أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى !    وقفتان مسلحتان في مديرية الصافية استمراراً لنُصرة الشعب الفلسطيني    تعاون الأصابح يخطف فوزاً مثيراً أمام الشروق في بطولة بيسان الكروية 2025    إيران تفوز على غوام في مستهل مشوارها في كأس آسيا لكرة السلة    المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بيانًا هامًا    مجلس القضاء: المطالبة بتحسين الأوضاع ليس مبررا لتعطيل العمل بالمحاكم    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    وزير التجارة يكشف في حوار مع "الصحوة" إجراءات إنعاش الريال ويعلن عن حدث اقتصادي مرتقب    القوائم النهائية للمرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025    قبيل مشاركته بكأس الخليج.. التعديلات الجديدة في قانون التحكيم الرياضي بمحاضرة توعوية لمنتخب الشباب    ترتيبات لاقامة مهرجان زراعي في اب    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    البخيتي يحذر من صراع عربي - عربي .. هذه اولى حلقاته!    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    هائل سعيد أنعم.. نفوذ اقتصادي أم وصاية على القرار الجنوبي؟    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    مجموعة تجارية خاصة جدا يجب أن تكون معاملتها وفقا لأحكام القانون    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    عساكر أجلاف جهلة لا يعرفون للثقافة والفنون من قيمة.. يهدمون بلقيس    إصابة 2 متظاهرين في حضرموت وباصرة يدين ويؤكد أن استخدام القوة ليس حلا    حتى لا يحتضر السياسي الاعلى كما احتضر البرلمان    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    محاضرات قانونية بالعاصمة عدن لتعزيز وعي منتسبي الحزام الأمني    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    سون نجم توتنهام يصبح أغلى صفقة في الدوري الأميركي    خسارة موريتانيا في الوقت القاتل تمنح تنزانيا الصدارة    آسيوية السلة تغيّر مخططات لمى    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تنعيان الشيخ محسن عطيفة    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صحيفة بريطانية : إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    بسبب خلافات على الجبايات.. قيادي حوثي يقتحم صندوق النظافة في إب    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث الأستاذ علي جار الله الذيب ل«أخبار اليوم»: لقد حافظ العثمانيون الأتراك على الإسلام وعلى الأمة طيلة سبعة قرون
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 06 - 2007

في حوار يكشف عن مدى الظلم والاجحاف الذي لحق بالخلافة العثمانية من كتبة الاستشراق وعملاء الاستعمار ومكرسي التخلف ومزوري التاريخ، نسلط الضوء مع الباحث أ/ علي جار الله الذيب على حقبة من الزمن عاشت فيها اليمن أفضل عصورها وشهدت أعظم المنجزات واضخمها التي لم يرق للحكم الإمامي البغيض بقاؤها شامخة لتكون شاهداً على ما حققته الامبراطورية العثمانية الإسلامية تلك «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» فسعى إلى تكريس التخلف والتقهقر والرجعية في كافة المجالات تجهيلاً وديكاتورية واستبداداً، وفي هذا الحوار أيضاً يزيل الباحث- الذيب- الستار عن كثير من القضايا الهامة التي تحتم على كل باحث عن الحقيقة التوقف عندها وفهم معانيها بلغة تاريخية وثائقية تدمغ الشبهات والأكاذيب الاستعمارية والإمامية الحاقدة فإلى نص الحوار:

ماذا يعني لك التاريخ؟.
- اولاً نرحب بكم وبصحيفتكم وقرائكم الكرام. . اما بالنسبة لسؤالك، فالتاريخ هو ذاكرة الشعوب وهو وقود الحاضر واستلهامات المستقبل، فالأمة التي لا تاريخ لها لا حاضر لها ولا مستقبل لها ودائماً ما اضرب لذلك مثلاً عن أهمية معرفة التاريخ فلو أن هناك شيخاً كبيراً وسلطاناً او اميراً له بيوت واملاك فجاءت عصابة واستولت على جميع الأملاك وقتلت الأسرة جميعاً ولم تبق إلا على الأطفال الصغار وقاموا بتزوير وثائق الأملاك والاوراق ليكون كل شيء باسمهم، فكبر هؤلاء الاولاد وبدؤوا يدركون ويتساءلون: من نحن؟ اولاد من نحن؟ فأجاب زعيم العصابة الساكن في قصرهم: أبوكم كان خادماً في القصر وقد انتهت اسرتكم جميعاً ونحن ننفق عليكم ونربيكم ونعولكم إحساناً وتفضلاً. فكبروا على هذه النفسية أنهم ابناء الخادم، فهل تتصور أن احداً منهم يستطيع ان يرفع صوته او يفكر في ايذاء اصحاب البيت وهو يشعر أنهم اولياء نعمته حتى لو رأى أكبر منكر يحدث امامه.
ولكن لو جاء من يخبرة بالحقيقة التي تقول إن القصر قصركم والاملاك هي املاككم وهؤلاء ما هم إلا عصابة استولت على حقكم الشرعي بعد أن اجرمت في دماء ابيكم وامكم. فيكف تتصور أن تكون نفسيته؟ لن ينام حتى يستعيد حقه. وهذه هي قصتنامع التاريخ؛ لقد جهلونا في تاريخنا حتى نعيش بنفسيات أبناء الخادم لا أبناء الفاتح البطل الخَيّر. انسونا أن لنا دولة عظمى حتى بدايات القرن العشرين وقد كنا العالم الأول لا العالم الثالث ولا الرابع ولا الخامس ولا العاشر، كان لنا دولة لا تغيب عنها الشمس.

استمعت إليك في محاضرة سابقة وقد طوفت بنا في أنحاء ذلك المجد المضيع والنجم الآفل، وكثير من الحاضرين سالت دموعهم لما قلتموه واوردتموه. . ماذا كانت تعني دولة الخلافة العثمانية للعالم الاسلامي ولليمن على وجه الخصوص حيث نسمع أنها كانت دولة احتلال ونهب لخيرات الشعوب ومنها الشعب اليمني بطبيعة الحال؟ كيف تردون على هذا الكلام؟.
- اولاً اريد ان اوضح ماذا تعني دولة الخلافة؛ هي دولة الوحدة الاسلامية الكبرى، والمسلمون عبر التاريخ وإلى قبل ثمانين سنة بل حتى إلى خمسينيات القرن العشرين لم يكونوا يعتقدون الا انه يجب ان يكون للمسلمين دولة واحدة موحدة، هذا هو فهم المسلمين منذ ان ارسى هذا الفهم مؤسس الدولة الأولى صلى الله عليه وسلم إلى ان سقطت الخلافة في ذلك اليوم المشئوم في أشأم يوم في تاريخ الأمة الا وهو يوم 1924/ 3/3 بعد ان استمرت الخلافة 1343 سنة اي من سنة واحد هجرية إلى سنة 1343ه/ 1924م تاريخ سقوط آخر كيان سياسي موحد للازمة الاسلامية المتمثل في الخلافة الاسلامية العثمانية.
يقول الاستاذ/ محسن عبدالحميد -استاذ التاريخ الاسلامي في جامعة بغداد سابقاً - :لو أن العثمانيين الأتراك تصدوا فقط لغارات الصليبيين ومنعوهم من الوصول إلى البلاد العربية لكان ذلك أدعى بأن يدين لهم العرب بالولاء وحسن الثناء فما بالك أنهم تسلموا الراية واخذوا يطاردون الأوروبيين إلى عقر دارهم حتى حاصروا روما وفينا عاصمة النمسا وكادوا أن يفتحوها لولا المؤامرة التي تمت في القرن السادس عشر وقام بها الصفويون في ايران والممالك في مصر مما جعل الفتح الاسلامي لأوروبا يتوقف فقد كانوا يريدون أن يفتحوا أوروبا بأكملها ويستردوا الفردوس المفقود «الأندلس- إسبانيا حالياً».

ما الذي جعلكم تختارون هذا الموضع بالذات؟.
- مسألة التشتت والتمزق الذي نعيشه استفزتني كثيراً مما جعلني ارجع وأسأل نفسي: هل لنا حضارة عبر التاريخ ام ان تاريخنا هو قتال وصراع وحروب، ومن بين الإحباط بحثت فوجدت عكس ما يقال وما يشاع، لقد بحثت عن الجوانب المشرقة المضىئة؛ الجوانب الحضارية وجوانب الوحدة والتوحيد فوجدت ان الأمة كانت موحدة على مدى 1343 سنة كما ذكرنا مع وجود نتوءات وبروز لبعض الدويلات التي كانت تظهر هنا وهناك لكنها غير شرعية في نظر المسلمين، وقد ظهر الأتراك العثمانيون موحدين للأمة طيلة شتة قرون كاملة ووصلت راياتهم إلى اقصى مكان في اواسط اوروبا، وقد كان ظهورهم حينما تخلى العرب عن رسالتهم السماوية تبليغاً ونشراً وجهاداً، لقد حافظ العثمانيون على الاسلام وعلى الأمة طيلة الفترة التي ذكرناها.

على ماذا اعتمدت في بحثك وضح لنا بإيجاز مجهودكم الذي قمتم به؟.
- لم اكتف في بحثي على نقولات وشواهد من كتابات الغير فقط بل سعيت للحصول على الوثيقة والصورة من أماكنها المختلفة على خارطة الوطن الاسلامي الكبير وهذه تتطلب جهداً ووقتاً ومالاً، وقد استطعت ان اجمع الكثير من الوثائق والصور بل وأطلع على الشاهد عينه وفي مكانه، فقمت بالعديد من الأسفار والرحلات إلى الكثير من البلدان؛ فقد سافرت اكثر من مرة إلى تركيا وإلى مصر والشام بلاد الحرمين وغيرها وذلك بمجهود شخصي، وأنا أجد المتعة والراحة الكبيرة وأنا اعثر على كنوز امتي المهال عليها التراب إن عمداً وان قدراً وفي الاغلب الأعم اهيل عليها التراب عمداً بل اصبحت تلك الكنوز غوراً بعيد المنال في باطن الأرض بفعل من تعرفون من اعداء الداخل والخارج.

ماذا عن اسباب مجيء الاتراك العثمانيين إلى اليمن، هل هي رغبة في الاحتلال وضم اراضينا كجزء من استراتيجية التمترس والتخنذق في مواجهة الأوروبيين الصليبيين ام غير ذلك ؟.
- الخلافة العثمانية قد دانت لها الأمة العربية والاسلامية رمزاً واحداً وحيداً للمسلين سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
وقد جاءوا إلى اليمن المرة الأولى في القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي والمرة الثانية في القرن التاسع عشر الميلادي.
وقد كانت اليمن تتعرض لغزو صليبي اوروبي والعثمانيون كانوا يعتبرون ان اليمن هي الحزام الامني الاول للحرمين الشريفين وهي بوابة الحرمين فإذا اسقطت اليمن سقطت الحرمين. . لقد تم القضاء على المسلمين في الأندلس ثم تقدمت جيوشهم لاحتلال اليمن واجزاء من المنطقة عموماً تمهيداً لاحتلال ارض الحرمين الشريفين، وفي هذه المناسبة اقسم ملك البرتغال لينبشن قبر محمد بالمدينة وينصب الصليب في سماء مكة، استفز هذا التهديد المسلمين عموماً ومنهم اهل اليمن فا ستغاث اليمانيون بالسلطان العثماني في تلك الفترة، وقد كان السلطان سليمان القانوني، وخرج اول جيش إسلامي إلى اليمن وحرر المناطق التي قد كانوا استولوا عليها وهي عدن والمخاء ومصوع، وبعض الروايات تقول انهم وصلوا إلى جدة، جاء العثمانيون من البحر العربي والمحيط الهندي وعموم البحار الشرقية جميعاً ثم استقر العثمانيون في اليمن مائة عام من 945ه- 1535م الى 1045ه -1638م ولم يخرجوا من اليمن الا بعد ان تأكدوا ان الخطر الأوروبي قد زال عن اليمن. . إلا أنهم رجعوا المرة الثانية حينما تعرض اليمن لخطر الاحتلال الانجليزي في القرن 19 حينما جاءوا وحاولوا احتلال عدن وظلوا في اليمن إلى إن تم القضاء على دولة الخلافة وبالتالي خرج الجيش الاسلامي العثماني من اليمن عام 1918 عقب الحرب العالمية الأولى.
هذه الدولة يكفيها فخراً انها حافظت على الاسلام والمسلمين اكثر من 650 سنة اي ما يقرب من سبعة قرون من يوم ان قامت في بداية القرن السابع عشر الهجري إلى نهاية القرن الرابع عشر، ويكفي أنها لم تفرط في فلسطين كما فعل ملوك الطوائف العربية بعد ذلك ولا زالوا الى اليوم. كما يكفيها فخراً أنه جاء منها الرجل العظيم القائد محمد الفاتح الذي أخبر عنه نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ياتي ب 857 سنة حينما قال النبي: «لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» أو كما قال صلى الله عليه وسلم هل هؤلاء محتلون؟ إنهم فاتحون بنص قول النبي صلى الله عليه وسلم، كان السلطان محمد الفاتح هو السلطان السابع من سلاطين آل عثمان السبعة والثلاثين ويجدر هنا ان انوه انهم بشرمثلنا يخطئون ويصيبون ليسوا ملائكة بل كانت هناك أخطاء ومظالم من بعض الولاة والسلاطين لكنها مظالم صغيرة لم تخرج عن ثوابت الأمة وعن اجماع الأمة، والمواقف الرائع للسلطان عبدالحميد في فلسطين خير دليل على تدينه وشجاعته وانتماء آل عثمان إلى هذه الأمة وثوابتها، والله إنني استحي حياء عظيماً اذا قارنت بين ذلك الموقف وموقف العرب المدعين للوطنية في زمننا هذا، يكفي مزايدات وكذب وتزويرللتاريخ من قبل العلمانيين والقوميين والمذهبيين من أن آل عثمان محتلون، والله ما ضاعت اوطاننا واحتلت بلداننا الا حينما تولى هؤلاء الصغار السلطة فباعوا واشتروا فضاعوا واضاعوا وهلكوا واهلكوا.

لندخل إلى اليمن واصلاحات الدولة العثمانية في اليمن ماذا عنها؟.
- العثمانيون في اليمن رغم المشاكل والمآسي التي واجهوها وقد كانت في كثير منها من بعض الأئمة الطامحين في السلطة فللأسف انها تعرضت لمشاكل كبيرة وقد قتل الكثير من العثمانيين بسبب هذه النعرات المذهبية، لكن كان اليمانيون يعتبرون الدولة العثمانية دولة وحدة إسلامية ودولة خلافة إسلامية ومعروف عن اليمنيين انهم من انصارالوحدة والتوحيد منذ فجر الاسلام الأول وحتى الآن وإلى الغد ان شاء الله تعالى
لقد كان للخلافة الاسلامية انجازات كبيرة وضخمة هذه الإنجازات لا يمكن ان تتم الا في فترات الاستقرار والهدوء وقد كانت كذلك وبعكس ما يصوره اصحاب الأهواء، وقد شهدت اليمن نهضة شاملة في جميع المجالات بل يعتبر العصر العثماني هو بداية عصر النهضة في اليمن ومثلها الجانب الشوروي والنيابي.
فالجانب التشريعي كان هناك برلمان ينتخب كل اربع سنوات يمثل ولاية اليمن إلى جانب مجالس أخرى لكل محافظة تسمى مجالس الادارة، كما كان لليمن ممثلون في مجلس المبعوثات الأعلى في اسطنبول.

سَمِّ لي بعض الشخصيات النيابية لليمن في عاصمة الخلافة؟.
- منهم مثلاً الشيخ/محمد عبدالله المقحفي- القاضي حسين علي عبدالقادر -القاضي علي بن ابراهيم. . وغيرهم كثير في فترات نيابية مختلفة ولا يتسع المجال لذكرهم.

ماذا عن الجانب الصناعي؛ شهدت اليمن نهضة كبيرة تلك الفترة في جميع مجالات الصناعة فوجدت العديد من المصانع التي كانت تعمل بالطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم الحجري، كما ادخلت الآلات والمعدات والتي لا تزال موجودة في المتحف الحربي وفي وفي أماكنها؟.
- كان هناك خمس مدارس صناعية والجامعة الصناعية منها الجامعاة الصناعية في صنعاء وهو حالياً المتحف الحربي لا زالت اللوحة حتى اليوم لو يلاحظها الزائر وقد أنشئت عام 1902م اللوحة بالخط العثماني، وكان هناك عدة مصانع منها 1-مصنع للحديد والصلب 2- مصنع للاسحلة والذخيرة 3- مصنع لقطع الغيار، هذه المدارس والجامعات كانت تخرج فنيين ومهندسين للمصانع منهم على سبيل المثال جد الوالد طه الهمداني وهو احد المهندسين الذين تخرجوا من الجامعة الصناعية في صنعاء 4- مجمع الصناعات الثقيلة في صنعاء كان يتم فيه صناعة المدافع وقطع الغيار والأسلحة المختلفة وصناعة الحديد والصلب للقطاعات المدنية بأنواعها ومقره في باب اليمن وهي الورشة التابعة لسلاح الصيانة اليوم وهو العرضي الذي في بداية شارع تعز امام باب اليمن، ولا تزال الكثير من المعدات إلى اليوم موجودة وللأسف أنه اثناء الترميم تم نقل هذه الآلات الضخمة وهي موجودة الآن في المتحف الحربي وأوجه ندا إلى الجهات المختصة بضرورة إعادتها إلى اماكنها وان يخصص ذلك المكان متحفاً للصناعات الحربية والصناعات الثقيلة، وهذا تشريف لليمن وحفاظ لذاكرة الأمة والمكان متسع لذلك وساحته كافية.

يتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال هو: ونحن في القرن 21 والكهرباء عندنا غير كافية لانارة المنازل فكيف كانت تعمل هذه الآلات الضخمة في تلك الفترة في الوقت الذي لم يكن قد اكتشف الديزل والبترول؟.
-هذا السؤال وجيه جداً لقد عرفت اليمن الصناعات الثقيلة - المختلفة قبل ان تعرفها الكثيرمن دول الغرب قبل وجود البترول والديزل و غيره، لقد اخترعت الآلات التي كانت تولد الكهرباء بواسطة الفحم الحجري ومنها مولد كهربائي يعتبر من اقدم المولدات الكهربائىة في العالم ولا يزال موجوداً الا انه نقل من من مكانه ونرجو ان يعاد الى مكانه من المصنع.

هل تضربوا لنا مثالاً على بعض من تلك الصناعات لتطمئن قلوبنا وقلوب الإخوة القراء كما اطمأن قلب ابراهيم عليه السلام؟.
- انظرمثلاً إلى الجسر الحديدي الرائع انه جسر طوله 42 متراً وعرضه 4 امتار صناعة يمنية 1903 ايام السلطان عبدالحميد ولا يوجد اي عمود يحمله من الاسفل وقد تعطل قبل سنتين فقط وهو في طريق حجة عبس في منطقة تسمى منطقة الطور على سائلة وادي لاعة الا أن المنفذين للطريق الاسفلتية شقوا الطريق الجديدة بعيداً عن الجسر ب«2» كيلو متر بحيث لا يرى المسافر هذا الجسر، وكنت اتمنى ان يجدد هذا الجسر ليظل شاهداً على تقدم وعظمة الانسان اليمني في عهد الخلافة العثمانية.

وماذا عن جانب الصناعات العسكرية بشقيها الثقيل والخفيف؟.
- في مجال الصناعات العسكرية كنا نصنع المدافع الثقيلة وكما في الصور هناك احد المدافع بعد استكمال صناعته اخرجوه إلى باب المصنع والجنود يقومون بتجربته، هذه المدافع صناعة يمنية عثمانية وبعضها موجود في المتحف الحربي ولا يزال الختم العثماني ظاهراً عليها إلا ان عقدة النقص تتملكنا فَكُتب في اللوحة المعلقة في مقدمة المدفع صنع المانيا، وارجو من إدارة المتحف ان تصحح الخطأ الذي وقعت فيه لأن هذا يستنقص من العقلية والكفاءة اليمنية وتسيء إلى سمعتنا فيجب ان يكتب في اللوحة ما هو موجود في الختم على ظهر المدفع، عيب لا يليق ان يحدث خطأ كهذا. كان انتاجنا في اليوم من الذخيرة من 7-10 آلاف طلقة ما بين بندقية ومدفعية.
ان اول من اخترع المدفعية النارية نحن المسلمون ايام الخلافة العثمانية وبالتحديد في ولاية السلطان محمد الفاتح 1453م عندما تم محاصرة القسطنطينية «اسطنبول» واستمر تطورها إلى آخر ايام الخلافة العثمانية.

هل من مزيد عن الجانب العسكري؟.
- للعرضي «مجمع الدفاع حالياً» انا اسميه «بنتاجون» اليمن اخبرنا سفيرنا في تركيا سابقاً الاستاذ محمد الجائفي ان هذا المبنى لا يوجد له مثيل حتى داخل تركيا، وكما في الصورة وهي جزئية ليست لكل المباني الا يدل ذلك على القوة والعظمة والنهضة العسكرية في تلك الفترة الذي انشئ في عام 1301ه - 1883م وبهذا الشكل الجمالي الرائع وقد كان مقر قيادة الجيش الإسلامي السابع في الجزيرة العربية حيث كان للخلافة العثمانية سبعة جيوش وهذا الجيش كان مقره في اليمن لما لليمن من أهمية لحماية المقدسات الإسلامية عقر دار الإسلام. من هذا المبنى خرجت قرارات تهز الدنيا، ومن هذا المبنى خرج القادة العظام والفاتحون الكبار الذي منهم القائد علي سعيد باشا الذي خرج لتحرير اليمن في الحرب العالمية الأولى ضد الانجليز، هذا الرجل هو قائد انتصارات اليمن وموحدها في بداية القرن العشرين في الحرب العالمية الأولى، والعجيب أنه دخل عدن وانتصر على الانجليز في يوم الخميس 7 يوليو 1915 وهذا التاريخ هو نفس التاريخ الذي دخلت فيه قوات الشرعية إلى عدن في 1994م وكانت المعارك لنفس الأهداف وجرت في نفس الأماكن من أجل الوحدة، ولا زال يذكر هذا الرجل في اليمن خصوصاً في مناطق المحافظات الجنوبية وفي تعز وإب بكل اجلال واعزاز.

الجانب التعليمي. . كيف كانت اليمن علمياً وثقافياً في تلك الفترة؟.
- في الجانب العلمي كان هناك العديد من المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية والكليات المختلفة ادارية وصناعية وشرعية، منها كلية دار المعلمين العليا ومحلها حالياً اقولها بكل أسى وأسف وخجل انها اليوم دار سينما الأهلية وقد هدمت أول ايام الإمام يحيى 1918م.

أليست مفارقة مؤلمة ان يكوم مبنى دار للمعلمين ثم يتحول الآن إلى سينما فأين كنا وأين اصبحنا، الا يفترض ان يحفظ للمبنى مكانته وهيبته وقدسيته، الا تشعرون بالأسى لمثل هذا الوضع؟.
- أكاد اجزم ان كثيراً من المسؤولين لا يعرفون هذه المعلومات لأنها نادرة وشحيحة وهذا لا يعفينا من مسؤوليتنا في البحث والتنقيب عن تاريخنا لنعيد له مكانته وهيبته.
كما وجدت مدارس للبنات منها مدرسة وكلية للبنات وهي حالياً مبنى وزارة التربية والتعليم.

لو اقتربنا قليلاً إلى المبنى المجاور والذي هو أمن قومي الآن لم نكن نعرف عن تاريخه شيئاً إلا أنه كان داراً للأيتام فكنا نذهب إليه على أنه كان مقراً للأيتام المحرومين فهل تحدثونا عنه؟.
-هذا المبنى والذي كان سابقاً كلية القيادة والأركان كان مقراً لحكومة الجزيرة العربية ولاية اليمن كان داراً للولاية، من هنا كانت تخرج القرارات الخطيرة والهامة، ومن هنا كان يخرج المحمل الشريف وهذا له قصة أخرى انما كان يتم الاحتفال المهيب بالمحمل الشريف المتعلق بانطلاقة المحمل الشريف المحتوي على كسوة الكعبة المشرفة ورحيل الحجاج.

الجوانب الأخرى ماذا عنها؟.
- الجانب الصحي لو ترى مبنى المتحف الوطني كان المستشفى العسكري في العهد العثماني وكان أجمل منطقة في صنعاء لأنه يتوسط المدينة، وقد كان الغيل الأسود يجري من وسطه وكان مليئاً بالورود والازهار واشجار الفواكه، لقد كان تحفة رائعة جداً جداً، جاء الامام يحيى ورأى انه أجمل مكان فحوله إلى قصر له عرف بدار السعادة فيما بعد.
المستشفى المدني وكان محله مكان برج المواصلات اليوم والمدرسة الصحية التي كانت موجودة بجوار دار البشائر.
المستشفيات الصحية في جزيرة كمران وفي جميع انحاء اليمن وبالنسبة لمستشفى الحجر الصحي في جزيرة كمران كانت مهمته فحص الحجاج والتأكد من سلامتهم الصحية ولا يمكن ان يسمح لأي حاج قادم من افريقيا أو من جنوب شرق اسيا إلا بعد ان يمر من مستشفى الحجر الصحي في كمران أو المستشفيات المعدة لهذا الغرض والمنتشرة في اكثر من مكان.

الجانب الإعلامي هل كان لنا إعلام يا استاذ علي، في تلك الفترة؟.
- قد لا تصدق ما اقوله لك لكنك ستصدقه لانه موثق فقد شهدت بلادنا نهضة كبيرة في الإعلام، فالطباعة دخلت اليمن في منتصف القرن 19 الميلادي وصدرت العديد من الصحف والمجلات في ذلك الزمن، أشقاؤنا في مصر يفاخرون بأن صحيفة الأهرام اقدم صحيفة لديهم 1878 نحن عندنا أول صحيفة صدرت عام 1872 وهذه صحيفة اليمن، صحيفة الصباح، صحيفة صنعاء وتوجد بعض الاعداد التي تحتفظ بها الأسرة من ذلك الوقت وعمرها أكثر من 140 عاماً.

يا استاذ علي، هذا مذهل فلماذا تراجعنا؟.
- دعني انهي إن أعلى الصفحة انها اسبوعية تصدر يوم الأربعاء من كل أسبوع وهي خاصة بولاية اليمن، كما نلاحظ فيها انها تقبل المقالات التي تأتي من الخارج وتنشر مجاناً، اما الإعلانات التجارية والشخصية فيؤخذ عليها الأجرة أو الرسوم الاعلانية، تصور يا أخي، انه قبل 140 عاماً ويوجد لدينا إعلانات تجارية تطبع في الصحف والجرائد.

«مقاطعة» :يا استاذ علي، والله لقد اوجعتنا بهذه المعلومات المذهلة، بل وألهبت ظهورنا بسياط معلوماتك؟.
- دعني أكمل : لو تلاحظ ان لها وكلاء توزيع هناك وكيلنا في الهند وفلان في عدن وفلان في القاهرة. . في الاسكندرية. . في اسطنبول، العجيب كيف كانت توزع إلى تلك الاماكن البعيدة وقد تعطلت في عهد الامامة حتى احترقت في بداية السبعينيات، كما ان هناك قانوناً للصحافة وقانوناً للطباعة وفيه العديد من المواد التي ربما يفتقد إليها قانون الصحافة اليوم.

ماذا عن القطارات والسكك الحديدية في اليمن؟.
- القطارات والسكك الحديدية من أهم المشاريع التي حققها السلطان عبدالحميد الثاني رحمة الله عليه وقد كان يهدف إلى ربط اجزاء الدولة العثمانية ببعضها البعض، وقد اهتم السلطان بخط الحجاز- اليمن ووصلت السكة الحديدية إلى الحديدة قادمة من الحجاز ثم من الحديدة- صنعاء كما يقول الدكتور فاروق اباظة صاحب كتاب اليمن في العصر العثماني، ولا اتفق معه كثيراً في معظم صفحات الكتاب إلا انه انصف في وريقات في آخر الكتاب، ان السكك الحديدية والقطار دخل اليمن عام 1911م وكان ذلك في احتفال مهيب في الحديدة شهده الوالي وكبار رجال اليمن لأنه أول حدث اقتصادي ضخم في حياة اليمن، وخط قطار الحديدة- صنعاء لم يصل إلى صنعاء رغم وجود مبنى السكك الحديدية «المحطة» وهو المبنى القائم غرب العرضي المطل على السائلة كان قد اعد كمحطة سلطانية لسكك حديد اليمن.
ووصلت السكك إلى منطقة تسمى الحجيلة وهي تحت مناخة من الجهة الجنوبية وتوقفت هناك بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى والتي كان من اهدافها ضرب المشاريع العملاقة لدولة الخلافة وابرزها خطط سكك الحديد، وتم لهم ما ارادوا واكثر، فضربت في الحجاز وفي غيرها كما ضربت عندنا في اليمن، قاولت المشروع شركة فرنسية والمبلغ خيالي جداً فبحسب مركز توثيق رئاسة الجمهورية وبحسبما نشرته جريدة «26 سبتمبر» قبل اشهر فالمبلغ مهول جداً، حيث كان المبلع «36» مليون جنيه ذهبي عثماني.
نعم كل هذا الرقم فهل هذه افعال محتلين اشرار أم افعال مؤمنين اخيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.