دفعت الخلافات بشأن السياسات التي يتعين سلوكها لمواجهة الأزمة الاقتصادية والانتقادات للعدد من الوزراء بشأن السياسات الاقتصادية، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى حل حكومة رئيس الوزراء مانويل فالس اليسارية التي لم يمض على تشكيلها سوى 147 يوما. وقد قبل الرئيس فرانسوا هولاند اليوم الإثنين استقالة حكومة الاشتراكي فالس وأعاد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، قادرة على التصدي بشكل أفضل للأزمة الاقتصادية التي قد تدفع البلاد إلى التقشف. وأصدر قصر الإيليزيه بيانا أعلن فيه باسم هولاند أن تشيكل الحكومة الجديدة سيكون "غداً الثلاثاء". وأضاف البيان أن: "الحكومة الجديدة ستعكس التناغم بين أعضائها حول السياسة التي رسمها الرئيس شخصياً للبلاد". ولم يوضح البيان دوافع حل الحكومة -التي تضم الحزب الاشتراكي وأحزابا يسارية أخرى- وتشكيل حكومة جديدة . لكن تقارير تحدثت عن خلافات داخل الحكومة المستقيلة بشأن السياسات التي يتعين سلوكها لمواجهة الأزمة الاقتصادية. وتأتي استقالة الحكومة في ظل انتقادات من عدد من الوزراء البارزين للسياسات الاقتصادية التي لم تقدر على تقليص نسبة العجز في الميزانية وخفض معدل البطالة. وذلك بعد التصريحات شديدة اللهجة التي ادلى بها وزير الاقتصاد الفرنسي ارنو مونتبور نهاية الأسبوع منتقدا سياسة الحكومة، ودعا فيها إلى مقاربة اقتصادية جديدة تُعطى فيها الأولوية للخروج من الأزمة . وقال مونتبور في تصريحاته إن السياسة الحالية لخفض العجز في الميزانية تقود إلى التقشف, وترفع معدل البطالة. واتهم رئيس الوزراء الفرنسي مونتبورغ "بعبور الخط الأصفر" عقب هجوم وزير الاقتصاد على إجراءات التقشف التي وصفها بأنها تخنق نمو الاقتصاد الفرنسي. وقال مونتبورغ في تصريحات امس السبت لصحيفة لوموند الفرنسية إن الوقت حان لطرح "مقاومة عادلة ومتعقلة" لمواجهة "الإلحاح المفرط للمحافظين الألمان". واضاف إن ألمانيا تحاصرها سياسة تقشف تفرضها عبر أرجاء أوروبا. وكان مانويل فالس تولى رئاسة الوزارة في مارس عقب الأداء السيء لحزب الرئيس هولاند الاشتراكي في الانتخابات المحلية. وكان الخلاف بين فالس رئيس الوزراء (يمين) ومونتبورغ وزير الاقتصاد كان بسبب إجراءات التقشف. وقد أقرت الحكومة أوائل هذا الشهر أن بلوغ مستوى النمو السابق الذي كان متوقعا، وهو 1 في المائة، سيكون مستحيلا. وقال وزير الاقتصاد في مقابلة مع الإذاعة الفرنسية قبيل إعلان استقالة الحكومة إنه غير نادم على تعليقاته، "أولا لأنه ليس هناك غضب". وأضاف أنه لم يكن هناك خلاف في شأن السلطة، لكن - بحسب ما قاله لمحطة أوروبا راديو 1 - "الخلاف كان في شأن الوجهة الاقتصادية". في حين اعترف وزير المالية الفرنسي ميشيل سابان الشهر الحالي بأن ضعف النمو يعني أن فرنسا لن تحقق هدفها الخاص بخفض عجز الميزانية هذا العام إلا أنه أكد على أن الحكومة ستستمر في خفض العجز "بوتيرة مناسبة". وضعف الاقتصاد كان عنصرا مهما في تراجع شعبية فالس إلى مستوى قياسي إذ بلغت هذا العام 36 بالمئة كما أوضحت نتيجة استطلاع للرأي أمس الأحد أن أولوند ظل أكثر رئيس متدني الشعبية منذ أكثر من نصف قرن. وتعتبر هذه هي أول أزمة حكومية منذ تعيين مانويل فالس الذي خلف جان مارك ايرولت على رئاسة الحكومة بعد هزيمة اليسار في الانتخابات البلدية نهاية مارس الماضي التي فازت بها "الجبهة الوطنية" (اليمين المتطرف). يشار الى ان نسبة البطالة بلغت مستوى تاريخيا مع 3,398 مليون عاطل عن العمل في نهاية يونيو اذ تكاد تبلغ العشرة في المائة من اليد العاملة، ومنذ انتخاب فرنسوا هولاند مايو 2012، ازداد عدد العاطلين عن العمل بنحو مليونين في فرنسا.