يبدو أنه لم يعِ الدرس بعد..كان بإمكانه أن يؤكد وقوفه إلى جانب مصر الشعب، وليس مصر حسني مبارك..أتحدث عن الرئيس صالح الذي تصدر خبر إجرائه اتصال لأخيه حسني مبارك صدر الصحف الحكومية، وبعناوين مثيرة للاشمئزاز "رئيس الجمهورية يؤكد وقوف وتضامن اليمن مع مصر"..أي مصر تقف إلى جانبها يا فخامة الرئيس..مصر الآن ليست مبارك الخائر القوى، والمتبلد الإحساس، ولم تكن كذلك من قبل..مصر اليوم هي ميدان التحرير الملهم لكل قلب عربي.. اتصالك بمبارك يقول أشياء كثيرة..شخصياً لا أتمنى أن أراها على أرض الواقع..لكن الوقت وحده يؤكد وقوفه إلى جانبك، وتذكر أنك علي عبدالله صالح وليس حسني مبارك..الوقت يعطيك في هذه اللحظات الحرجة فسحة للتحرك بشكل جدي، والبدء في اتخاذ إجراءات حقيقية تقيك مذلة الهروب أو الانكسار، بإمكانك أن تفعل ما لم تقوَ على فعله طيلة الثلاثين السنة الماضية، اليمن التي ظللت تتحدث عن حبك لها يمكنك أن تحميها من منزلق التناحر الأهلي، ومن الطوفان الذي تهدد به من بعدك، التاريخ سيحتفي بك كثيراً..اتجه للشارع واسمع ما يريد، وقاطع الأحزاب بما فيها حزبك الحاكم.. مصر لا يليق بها إلا الثورة..والحركة..أبدو مؤمناً من حقيقة أن قوانين التغيير ماركة مصرية.. هكذا هي مصر. لا تكسب قيمتها إلا من قدرتها على إعادة صياغة التاريخ، في الوقت الذي يريده المصريون، إنهم يحددون الآن مستقبل المنطقة بأكملها، وينظفون التاريخ العربي من أدرانه، ومن عبثية الأقدار، وجنونها.. مصر اليوم تُصيغ بيان ثورات الوطن العربي بأكمله، والجميع بانتظار صافرة النهاية الناجزة.. مبارك يسوق مصر إلى الدمار..فيما أنت تشجعه بفكرة الوقوف إلى جانبه في تدمير البلد الجميل..وقتل المصريين.. مبارك لم يعد أمامه إلا أن يختار وجهته الآمنة، وكان بإمكانك مساعدته في ذلك.. يقول الروائي المصري يوسف القعيد في عبارة يلخص فيها ما وصلت إليه مصر "لا أستند إلى جدار في مصر الآن إلا وأجده آيلا للسقوط"، فحق للمصريين أن يخرجوا ليثبتوا جدران منازلهم، ويعيدوا إليها القوة لنستند عليها جميعاً وليس المصريون وحدهم.