حذرت الأممالمتحدة في تقرير صادر الجمعة من "تدهور مقلق" لحقوق الانسان في مناطق الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق اوكرانيا بينما قالت موسكو إن التقرير يفتقر إلى أي مظهر من مظاهر الموضوعية واتهمت كتابه باتباع "أوامر سياسية" لتبرئة القيادة المؤيدة للغرب. وتزامنا مع تقرير مراقبي المنظمة الدولية الذي وقع في 37 صفحة قالت مفوضة الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان "نافي بيلاي" في بيان في جنيف "إن المراقبين رصدوا تدهورا خطيرا لحقوق الانسان في شرق اوكرانيا ومشاكل خطيرة ناشئة في منطقة القرم". وقالت المفوضة في البيان "من لهم نفوذ على الجماعات المسلحة المسؤولة عن الكثير من اعمال العنف في شرق أوكرانيا يجب أن يبذلوا أقصى جهدهم لكبح جماح هؤلاء الرجال الذين يبدو انهم عازمون على تمزيق البلاد". ويتحدث التقرير عن "عمليات قتل موجهة وتعذيب وضرب مبرح وخطف وتهديد ومضايقات وغالبيتها تقوم بها مجموعات معارضة للحكومة منظمة ومسلحة بشكل جيد في شرق البلاد". وكثيرا ما حذر الغرب روسيا من تدهور الوضع في شرق اوكرانيا ملوحا بتشديد العقوبات عليها في حال عمدت و"وكلاؤها" الى عرقلة الانتخابات الرئاسية المقررة بعد عشرة ايام. وردت موسكو على تقرير المنظمة الدولية بوصفه بانه "غير موضوعي" ودوافعه سياسية . في حين يأتي اصدار التقرير في وقت حساس لان اوكرانيا على عتبة الانتخابات الرئاسية في 25 مايو الجاري والتي يعتبرها الغرب بالغة الاهمية لمستقبل البلاد. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن "غياب الموضوعية الكامل والتناقضات الصارخة والمعايير المزدوجة لا تترك مجالا للشك بان المعدين (التقرير) كانوا يمارسون عملا سياسيا محددا يهدف الى تبييض صورة السلطات التي نصبت نفسها في كييف". واتهمت الخارجية الروسية معدي التقرير "باخفاء معلومات عن ضحايا مدنيين ومحاولة القاء اللوم في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان على القوات الموالية لروسيا". واضافت الخارجية الروسية ان التقرير "لا يذكر اي كلمة" مثلا عن مقتل نحو اربعين شخصا موالين لروسيا مطلع مايو في أوديسا جنوباوكرانيا. من جهته قال ايفان سيمونوفيك، مساعد الامين العام للامم المتحدة لشؤون حقوق الانسان والذي قدم التقرير في كييف، ان المنظمة الدولية تلقت ايضا لائحة روسية حول انتهاكات ارتكبها الجانب الاوكراني. واكد سيمونوفيك "نولي اهمية بالغة لكافة الادعاءات". وقد اطلقت السلطات المركزية في كييف منذ حوالي شهر حملة عسكرية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد، واعتبرتها عملية "لمكافحة الارهاب". وتتكرر المواجهات بين الجيش الاوكراني والانفصاليين المسلحين كل ليلة تقريبا وخاصة في محيط مدينة سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي. وتحدث تقرير الاممالمتحدة عن "قلق" متزايد من خطف واعتقال للصحافيين والناشطين والسياسيين المحليين وممثلي المنظمات الدولية وعناصر من الجيش في شرق اوكرانيا. واشار الى انه فيما اطلق سراح بعض الاشخاص، القيت جثث آخرين في الانهر ومناطق اخرى، والبعض لا يزالون مفقودين، وخصوصا في منطقة سلافيانسك. ولا يزال 83 شخصا في عداد المفقودين منذ اندلاع الاحتجاجات الموالية لاوروبا في كييف في نوفمبر الماضي، وحيث قتل العشرات في مواجهات دموية. وتطرق التقرير ايضا الى تدهور الاجواء بالنسبة لوسائل الاعلام العاملة في الشرق حيث اعلن الانفصاليون عن "سيادة" منطقتي دونيتسك ولوغانسك اثر استفتاء الاحد وصفته كييف والدول الغربية بغير الشرعي. وندد التقرير الذي يغطي فترة تمتد من الثاني من ابريل الى السادس من مايو بالمشاكل التي يتعرض لها بعض سكان القرم، وخصوصا التتار وهم اقلية مسلمة في شبه الجزيرة. وتحدث عن مشاكل عدة تتعلق "بحرية التحرك وحالات مضايقات مادية وقيود مفروضة على وسائل الاعلام ومخاوف من اضطهاد ديني للمسلمين بينهم الذين يمارسون الشعائر الدينية وتهديد مدعي القرم (...) بانهاء عمل برلمان تتار القرم". واضاف ان "اكثر من 7200 شخص يتحدرون من القرم معظمهم من التتار اصبحوا نازحين في مناطق اخرى في اوكرانيا". ووفق التقرير فان ضم القرم الى روسيا "خلق مشاكل" عدة لسكان شبه الجزيرة، ومن بينها توقيف برنامج الايدز، والفارق بين القوانين الروسية والاوكرانية، وقضايا المواطنة. وتتهم روسياالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي بمساعدة قادة أوكرانيا الحاليين لاسقاط الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش وتنفي مزاعم غربية أنها تدعم الانفصاليين في شرق البلاد.ولا تعترف موسكو بشرعية القيادة الجديدة في كييف وتشير إليها بالمجلس العسكري. وهددت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي الخميس بجعل الاقتصاد الروسي "ينزف" في حال عمدت موسكو الى عرقلة الاستحقاق الانتخابي. وتزامنت التهديدات الغربية مع تزايد المواجهات في شرق البلاد بين الجيش الاوكراني والانفصاليين المسلحين بعد حوالي شهر على اطلاق عملية "لمكافحة الارهاب" تستهدف استعادة سيطرة كييف على المناطق الانفصالية. وقد خففت موسكو من حدة تصريحاتها ضد الانتخابات الرئاسية واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انها من الممكن ان تجري "بالاتجاه الصحيح". وكان رئيس الدوما سيرغي ناريشكين وصف الاربعاء الانتخابات الرئاسية الاوكرانية ب"اقل الشرور" حتى وان لم تكن "شرعية بالكامل". وعلى صعيد الغاز، اعلن بوتين الخميس ان بلاده "لا تزال منفتحة" على محادثات حول ديون اوكرانيا لقاء امدادات الغاز مؤكدا عدم تلقي اي "عروض ملموسة" من الاتحاد الاوروبي تحول دون قطع الغاز عن اوكرانيا اعتبارا من الشهر المقبل. وقال ان روسيا "اجبرت" على التهديد بقطع امدادات الغاز الى اوكرانيا ابتداء من 3 يونيو بعدما تحولت الى نظام الدفع المسبق بسبب تجمع ديون على اوكرانيا تبلغ 3,5 مليار دولار (2,6 مليار يورو) مقابل الغاز الروسي. الامر الذي من شانه ان يهدد امدادات الغاز الى الاتحاد الاوروبي كما حصل في العامين 2006 و2009. وردا على ذلك، اعتبر الاتحاد الاوروبي الخميس ان "لا اساس" للانتقادات الاخيرة التي وجهها الرئيس الروسي الذي اتهمه بعدم تقديم اي "اقتراح ملموس" يتعلق بتسديد اوكرانيا ثمن شحنات الغاز.