ظهرت ملامح الحرب الاقتصادية والمنافسة التجارية بين روسيا والاتحاد الاوربي مع الاحتجاجات الحالية في اوكرانيا والتي اضطرت حكومتها الى قبول ضغوط موسكو وابتزازاتها بشأن استمرار التعاون الاقتصادي معها. وخيرت روسيا كييف بين استمرار التعاون الاقتصادي معها او مع الاتحاد الاوربي ما دفع حكومة اوكرانيا التي تستورد الطاقة والمواد الاولية الاساسية لصناعاتها من روسيا الى الاذعان لضغوط موسكو. وابلغت اوكرانيا الاتحاد الاوربي اعتذارها عن عدم ابرام اتفاقيات للتعاون معه لكنها بسبب الاحتجاجات الصاخبة الحالية تراجعت لتعلن رغبتها في ابرام اتفاقية تشير الى تعاون شكلي رمزي مع بروكسل بهدف اسكات المحتجين والمعارضة لكنه يطلق يد الحكومة في الاستمرار في تنفيذ اتفاقيات الشراكة الاقتصادية واسعة النطاق مع موسكو منطلقة من مصالحها الاقتصادية الاستراتيجية كضمان تدفق النفط والغاز الروسي خاصة. واشار تقرير للجنة الطاقة في الاتحاد الاوروبي وزعته على الدول الاعضاء والدول المرشحة للعضوية ومن بينها البوسنة والهرسك اليوم بان روسيا تتبع سياسة "انتقائية وابتزازية" في علاقاتها التجارية مع دول البلقان وشرق اوروبا خاصة بهدف الضغط عليها لابرام اتفاقيات تلزمها فيها بشراء النفط والغاز بكميات معينة دون الالتزام بسعر محدد ما يعطي موسكو "حرية" تحديد الاسعار من جانب واحد. واكد التقرير ان انظمة الاتحاد الاوربي والسوق الحرة عموما تؤكد "حق المنافسة وحرية تحديد الكمية والقيمة للمنتج التجاري وان الاسعار تحددها متطلبات السوق". واضاف ان موسكو بدأت بمشروع طموح "لخط الغاز" في جناحه الجنوبي لتزويد دول البلقان ووسط اوروبا بالغاز والذي يفترض ان يصل عبر عمق البحر الاسود الى بلغاريا ومنها الى صربيا وهنغاريا ومنها الى النمسا مع احتمال مد خط فرعي الى البوسنة وهنغاريا وسلوفينيا. واشار التقرير الى ان بلغاريا كمحطة اولى واساسية ابرمت اتفاقا مع موسكو بشان الخط يتضمن مواد لا تتلاءم مع السياسات التجارية للاتحاد الاوربي اي ان بلغاريا قبلت بشروط موسكو بتحديد كمية الغاز وتحديد سعره اما مسبقا او بان يكون لموسكو حق التفاوض وفرض السعر بشكل ثنائي واغلاق الباب امام حق المنافسة الحرة. ونبه التقرير الى ان الاتحاد الاوربي الذي يضم بلغاريا في عضويته طلب من صوفيا اعادة النظر في الاتفاق الذي يعني قيام موسكو بابتزاز دول الاتحاد بشأن الاسعار وربما لاحقا كمية الغاز المتدفق ما سيجعلها تقع ضحية لأي ابتزاز روسي ممكن في المستقبل. وكانت بلغاريا أبلغت الاتحاد الاوربي بان عضويتها في الاتحاد اهم من اتفاق الغاز مع موسكو وان هناك "بدائل" اخرى اذا رفضت موسكو اعادة النظر في الاتفاق الذي يعطي موسكو تفوقا وامتيازات في شان حجم الطاقة واسعارها. وشدد التقرير على ان موسكو تشترط ان تكون الاسعار وكمية تدفق الغاز او النفط ضمن "اتفاقيات ثنائية" فقط حيث ان المشروع الطموح بمد خط الغاز الروسي الذي سيتكلف قرابة 40 مليار يورو سيظل تحت علامة استفهام كبيرة بسبب معارضة الاتحاد الاوروبي للسياسات الروسية بشان تجارة الغاز تحديدا ما جعل موسكو تدخل في صراع اوسع نطاقا مع الاتحاد الاوربي ساحته دول البلقان وشرق اوروبا. وتلوح دول الاتحاد الاوربي حسب التقرير بانها تستطيع امتلاك البدائل من خلال دخول اطراف منتجة اخرى مثل قطر كمورد للغاز يحترم معايير السوق والمنافسة الحرة. الا ان التقرير يعتبر العلاقات التجارية بشأن الغاز مع روسيا مهمة للطرفين وبان من مصلحة روسيا ان لا تستخدم الغاز والنفط "سلاحا سياسيا" بل مادة تجارية بحتة تخضع لقوانين ومعايير السوق. واستبعد ان تقوم موسكو "بقطع الغاز او النفط" عن الغرب لان عائداته مصدر رئيسي للاقتصاد الروسي كما انه اساسي للصناعة الاوربية والحياة التجارية فيها. واشار التقرير الى ان احد اسباب الخلافات الرئيسية بين روسياوقطر هو في حقيقة الامر بسبب ظهور قطر كمنتج للغاز يصل الاسواق الاوربية والتي تريد موسكو "بان تظل تلك الاسواق" حكرا على منتوجها فقط دون منافس. وتوقع التقرير منافسة حادة في المستقبل بين موسكو والاتحاد الاوربي في حال تمسكت موسكو بسياستها "الابتزازية" تجاه المستهلكين خصوصا من دول الجوار لها مثل اوكرانياوبلغاريا وهنغاريا.