دعت أوكرانيا اليوم روسيا إلى وضع حد لما أسمته "الأفعال الاستفزازية" في أراضيها الشرقية بعد أن سيطر مسلحون مؤيدون لروسيا على مبنيين في مدينة سلافيانسك في وقت سابق من اليوم، بينما سعت موسكو أمس وسط حديث "عن حرب الغاز" لتهدئة المخاوف الآوروبية بشأن وقف الإمدادات بعد أن قالت بروكسل إنها ستقف إلى جانب السلطات الجديدة في كييف إذا نفذ الكرملين تهديدا بوقف إمدادات الغاز لأوكرانيا. وجاءت التصريحات الأوكرانية على لسان أندريه ديشيتسيا القائم بأعمال وزير الخارجية الأوكراني اليوم.وقال ديشيتسيا إنه اجرى مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. وتنفي روسيا توفير أي دعم للمسلحين الذين سيطروا على أربعة مبان حكومية في شرق أوكرانيا بعد ضمها لشبه جزيرة القرم لأراضيها الشهر الماضي. واستقال قائد الشرطة الإقليمية في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا اليوم من منصبه نزولا على مطالب المحتجين الموالين لروسيا. وقالت الشرطة إن مسلحين موالين لروسيا سيطروا على مبنى ثان في مدينة سلافيانسك بشرق أوكرانيا يضم المقر المحلي لجهاز أمن الدولة. وكان ما لا يقل عن 20 مسلحا استولوا على مقر شرطة المدينة في وقت سابق اليوم . وقالت الشرطة الاقليمية لدونيتسك في بيان "استولت نفس المجموعة على مبنى خدمة أمن أوكرانيا في سلافيانسك". ورفعت روسيا -التي أثارت الشهر الماضي غضب القوى الغربية بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية لأراضيها - أسعار الغاز الذي تضخه لأوكرانيا وقالت إن كييف لم تدفع فواتير لموسكو قيمتها 2.2 مليار دولار. وأعاد هذا إلى الأذهان "حروب غاز" سابقة عندما أدت الخلافات بين البلدين إلى وقوع مشاكل في الامدادات لغرب أوروبا. وقد يؤدي تكرار هذا السيناريو إلى الإضرار بروسيا ودول الاتحاد الأوروبي التي تشتري منها الغاز لان موسكو تعتمد في إيراداتها العامة على بيع الغاز لأوروبا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات بثها التلفزيون خلال اجتماع مع مجلس الأمن الروسي "أريد أن أكرر: لا ننوي ولا نخطط لوقف إمدادات الغاز لأوكرانيا... نضمن الوفاء بكل التزاماتنا لمستهلكينا الأوروبيين." وتسببت الأزمة في أسوأ توتر في العلاقات بين روسيا والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991 وقد تفاقمت عقب الاطاحة بالرئيس الأوكراني المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش بعد أن رفض إقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي. وبعد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا الشهر الماضي قال مسوؤولون من حلف شمال الأطلسي إن موسكو تحشد قواتها على الحدود مع شرق أوكرانيا الذي يغلب على سكانه الناطقون بالروسية. ويحتمل أن يكون ذلك التحرك تمهيدا للاستيلاء على المزيد من مناطق البلاد. ونفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم أمس أن تكون هذه نية الكرملين. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن لافروف قوله "لا يمكن أن تكون لدينا مثل هذه الرغبة. إنها تتعارض مع المصالح الرئيسية للاتحاد الروسي. نريد أن تتمتع أوكرانيا بسلامة أراضيها ضمن حدودها الحالية لكن مع احترام كامل للمناطق." وقالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف حث نظيره الأمريكي جون كيري يوم أمس على أن تستغل واشنطن نفوذها لإقناع الحكومة الأوكرانية بالامتناع عن استخدام القوة ضد محتجين في المناطق الشرقية والجنوبية في أوكرانيا. وأضافت الوزارة أن لافروف قال لكيري في مكالمة هاتفية إنه يتعين على واشنطن استخدام نفوذها "لتجنب استخدام القوة وللضغط على (الحكومة في كييف) للحوار مع ممثلين من المناطق لتوفير الشروط التي تسمح بإجراءإصلاح دستوري كامل." وتحصل كييف على نصف احتياجاتها من الغاز من موسكو ويضخ جزء كبير من الغاز الذي تحصل عليه اوروبا من روسيا عبر اراضي أوكرانيا.ويمر جزء كبير من الغاز الذي تضخه روسيا لأوروبا عبر الأراضي الأوكرانية. وقالت موسكو إنها ستقطع الامدادات عن أوكرانيا إذا لم تدفع الأموال التي تدين بها. لكن وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أبلغ البرلمان أن الاتحاد الأوروبي سيتضامن مع كييف للحد من تأثير أي قطع أو تقليص للإمدادات لأوكرانيا. وقال برودان "لا يمكن لأوكرانيا أن تدفع مثل هذا الثمن السياسي الذي لا يمت للاقتصاد بصلة." ولا يمكن التنبوء بالتداعيات في حالة تقليص موسكو امدادات الغاز الطبيعي لأوكرانيا. وقالت دول الاتحاد الأوروبي إنها ستغير مسار خطوط الأنابيب التي توصل الغاز الروسي لها لتضخ الغاز إلى أوكرانيا وستكون الكميات ضئيلة لكنها ستحد من تأثير أي قطع روسيا للامدادات. وقال برودان " نتفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن تغيير مسار الامدادات لتصل لأوكرانيا." ويقول مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قد ترسل جنودا للأقاليم الشرقية بحجة حماية هؤلاء المحتجين من الملاحقة القضائية في كييف فيما يسمونه تكرارا "لسيناريو القرم". وتنفي موسكو هذه المزاعم. وزار أرسيني ياتسينيوك رئيس الحكومة المؤقتة التي ستجري انتخابات رئاسية في 25 مايو المقبل مدينة دونيتسك وجدد تعهدات بإجراء تعديلات دستورية لمنح الأقاليم المزيد من السلطات. وتقاوم كييف الدعوات التي تدعمها موسكو بالتحول الكامل للنظام "الاتحادي" وتخشى أن يؤدي هذا إلى انهيار الدولة بأكملها. وطالب وزير الخارجية الروسي أمس بضمانات قانونية لبقاء أوكرانيا على الحياد وعارض بشدة انضمامها الى حلف شمال الاطلسي. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن لافروف قوله إن موسكو مستعدة لمحادثات رباعية الاسبوع القادم تشمل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وممثلي أوكرانيا واقترح ان يتضمن جدول أعمال المحادثات ديون أوكرانيا المستحقة لروسيا عن امدادات الغاز.