تعاني الحكومات المصرية المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من تراكم ملفات متعددة، يأتي في مقدمتها الملفين الأمني والاقتصادي، وهما الملفين الأكثر حساسية تجاه ملامسة احتياج المواطن المصري. ويشهد الشارع المصري حراكاً على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية للعمل على تحقيق متطلبات المواطن التي أرهقته التجاذبات السياسية بين الأطراف والقوى المختلفة خلال الثلاثة أعوام الماضية. وفي الشأن الاقتصادي يرى وزير المالية المصري الدكتور أحمد جلال من خلال بعض التصريحات الصحفية أن الحكومة نجحت في تحقيق عدد من المؤشرات الإيجابية خلال الفترة الوجيزة الماضية تتمثل في تراجع ملموس في معدلات اعتماد الخزانة العامة على التمويل المصرفي سواء من البنك المركزي أو البنوك التجارية. وأشار الوزير المصري أن ذلك ساعد في انخفاض أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة خلال أقل من شهرين بنحو 4%، وهو ما سينعكس على تخفيض عبء الدين العام للموازنة العامة، إلى جانب تحقيق استقرار نسبي بأسعار سوق الصرف الأجنبي. ونوه وزير المالية المصري إلى توجه الحكومة نحو زيادة الاستثمارات العامة وتشجيع القطاع الخاص على ضخ مزيد من الاستثمارات، موضحا ان الحكومة وضعت خطة اقتصادية متكاملة لتنشيط الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتحاول الحكومة المصرية التأكيد دوما حرصها على تحسين بيئة الاستثمار من خلال الجهود التي تبذلها في تقديم حلول للمشكلات العامة لبيئة الاستثمار، والمشكلات التي يواجهها المستثمرين مع الحكومة المصرية، منطلقةً بذلك من قاعدة "أن تحسين مناخ الاستثمار، وتذليل العقبات وتوفير البنية التحتية أهم العوامل التي تحكم قرار الاستثمار". ويرى اقتصاديون مصريون ان الحكومة تواجه تحدي كبير يتمثل في ترقب المواطنين لنتائج سريعة تتجاوز كافة العقبات والصعوبات، بينما الحكومة تسعى إلى اتخاذ إجراءات تسهم في وضع الأسس السليمة التي تحقق وضعاً أفضلاً ومستقرًا للاقتصاد المصري على المدى المتوسط تستطيع أن تستكمل بناؤه الحكومات القادمة. من جهة أخرى تناولت مصادر صحفية مختلفة الانتقادات التي توجه للإجراءات التي تتخذها الحكومة والبنك المركزي المصري في دعم الاحتياطي بالاعتماد على المعونات الخارجية فقط، في حين أن موارد الدولة الدولارية في تراجع مستمر، معتبرين الاعتماد على المعونات فحسب فشل لإجراءات الحكومة ولا ترقى الى مستوي المسؤولية. ويرى اقتصاديون ان الودائع التي أودعتها بعض دول الخليج دعماً للاقتصاد المصري ستكون بمثابة المسكنات التي ستحافظ على مستوى الاحتياطي لفترة ضئيلة، ولا تعتبر حلاً للأزمة المالية الحالية. متهمين الإدارة الحالية للدولة الى افتقادها لأدني أنواع الخبرة ، منوهين الى ان المرحلة الحالية تتطلب حكومة كفاءات قادرة على إدارة الأزمات. وتشير المصادر الاقتصادية المصرية سعي الحكومة المصرية لضبط الموازنة من خلال ترشيد دعم المواد البترولية، والتحول لضريبة القيمة المضافة، وتطبيق الضريبة العقارية، وحل مشاكل المستثمرين. ويؤثر المشهد السياسي والأمني على الوضع الاقتصادي والاستثمار في مصر بشكل واضح ومباشر، وهذا ما دفع وزير الاستثمار المصري أسامة صالح الى طمئنت المجتمع الدولي والتأكيد على التزام الحكومة المصرية بخارطة الطريق التي توافق عليها الشعب المصري، والتي تبدأ بإعداد دستور جديد للبلاد، تليها انتخابات برلمانية ثم تعقبها انتخابات رئاسية، وهو ما يحظى بالتأييد والدعم الشعبي للحكومة خلال المرحلة الانتقالية الحالية. وأكد وزير الاستثمار المصري خلال مشاركته في مؤتمر مجلس الأعمال للتفاهم الدولي والذي عقد بنيويورك مؤخراً إلى وجود خطة اقتصادية موازية لخريطة الطريق، وضعتها الحكومة الحالية وتعمل على تنفيذها، بما يحقق الأهداف المنشودة للمجتمع المصري في العدالة الاجتماعية وتحفيز الاقتصاد الوطني. وتوقع تقرير صادر عن وزارة المالية المصرية في أغسطس الماضي, ارتفاع عجز الموازنة الكلي الي9.1% خلال موازنة العام المالي2014/2013, ليحقق نحو186 مليار جنيه, وأشار التقرير إلى ارتفاع نسبة الدين المحلي للموازنة العامة لتصل إلى83.4% من الناتج المحلي في نهاية يونيو2013. وكشف ذات التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجل نموا بقيمة2.3% في التسعة أشهر الأولي من العام المالي2013/2012, مقارنة ب1.8% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق عليه, واستمرار معدل النمو السنوي للسيولة المحلية في الارتفاع في نهاية مايو2013, ليحقق18.8% مقارنة بمعدل نمو سنوي18.3% في نهاية إبريل2013, مبينا أن ذلك جاء مدفوعا بالزيادة في صافي الأصول المحلية خاصة صافي المطلوبات من الحكومة وهيئة السلع التموينية والائتمان الممنوح للقطاع الخاص. وتبذل الحكومة المصرية التي تعد اهم قياداتها من الاقتصاديين البارزين جهوداً مكثفه لبحث تطورات اداء الاقتصاد, وتوفير السلع الأساسية, وتأمين الاحتياطيات اللازمة من الوقود والمواد التموينية, وجهود مكافحة التضخم من خلال آليات تهدف الى الحفاظ على مستوي الأسعار, وحماية المواطن من تقلبات أسعار السلع خاصة الأساسية منها. وتعقد المجموعة الاقتصادية اجتماعاً أسبوعياً برئاسة رئيس للوزراء الدكتور حازم الببلاوي لمتابعة ما يتم تنفيذه في الخطة الاستثمارية للحكومة وبرنامج الإنفاق العام. وتسعى مصر الى توجيه الخطاب للخارج بشكل ظهر أكثر وضوحا في كلمة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي أكد فيها ان مصر تسيير وفق خارطة طريق واضحة لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية في إطار زمني محدد لترسيخ العدالة والحرية والديمقراطية كأساس للحكم. ورغم ذلك فان المجتمع الدولي يبدو ينتظر من مصر المزيد من التطمينات ليتمكن من إضفاء القبول الدولي للمرحلة الانتقالية وخارطة الطريق.