خسرت الامة العربية والاسلامية اليوم رجلا من اهم قادتها في العصر الحديث وهو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الذي وافته المنية عن عمر ناهز ال86 عاما بعد حياة حافلة بالعطاء والانجازات لخدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية. ويعد الشيخ زايد من الرعيل الأول في المنطقة العربية الذي آمن بقضاياها وعمل من أجلها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التى لم يدخر وسعا لدعمها في جميع المحافل الاقليمية والدولية من أجل اقامة الدولة الفلسطينية التي كان يتطلع الى اعلانها الا أن القدر شاء أن يرحل دون أن يتحقق حلمه. والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو حفيد الشيخ عيسى بن نهيان مؤسس حكم آل نهيان فى أبو ظبى.. وكان الشيخ زايد الكبير أحد أجداده .. وهو الذى وضع الأسس السياسية والاقتصادية للامارة خلال الفترة من عام 1855م الى عام 1909م. وفى عام 1946م تقلد الشيخ زايد منصب حاكم الاقليم الشرقى واستمر يشغله لمدة عشرين عاما ..وخلال تلك الفترة أجرى اصلاحات اقتصادية واجتماعية ولما كان يقيم قريبا من الصحراء فقد أحب أهل البادية وأصبحت تقاليدهم وعادتهم وتاريخهم وثقافتهم جزءا من ثقافته وتكوين شخصيته . وفى 6 أغسطس عام 1966 تولى الشيخ زايد حكم امارة أبو ظبى بإجماع وموافقة من العائلة الحاكمة خلفا لشقيقه شخبوط لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ دولة الامارات. وكانت الامارة في ذلك الوقت تفتقر الى البنية التحتية ومع اكتشاف النفط في البلاد بدأ آل نهيان في توجيه عائدات الثروة النفطية لانتشال الامارة من حالة التردي الاقتصادي والاجتماعي التي كانت عليها. ومما قاله فقيد الامة العربية في هذا الخصوص "كنت أفكر دائما في خدمة أبناء وطني قبل أن تكون لدي السلطة وقبل أن تتوفر لدي الامكانيات التي أنعم بها الله علينا .. ومع ظهور البترول لابد أن ينعم شعبنا بما أعطاه الله من خير وفير لانه لا فائدة في المال بدون الرجال". وبدأت استثمارات الثروة النفطية في التدفق وعائداتها بسخاء للانفاق في إقامة مشاريع التطوير والخدمات في الامارة التي شهدت نهضة غير مسبوقة. وحققت الامارة خلال أعوام قليلة إنجازات عملاقة حيث أقيمت مئات الاحياء السكنية وأنشئت شبكة للطرق وتوفرت الخدمات والبنية الاساسية وبنيت الجامعات وأدخلت الكهرباء والمياه في كل بيت في الامارة ، وشهدت الجزر النائية التابعة للبلاد نهضة كبيرة وتحولت إلى مدن سكنية عصرية ومنتجعات سياحية عالمية. في يوم 18 فبراير عام 1968 بعد وفاة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم تشكلت نواه إقامة إتحاد بين الإمارات المتصالحة. وفي الثاني من ديسمبر من عام 1971 تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئاسة دولة الامارات وأعلن تأسيس الدولة مع أصحاب السمو حكام الامارات في دار الاتحاد بدبي. وفي 25 من مايو 1981 ترأس الشيخ زايد أول قمة عربية لتعلن عن ميلاد مجلس التعاون الخليجي من دول الخليج العربية الستة. وتحولت دولة الامارات في عهد الشيخ زايد إلى دولة متقدمة حيث حولت من العدم الى الوجود النابض المشع ..ومن الهمود الى الحياة المتدفقة والحركة والعمل الحضارى المنتج ..ومن التخلف الى التقدم والتطور ..ومن نقطة الصفر الى مصافحة منجزات القرن الواحد والعشرين والاخذ بأساليب الحياة العصرية المتطورة ومن الفراغ الى الدولة الحديثة بكل مقوماتها وأركانها ومؤسساتها ومن هامش التاريخ الى قلبه النابض. وقبل هذا كله فقد استطاع زايد ان يجعل من أبو ظبى نقطة الانطلاق لتحقيق أعز أمال شعوب منطقة الخليج ,وهى الوحدة الكاملة بين شعوبه متحديا كل الصعاب والمعوقات والمناورات الاستعمارية فى المنطقة ، وقد ازدهرت المدن الامارتية بفعل سياسته الحكيمة وتحولت الاراضي الصفراء إلى حقول خضراء. وحظى الشيخ زايد بحب واحترام جميع الزعماء العرب فقد كان طوال حياته مدافعا عن الحقوق العربية والإسلامية . وقد حصل الشيخ زايد على الوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للاجانب في جنيف تقديرا منها لجهوده في المجالات الانسانية المختلفة ورعاية الجاليات الاجنبية العاملة في الدولة عام 1985 ، كما حصل على وسامين من منظمة الليونز العالمية تقديرا لمواقفه في بناء دولة الامارات عام 1992. وفي الجانب الشخصي لحياة زايد عرف عنه عشقه لصيد الصقور وركوب الخيل ، كما كان يتمتع بحس فكاه عال ومعرفة دينية واسعة ، وتزوج الشيخ زايد عدة مرات ويعتقد إن لديه 19 ابنا و11 ابنة. وطبقا لدستور الامارات العربية المتحدة فإن الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي سيحل محل الشيخ زايد في رئاسة الدولة حتى يتم اجتماع المجلس الاتحادي وحكام الامارات السبع خلال 30 يوما لانتخاب رئيس جديد للبلاد.