تعتبر نفسك رسولا لكشف الحقيقة وجئت تبشر الناس بأنه كان لليمن حضارة وتاريخ تم طمسها وتحاول الآن بعثه من جديد؟
- ما يحز في النفس أننا نجد كثيرا من البلدان تهتم بتاريخها وبمعالمها التاريخية والحضارية لما يمثله ذلك الإرث وخصوصا الآثار والمعالم التاريخية وزيارتها المباشرة للنفس البشرية من إعطاء انطباع حاضر فهو ليس للقراءة، فعندما تزور الآثار مباشرة يبلغ في نفسك وترى العزة والكرامة تستطيع أن تكتشف من جوانب الإبداع مالا يتيسر للشخص في الكتب أو القراءة النظرية.
* وتعتبر نفسك مبشرا بهذه العزة والكرامة والتاريخ؟
- أنا أعتبر نفسي أنني أدعو أبناء اليمن خصوصا والأمة عموما إلى أن يعتزوا بتاريخهم، هذا أولا، وأن يبحثوا عن حلقاته المفقودة المشرقة وأن يتتبعوا جوانب التاريخ والجوانب الحضارية لأمتهم وهي كثيرة في جميع المجالات وعلى جميع المستويات وشهادة الغرب أنفسهم أنهم يدينون إلى اليوم في كثير من العلوم التي ابتكروها وطوروها للعلماء العرب والمسلمين حتى اليوم وباعترافهم.
* وهل كشفت آثارا ومعالما وبلغت بها الجهات المعنية للتنقيب عنها؟
- نعم في مناطق كثيرة في حدة القديمة، وارتل، وحتى في صنعاء القديمة.
* وما هي معالم هذه الآثار؟
- قصور ومساجد، وستجدها لدى الجهات المختصة.
* ما الذي جنيته من عملك في البحث التاريخي؟
- الحقيقة أن الذي جنيته وإن كنت تقصد الجانب المادي فأنا إلى الآن لم أطرق هذا الباب أبدا بل إنني من خلال أبحاثي التاريخية التي أعتمد فيها على الصورة والوثيقة أو أذهب إلى المكان الأثري وتصويره وتوثيقه بما أمكن وكل ذلك بجهد شخصي ورغم أن ذلك يكلف جهدا ووقتا ومالا إلا أنني أجد المتعة والسعادة وأنا أبحث عن المعالم الحضارية التي أرى أنها مراكز إشعاع للأجيال القادمة والتي تخلق الفخر والعزة والعظمة بماضينا لنحاول فهم حاضرنا ونرسم ملامح مستقبلنا فان هذا الجهد في هذا الجانب يكفيني أني جنيت المتعة التي أستطيع أن أقول لك إنها تغمر نفسي وأنا أبحث عن معالم وكنوز أمتي الحضارية إلى جانب الشيء الآخر مما استطعت أن أنشره وأطلع عليه الناس ووقفوا أمامه مشدوهين ويكفيني فخرا الثناء الحسن والذكر الطيب عند كثير ممن كشفنا لهم الجوانب الحضارية التي تشهد على صحة ما نقوله بأهمية إبرازها وتعريفها للأجيال.
* ألم تطلب مساعدة من أحد أو جهة أو منظمة لمساعدتك لإنشاء مركز يوثق ما تقوم به من أعمال بحثية؟
- الحقيقة أين أتمنى أن يكون هناك مركز تخصصي لجمع وتوثيق المعالم والآثار التاريخية ونتمنى أن يتم ذلك ونرجو الله أن يهيئ الأمور لأن يتم إنشاء مثل هذه المراكز المتخصصة والتي لا شك تحتاج إلى دعم مؤسسي. لكن حتى الآن أصدقك القول إن كل ما أقوم به جهد شخصي ولم نتلق أي دعم مادي من أي جهة رسمية ولا شعبية اللهم إلا الدعم المعنوي من بعض الجهات أو الشخصيات.
* يقال إنك أدخلت أحد المستشفيات لتعرضك لوعكة صحية شديدة بعد أن تم هدم أحد المعالم الآثارية...هل هذا صحيحا؟
- الحقيقة أني لم أكن أتصور أن يأتي من يسألني عن هذه الحادثة بعد مرور أكثر من عشر سنوات هذه الحادثة وبالتحديد عام 99 عندما تعرضت بعض المعالم التاريخية في صنعاء للهدم وهذا المعلم كان له قيمة تاريخية وأثرية وحضارية لكن للأسف أهمل وتم هدمه وبصورة عشوائية ومن جهات كان يفترض لو كان هناك مساءلة حقيقية أن توجه إليها المساءلة والاتهامات في هدم مثل هذا المعلم الأثري.
* وما هو هذا المعلم الأثري؟
- يتمثل هذا المعلم في أحد القصور الإسلامية الذي أنشئ داخل صنعاء والذي كان مقرا لحكام اليمن من العهد الرسولي إلى نهاية العهد العثماني هذا المكان هو ما كان يعرف بالقصر السلطاني في شرارة الذي هو حاليا ميدان التحرير وهذا القصر هو الذي مكانه ما يعرف حاليا بمدرسة جمال جميل والوحدة في ميدان التحرير التي لم يتبق منها سوى البوابة والمكتبة والنافورة، لقد كان هذا القصر السلطاني الذي كان يسكن فيه حكام وولاة اليمن إلى نهاية العصر العثماني، للأسف هو تحول في عهد الإمام يحيى إلى مدرسة عرفت ب"المدرسة العلمية" لتدريس المذهب الهادوي، ثم بعد ذلك أصبح مقرا للأيتام حتى تهدمت أجزاء منه لكن تم الإجهاز عليه بعد أن بيعت أكثر المساحات المحيطة به؛ هذه البيوت والمحال التجارية الحالية مأخوذة من بستان القص كاملة وتبقى فيه مكان القصر والبوابة وللأسف تم هدمه ليلة عيد الأضحى في شهر مارس 99 وكان تحت القصر المسجد الذي ينزل إليه الوالي من سلم خاص لتأدية الصلاة جماعة مع الجند والأفراد وكان هذا المسجد صالحا وكان يصلي فيه الطلاب لكن تم هدمه على محتوياته في ليلة عيد الأضحى عندما كان الناس في إجازة من قبل جهات في الحكومة، تعرضت بعدها لوعكة صحية شديدة أسعفت إثرها إلى الأردن للعلاج.
* ومن هي هذه الجهات؟
- مكتب التربية والتعليم بالأمانة حسب ما قيل في حينها، على كل، هذا المكان كان يجب أن يظل من المعالم البارزة للحضارة الإسلامية في اليمن والذي لو سئلنا عن مكان حكام اليمن قبل الأئمة فلن يجيبك أحد أو يستطيع أن يدلك أو حتى أن يخبرك من كان يحكم اليمن قبل الإمام يحيى أو "الأئمة بشكل عام". وهنا تجد أنه إذا أردت أن تعرف مدى التجهيل الذي أصيب به اليمنيون فاسأل هذا السؤال للخاصة وليس العامة: "ما اسم حاكم اليمن قبل الإمام يحيى قبل ثمانين سنة".
* يعني أنت تحمل الأئمة مسؤولية طمس تاريخ ما قبل حكمهم؟
- حقيقة الأئمة عملوا أشياء كثيرة وطمست أشياء كثيرة في عهدهم لكنا نرى أن بعض المعالم تطمس الآن في عهد الانفتاح ومعرفة قيمة الآثار والأماكن التاريخية. يا أخي إذا كان الغير يحافظ على أشياء بسيطة ويقوم بترميمها وتطبع لها الدعايات فكيف بنا ونحن نملك كنوزا كثيرة يمكن أن تدر علينا أموالا هائلة.
* وهل هناك معالم أخرى تم طمسها؟
- نعم هناك معالم أخرى تعرضت للهدم مثل: الطاحون السلطاني في حدة الذي كان يعمل بواسطة الماء وتم بيعه لأحد الأشخاص من قبل مصلحة الأراضي حسب الوثيقة التي عرضها علينا، وكذلك قصر البليلي في الروضة. هذه المعالم الأثرية حقيقة يحز في النفس أن يتم هدمها.
* أغلب أعمالك البحثية تركز على الوجود العثماني في اليمن...ما سبب ذلك؟
- يعود ذلك لما أحدثه العثمانيون لليمن ونستطيع أن نركزها في أربعة محاور هي: أنهم صدوا عن اليمن هجمات الأعداء والطامحين، الأمر الثاني هو تحصين وحماية المدن والجزر اليمنية كاملة وما من مدينة أو جزيرة إلا وترى القلاع والحصون التي ما تزال شاهدة على عظمتهم إلى اليوم، الشيء الثاني هو توحيد اليمن تحت قيادة واحدة بعد أن كان ممزقا، الشيء الرابع إحداث بوادر النهضة الحديثة لليمن في جميع المجالات.
* وماذا عن مقولات أن العثمانيين مستعمرون واستباحوا آثار الدول ونقلوها إلى اسطنبول؟
- أقول بصراحة العثمانيون بشر يصيبون ويخطئون كبقية الناس ولهم سلبيات وايجابيات لكن يكفي أنهم فاتحون لنص حديث الرسول: "لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش". ورغم محاولات المسلمين من خلال 12 محاولة لفتح القسطنطينية إلا أننا نرى بشارة الرسول لم تتحقق إلا بعد اكثر من 850 سنة أي سنة 857ه، حيث افتتحت القسطنطينية على يد سلطان الدولة العثمانية ال37 محمد الفاتح، وذلك فالعثمانيون فاتحون وليسوا مستعمرين كما يطلق عليهم الاستعمار الأوربي وجهلة التاريخ من أبناء المسلمين.
* ألا يعتبر مشاركة جدكم الحسن بن الذيب الهمداني في آخر الفتوحات الإسلامية في العهد العثماني وتعيينه باشا من قبل السلطان العثماني في ذلك الوقت سببا وراء اهتمامك بالتعمق في البحث عن آثار العهد العثماني؟
- طبعا بني الذيب معروف أنهم من أشهر القبائل اليمنية والأسر الهمدانية وما تزال لهم مكانتهم وإسهامهم النضالي في الوطن فلا شك أن هناك مرسوما سلطانيا مازلنا محتفظين به حتى اليوم وهو ضمن ما وجد ضمن وثائق الأسرة ويكشف جانبا مهما من تاريخ اليمن وهو مؤرخ بتاريخ 991ه، من أيام السلطان مراد الثالث وينص على تعيين أحد اليمنيين قائدا للجيش الإسلامي في البلقان وبلاد المجر والبوشناق وهذا الشخص يعرف في كتب التاريخ ب"حسن باشا الهمداني" واسمه الكامل الحسن بن الذيب الهمداني وحصل على درجة "الباشوية".
* أليس من يحصل على لقب "الباشا" يعتبر تركيا؟
- "الباشوية" تعتبر أعلى رتبة في الدولة العثمانية في ذلك الوقت وهي تساوي رتبة "مشير" حاليا، ولا تعني كلمة باشا أن الشخص تركي أو عثماني لأنها تطلق على كبار رجال الدولة في ذلك الوقت وكثير من الأسر اليمنية تحمل هذا اللقب. لكن هذا يكشف جانبا مهما من تاريخ اليمن وهو أن اليمنيين شاركوا في الفتوحات الإسلامية في أوربا وغيرها وحتى آخر الفتوحات الإسلامية وكما قلت المرسوم يمثل تلك المشاركات التي تكلم عنها كثير من وسائل الإعلام والمؤرخين والعلماء خصوصا أيام أزمة كوسوفا والبوسنة والهرسك للتدليل على مشاركة اليمنيين في الفتوحات الإسلامية حتى آخر لحظة.
* تعدون حاليا لإصدار موسوعة تاريخية مصورة ... ما مضمونها؟
- حقيقة هذا مشروع معد ضمن خطة مستقبلية ليست جاهزة الآن، ولكن نأمل إنجازها في القريب العاجل، وستشمل جميع الأبحاث المصورة التي نعمل على إعدادها في جميع المجالات كعظماء اليمن الذين صنعوا التاريخ من الفاتحين والصحابة وعلماء السير والفقه وغيرهم، وكذلك المعالم التاريخية والحضارية أو ما نسميه معالم العصور الذهبية في تاريخ اليمن وهي كثيرة ومنتشرة كذلك دور اليمن في الفتوحات الإسلامية وهذا المشروع ضخم ويحتاج إلى إمكانيات دولة وليس شخص وهو ما نتمنى من الجهات المختصة والملحقيات الثقافية بسفاراتنا في الخارج بزيارة المعالم التاريخية والبحث عن معالم اليمنيين وتزويدنا بها، أيضا ستتضمن الموسوعة بحوثا عن "معالم الحضارة الإسلامية في اليمن وعظمتها المجهولة من (القرن الأول إلى القرن ال14 الهجري)، أيضا هناك شواهد النهضة اليمنية في العهد العثماني ومعالم بداية عصر النهضة الحديثة في اليمن وكذلك صنعاء في التاريخ والحضارة.
* كلمة أخيرة؟
- أدعو كافة أبناء اليمن أن ينظروا إلى الصفحات المشرقة في تاريخهم، ولا يلتفتوا إلى ما تم تشويهه من قبل بعض المستشرقين الغربيين والمتأثرين بهم.
نقلا عن صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.