تحتفي منظمة الصحة العالمية يوم غدٍ الجمعة باليوم العالمي لداء السكري 2014م تحت شعار (إعمل اليوم لتغيير الغد) وذلك بغرض الوقاية من الإصابة بمرض السكري أو تأخير ظهوره على الأقل من خلال إتباع نظام غذائي صحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والحفاظ على الوزن في حدوده الطبيعية. ويُذكرنا هذا اليوم الذي يتم الاحتفاء به في 14 نوفمبر من كل عام، بأن السكّري مازال هو المرض المزمِن الأكثر خطورة والأسرع انتشاراً في منطقة الشرق الاوسط، وأنه يهدِّد مستقبل التنمية في هذه المنطقة . ويهدف تفعيل اليوم العالمي للسكري إلى تعزيز الوعي الصحي لكل مريض بالسكري أو كل شخص معرض مستقبلًا للإصابة بهذا المرض، وتقديم أفضل ما يمكن تقديمه من الخدمات الصحية والتثقيفية. ويعتبر اليوم العالمي للسكري بمثابة توعية أولية في مجال السكري على الصعيد العالمي.. ففي حين تدوم حملات التوعية الموضوعية العام كله، فإنّ اليوم المخصّص لمرض السكري، يسعى إلى إذكاء الوعي العالمي بداء السكري- وبمعدلات وقوعه التي ما فتئت تزداد في شتى أنحاء العالم وبكيفية توقي المرض في معظم الحالات. وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2007م اعتبار يوم 14 نوفمبر يوماً عالمياً للسكري يحتفل به كل عام، وتم اختيار هذا اليوم لإحياء عيد ميلاد فريديريك بانتين الذي أسهم مع شارلز بيست في اكتشاف مادة الأنسولين في عام 1922م، علماً بأن تلك المادة باتت ضرورية لبقاء مرضى السكري على قيد الحياة. وفي تقريرٍ حديث قال الاتحاد الدولي للسكري الذي يوجد مقره في بروكسل إن عدد الإصابات بمرض السكري ارتفع في العالم إلى 382 مليون شخص خلال عام 2013م، وتوقع أنه بحلول عام 2035م سيرتفع هذا العدد إلى ما يقارب 592 مليون شخص، لأسباب منها التغذية غير الصحية ونقص النشاط البدني في نمط الحياة العصرية وارتفاع البدانة ومتوسط عمر الإنسان، وأن ما يقارب نسبة 80 في المائة من المصابين ينتمون إلى بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وأوضح التقرير أن 8.3 في المائة من سكان العالم يعانون من مرض السكري و6.9 في المائة مصابون بالسكري الخفي، مشيراً إلى أن نصف المصابين بالسكري في العالم يعيشون في الصين والهند والولاياتالمتحدة الأميركية. وذكر التقرير أن السكري كان مسئولاً عن وفاة 5.1 مليون شخص أعمارهم بين 20-79 عاما في 2013م، وهو ما يشكل 8.4 في المائة من أسباب الوفاة في العالم. ولفت التقرير إلى ترتيب الدول العربية بحسب نسبة المصابين بالمرض، علماً بأن دولة بالاو تحتل المرتبة الأولى على العالم (بالاو دولة صغيرة تتكون من مجموعة جزر تقع في المحيط الهادئ الغربي على بعد نحو 800 كم إلى الشرق من الفلبين، ويبلغ عدد سكانها نحو 20000 نسمة)، يليها دول الخليج حيث تأتي الإمارات في الترتيب الثاني عالمياً، ثم السعودية ثالثاً، والبحرين خامساً، فقطر بالترتيب السادس عالمياً، أما الكويت ففي الترتيب الثامن، ثم سلطنة عمان وهي بالترتيب 12 عالمياً، فيما ذكر التقرير أن نسبة المصابين بالسكري من السكان في اليمن تبلغ 3 في المائة وتأتي بالترتيب ال214 عالمياً. وخلص تقرير الاتحاد إلى أن مرض السكري يكبد العالم إنفاقاً سنوياً على الرعاية الصحية ما قيمته 548 مليار دولار، وأن هذا الرقم سيزيد على الأرجح إلى 637 مليار دولار بحلول عام 2035م. وذكر أن تكلفة علاج مرضي السكري تكلفة باهظة ويبلغ متوسطها في الدول النامية لكل مريض حوالي 21 دولار أمريكي في الشهر، وهو ما يعادل 70 في المائة من دخل الفرد في بلدان الدول النامية. ومرض السكري من الأمراض الوراثية المنتشرة بشكل خطير في بعض الدول العربية التي تحتل أوائل المراكز العالمية من ناحية نسبة المصابين، ويعرف بأنه مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج مادة الأنسولين بكمية كافية أو عندما يعجز الجسم عن استخدام تلك المادة بشكل فعال. والأنسولين هرمون ينظم مستوى السكر في الدم، وارتفاع مستوى السكر في الدم من الآثار الشائعة التي تحدث جراء عدم السيطرة على السكري، وهو يؤدي مع الوقت إلى حدوث أضرار وخيمة في الكثير من أعضاء الجسد، وبخاصة في الأعصاب والأوعية الدموية. ويمكن أن يؤدي السكري بمرور الوقت إلى إلحاق الضرر بالقلب والأوعية الدموية والعينين والكليتين والأعصاب- وقد يتسبّب في حدوث مشاكل مزمنة وفي الوفاة المبكّرة. وهناك نوعان رئيسيان من أمراض السكري هما: الأول الذي كان يعرف سابقاً باسم السكري المعتمد على الأنسولين أو السكري الذي يظهر في مرحلة الطفولة لقلة إنتاج مادة الأنسولين، ويرجع سببه إلى عدم إفراز البنكرياس لهرمون الإنسولين مطلقا، ويظهر عادة في سن الصغر وهناك نسبة 1 في المائة من المصابين به من المواليد الجدد. أما الثاني فهو ما كان يسمى سابقاً بالسكري غير المعتمد على الأنسولين أو السكري الذي يظهر في مرحلة الكهولة، وهذا النوع أكثر انتشارا في العالم ويمثل نسبة 90 في المائة من المصابين بمرض السكري، ويعتبر هذا النوع مرضا وراثياً، ويسمى بسكري الكبار، ومعظم المصابون به من المرضي من البدينين، كما يظهر هذا النوع من مرض السكري عادة بعد سن ال40 وفي الغالب في مراحل متأخرة من العمر. وهناك نوع ثالث وهو السكري الحملي (السكري العارض)، وفي هذا النوع يرتفع مستوى السكر في الدم أكثر من المعدل المطلوب في فترة الأشهر الثلاثة الأوائل للحمل، وتكون الإصابة بهذا النوع من السكري عابرة وسببها انخفاض نسبة السكر التي تسمح بها الكلى بالمرور إلى البول، ذلك نتيجة التغير الهرموني أثناء فترة الحمل. وتتعرض أقدام 15 في المائة من المصابين بداء السكري إلى الإصابة بتقرحات تؤدي إلى البتر، أي يتعرض المصابين بداء السكري إلى بتر القدم كل 30 دقيقة في العالم، كما يتعرض ما بين 50 إلى 80 في المائة من المصابين بداء السكري الذين تم بتر قدمهم إلى بتر القدم الثانية خلال 5 سنوات التي تلي العملية الأولى معتبرا بلوغ المصاب هذه الحالة (مؤشر وفاة). وتشير التقديرات إلى إمكانية الوقاية بنسبة تصل إلى 80 في المائة من مجموع عمليات البتر الناجمة عن السكري بإتبّاع المناهج الأساسية الخاصة بالتدبير العلاجي لمرضى هذا الداء ورعايتهم. وقالت المدير العام المساعد لشؤون الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية الدكتورة كاترين لوغاليس- كامو "إنّه من غير المقبول بعد أن باتت الحلول واضحة ومتاحة بأسعار مقبولة، أن تحدث وفيات وحالات عجز بهذا الحجم بسبب عمليات بتر السيقان.. ولذا يمكن أن تسهم الاستثمارات الصغيرة في مجالي الوقاية والتثقيف في تقليص عدد تلك العمليات وتحسين نوعية الحياة للأفراد وتخفيض تكاليف الرعاية الصحية بصورة كبيرة". وتنفق الدول ذات الدخل المرتفع 82 في المائة (أي 383,30 مليار دولار أمريكي) من جميع نفقات الرعاية الصحية على السكري في عام 2011م، بينما تنفق الدول ذات الدخل المنخفض 1,10 مليار دولار أمريكي فقط. يذكر أن تقريراً طبياً كشف أن دول العالم تصرف مئات الملايين من الدولارات سنويا على مرض السكري، وأن الولاياتالمتحدة وحدها تنفق نحو 230 مليار دولار، بمعدل 10 آلاف دولار للفرد الواحد، فيما تنفق السعودية نحو 1500 دولار سنويا على المريض الواحد أي نحو 6 مليارات ريال تصرفها على مرض السكري. كما يُخلّف السكري ومضاعفاته آثاراً اقتصادية ضخمة على الأفراد والأسر والنُظم الصحية والبلدان.. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية مثلاً، إلى أنّ الصين ستخسر خلال الفترة بين عامي 2006 و2015م نحو 558 مليار دولار أمريكي من دخلها القومي جرّاء أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري ليس إلاّ. ومن طرق علاج السكري تبيّن أنّ انتهاج تدابير بسيطة لتحسين أنماط الحياة من الأمور الفعالة في توقي السكري أو تأخير ظهوره، كما ممارسة النشاط البدني- أي ما لا يقلّ عن 30 دقيقة من النشاط البدني المعتدل الكثافة في معظم أيام الأسبوع، ويتعيّن زيادة تلك الكثافة لأغراض إنزال الوزن. بالإضافة إلى ذلك إتباع نظام غذائي صحي ينطوي على 3 إلى 5 وجبات من الفواكه والخضر كل يوم، والتقليل من مدخول السكر والدهون المشبّعة؛ وتجنّب تعاطي التبغ- لأنّ التدخين يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.