تعمل الدول الأوروبية على حشد طاقتها وإمكاناتها معلنة عن إجراءات جديدة مشددة لاحتواء الموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد التي تبدو أنها أقوى من الموجة الأولى من حيث أعداد الوفيات والإصابات. وذكرت تقارير صحفية اليوم الأحد أن الحكومة البريطانية عقدت أمس السبت اجتماعا لاتخاذ قرار بشأن إعادة فرض حجر صحي في إنكلترا لاحتواء تفشي فيروس كورونا في البلاد وذلك بعد تحذيرات بأن القيود المحلية التي فرضتها فشلت في كبح وتيرة التفشي المتسارع لكوفيد-19. وتتخوف الحكومة البريطانية من الآثار الاقتصادية لإعادة إغلاق عدد كبير من الأنشطة التجارية والأعمال في حال فرض حجر صحي جديد، ولكن المعارضة تعتبر أن التأخير في ذلك سيؤدي إلى طول فترة الحجر. وعقد جونسون اجتماع غداء مع فريقه الحكومي لوضع اللمسات الأخيرة على قواعد جديدة ستفرض على مستوى البلاد، في حين أشارت تقارير إلى أن الخطة ستلحظ إغلاق كل المتاجر غير "الأساسية" لكنها ستبقي الحضانات والمدارس والجامعات مفتوحة. ومن المتوقع أن يلقي جونسون كلمة من مقر الحكومة مساء. ويمكن أن تدخل التدابير حيّز التنفيذ الأربعاء وأن تبقى سارية حتى الأول من ديسمبر ، علما أنه لم يتم التوصّل إلى أي قرارات نهائية، وفق صحيفة "ذا تايمز" اليومية. ويأتي احتمال فرض حجر صحي تام جديد بعدما حذّر كبار الخبراء الصحيون بأن سرعة تفشي الفيروس تتخطى أسوأ توقعاتهم. وفي آخر تقرير نشره الجمعة، حذّر المكتب الوطني البريطاني للإحصاء من "تزايد مطّرد في أعداد الإصابات" وصولا إلى نسبة تبلغ نحو واحد بالمئة على صعيد البلاد. وبريطانيا من الدول الأكثر تضررا جراء الوباء في أوروبا، في حين يتوقّع أن تتخطى البلاد عتبة مليون إصابة بالوباء السبت. وسبق أن فرضت دول أوروبية عدة وحكومات المقاطعات البريطانية في إسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية وأعيد فرض إغلاق تام في فرنسا التي تجاوز عدد الوفيات فيها 36 ألفاً منذ بداية انتشار الوباء للمرة الثانية لمحاولة الحد من تسارع وتيرة التفشي. ولكن لن يكون هذا الإغلاق مشابهاً للحجر الصارم الذي فرض في فرنسا في الربيع لمدة شهرين خلال انتشار الموجة الأولى التي أودت بحياة 30 ألف شخص. وستبقى دور الحضانة والمدارس والمعاهد والمدارس الثانوية مفتوحة بتدابير صحية معززة من شأنها أن تسمح للعديد من الآباء بمواصلة أعمالهم ولكن سيتم إغلاق الأعمال غير الأساسية وكذلك المسارح وصالات الاحتفالات. وأعلنت بلجيكا ايضا التي تشهد الانتشار الأشد كثافة للفيروس بين دول أوروبا من جانبها إغلاقاً أكثر صرامة في إشارة إلى تدابير الفرصة الأخيرة لمحاولة الحد من انتشار الوباء. وتشمل التدابير لمدة شهر ونصف على الأقل إغلاق المتاجر غير الضرورية وفرض العمل عن بعد عندما يكون ذلك ممكناً بالنسبة للشركات بينما أغلقت المقاهي والمطاعم والمؤسسات الثقافية والأندية الرياضية بالفعل أبوابها. وتوالي الدول الأوروبية الأخرى اتخاذ اجراءات مشددة بالتتالي لمواجهة موجة قاتلة ثانية حيث أغلقت إسبانيا خمس مناطق بما في ذلك منطقة مدريد يوم أمس. واعتبر مئات الأشخاص أن هذه التدابير شديدة الصرامة وتظاهروا في برشلونة وجرت صدامات مع الشرطة. كما ستتباطأ الحركة في ألمانيا أيضاً في تشرين الثاني مع إغلاق الحانات والمطاعم والمرافق الثقافية والترفيهية أبوابها من يوم الاثنين حتى كانون الأول كما سيتم حظر إقامة السياح في الفنادق. وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عن فرض حجر جزئي في البلاد اعتباراً من الثلاثاء للتصدي للموجة الثانية من وباء كوفيد 19 بما يشمل منع تجول ليلي وإغلاق الحانات والمطاعم في أثينا ومدن أخرى. وأطلقت سلوفاكيا اليوم برنامجاً لإجراء فحوصات تشخيص الإصابة بكوفيد 19 لجميع مواطنيها في سابقة عالمية حيث سيشارك نحو 45 ألفاً من العاملين في مجال الصحة والجيش والشرطة في إجراء الفحوصات في هذا البلد العضو في الاتحاد الأوروبي والبالغ عدد سكانه 5.4 ملايين نسمة لجمع العينات في حوالي خمسة آلاف موقع. وفي تشيكيا صوت البرلمان التشيكي على تمديد حالة الطوارئ الصحية حتى ال 20 من تشرين الثاني. وخارج أوروبا أيضاً أعلنت السلطات الكندية تمديد إغلاق حدودها أمام الأجانب الذين لا يعتبر وجودهم ضرورياً لغاية تشرين الثاني في محاولة للحد من انتشار الوباء في البلاد. وتأتي هذه الإجراءات فيما تستمر التحذيرات من خطورة التساهل في مواجهة انتشار وباء كورونا حيث أعلنت لجنة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية أن وباء فيروس كورونا لا يزال يمثل حالة الطوارئ على نطاق دولي داعية حكومات الدول لاتخاذ إجراءات لمنع انتشار الفيروس. ودعت اللجنة ايضا في البيان الصادر عن اجتماعها الخامس الحكومات إلى تخطيط الأعمال على اللقاحات وتجنب تسييس الوباء والحفاظ على الخدمات الأساسية للرعاية الصحية. ولا يظهر في الوقت الحالي أن الوباء يتجه نحو الانحسار ، فيما تستمر الجهود الدولية الحثيثة للتوصل إلى لقاح فعال في مواجهته حيث تسابق مختبرات ومؤسسات عدة حول العالم الزمن للوصول إلى هذا اللقاح فيما يترقب العالم بأسره النتائج.