مر على اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي وقعته بالقاهرة القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية في مقدمتها طرفا النزاع فتح وحماس عامان دون تطبيق جدي لبنوده على أرض الواقع الأمر الذي خسرت فيه القضية الفلسطينية الكثير إقليما ودوليا. وأرجع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق تأخر إنجاز المصالحة الفلسطينية لأسباب عدة أهمها تخوفات عند حماس بإخراجها من المشهد السياسي بانتخابات غير ملائمة لجميع الأطراف، إلى جانب تخوفات عند فتح من سيطرة حماس على منظمة التحرير الفلسطينية كما حصل في لانتخابات 2006، وذكر أن الأسباب الأخرى تتمثل في غياب الموضوع السياسي عن الحوار، إضافة إلى البرامج المختلفة عند الأطراف المتحاورة، إضافة إلى موقف أمريكا والكيان الإسرائيلي وشروط الرباعية الدولية. وأكد أن الأولوية عند الرئيس محمود عباس هي للمفاوضات مع الكيان الإسرائيلي. وكان عباس أعلن قبل نحو أسبوع عن بدء مشاوراته لتشكيل حكومة التوافق الوطني. وقال: إن "هذا سيكون وفقًا لإعلان الدوحة وتنفيذًا للجدول الذي أقرته القيادة الفلسطينية في اجتماعات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية التي انعقدت في القاهرة ب8 فبراير الماضي، وكذلك التوافق على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وتنفيذا لما أكدته اللجنة التنفيذية في اجتماعها الأخير قبل أسبوع". ودعا القوى والفصائل والفعاليات كافة إلى التعاون من أجل سرعة انجاز ذلك حتى يتمكن من إصدار مرسومين بالتزامن إحداهما خاص بتشكيل حكومة التوافق من كفاءات مهنية مستقلة والآخر بتحديد موعد إجراء الانتخابات بعد أن أنجزت لجنة الانتخابات المركزية تحديد سجل الناخبين. لكن حماس أكدت على ضرورة السير بإنجاز ملفات المصالحة الخمسة (تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني ومنظمة التحرير والحريات العامة والمصالحة المجتمعية) كرزمة واحدة بالتوازي، وفق ما تم الاتفاق عليه. وحمل القيادي في حماس الدكتور احمد يوسف حركته ومعها فتح المسئولية عن التعطيل، إلا انه رأى أن الأمل معقود على مصر للضغط في هذا الاتجاه لتطبيق المصالحة. وتابع: "خسرنا كشعب فلسطيني الكثير جراء الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة وكل يوم يمر في ظل هذا الانقسام نخسر أيضا، لافتا إلى تهميش القضية الفلسطينية إقليما ودوليا". ورأى يوسف أن هناك بعض الايجابيات تحققت منها تخفيف حدة المناكفات بين حركتي فتح وحماس وتراجع الاعتقالات السياسية. وأعرب يوسف عن أمله أن يحدث حلحلة في ملف المصالحة الأيام القادمة مع زيارة مرتقبة للرئيس محمود عباس إلى القاهرة خلال الشهر الحالي ولقاء قد يعقده مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. من جانبه قال الناطق باسم حركة فتح الدكتور فايز أبوعيطه إن الشعب الفلسطيني خسر الكثير خلال العامين الماضيين لعدم تطبيق المصالحة الوطنية ،ولو توفرت الإرادة لأنهينا صفحة الانقسام السوداء في تاريخنا. وأشار أبو عيطة إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة وحصول فلسطين على صفة مراقب بالأمم المتحدة في وقت متزامن من نهاية العام الماضي أحدثا تماسكا كبيرا لم يتم البناء عليهما في تطبيق المصالحة. ورأى أبو عيطة أن تحديث سجل الناخبين في قطاع غزة وإعلان الرئيس محمود عباس بدء مشاورات تشكيل الحكومة التوافق - رفضتها حماس شكلت تطورا في المصالحة يجب الاستفادة منهما . وأضاف ناطق فتح أن إجراء الانتخابات هى جوهر اتفاق المصالحة و من خلالها نعطى الشعب الفلسطيني الكلمة في اختيار من يمثله من خلال صندوق الاقتراع. وأكد أن حركة فتح متمسكة باتفاق القاهرة وتبذل كل جهد لتطبيقه داعيا حركة حماس إلى استثمار الوقت والتوجه فورا لتنفيذه دون إبطاء أو عراقيل . وأضاف أن خطوات حركة حماس نحو تحقيق المصالحة بطيئة وانتخاباتها الداخلية المكتب السياسي- عطلت مسيرة المصالحة لعام كامل والآن بعد الانتهاء منها نأمل أن تنصب جهودها في المرحلة المقبلة على التنفيذ. وأشار إلى أن الاجتماعات الأخيرة في يناير الماضي بالقاهرة اتفق خلالها على تطبيق جدي ،لكن فوجئنا بطلب حماس تأجيل جلسات مشاورات الحكومة التوافق. من جانبه أكد مسئول ملف المصالحة المجتمعية رباح مهنا "أحد الملفات الشائكة بالمصالحة"، أكد أنه لا توجد إرادة حقيقية وصادقة لدى حركتي فتح وحماس في تطبيق المصالحة وكل فصيل منهما له حساباته وضغوطاته الإقليمية والدولية. وأضاف رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: "اتفقنا في القاهرة مثل هذا اليوم قبل عامين على كل شيء وبنود المصالحة واضحة للتطبيق، لكن شهدنا مناورات من طرفي النزاع لتحقيق نقاط ومكتسبات كل على حساب الآخر فقط، دون نيه في تطبيق حقيقي". وحمل مهنا الشارع الفلسطيني جزءا من مسئولية عدم التنفيذ، لغياب الضغط الشعبي الكبير في هذا الاتجاه. ورأى أن الحل في ذلك هو الاعتماد على حركة الشارع الفلسطيني من اجل المصالحة التى باتت مصلحة عليا للفلسطينيين. وحول السيناريوهات المتعلقة بملف المصالحة الفلسطينية في الوقت الراهن يرى مراقبون ان هناك ثلاثة احتمالات لملف المصالحة الأول بقاء الوضع على ما هو عليه، والثاني تطبيق اتفاق "القاهرة" أو "الدوحة"، والثالث تحقيق مصالحة جزئية في بعض الأمور دون قضايا أخرى. وبحسب المراقبين فيفترض في السيناريو الأول، بقاء الوضع على ما هو عليه دون اتخاذ خطوات إيجابية من قبل الطرفين، وعدم تشكيل حكومة وفاق وطني وإجراء الانتخابات. أما السيناريو الثاني، فيتلخص في التوجه نحو تطبيق اتفاق "القاهرة" و"إعلان الدوحة" بشكل متزامن، من خلال تشكيل الحكومة وتسجيل الناخبين في قطاع "غزة"، والاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات، وإعمار قطاع "غزة" وفك الحصار عنه. أما السيناريو الثالث، يفترض نجاح الحركتين في تحقيق مصالحة جزئية تتمثل في إنجاز الانتخابات، والفشل في تحقيق إنجازات تذكر في ملفات أخرى، مثل الاتفاق حول إعادة بناء وتوحيد وتشكيل الأجهزة الأمنيّة والوزارات والمؤسسات والقضاء والنقابات، وهو ما يجعل كل الإنجازات التي يمكن أن تتحقق معرضة للانهيار، حينما تفشل الحركتان في التوافق حول تلك القضايا، وتعود إلى نقطة الصفر من جديد.