تجه اليمن إلى حالة تراجيدية خطيرة. وحتى لو دخلت البلاد في المرحلة الانتقالية، على الصعيد السياسي، فإنها سوف تواجه مصاعب جدية، مثل الوضع الاقتصادي والاحتياجات الملحة لمياه نظيفة لخدمات صحية. والحالة الاقتصادية ستمثل تحدياً خطيرأً للسلطات الجديدة فيما لو قبل الرئيس صالح بالتنحي. وهذه التحديات يجب ألا تغيب عن أذهان الرسميين والناشطين الذين يصنعون الحدث اليومي في اليمن، فالناس بعد أن يحتفلوا بانتقال السلطة سيفتحون أعينهم على الأوضاع الأخرى وسيضعون السلطات، أياً كانت، أمام مسئولياتها، خاصة أن كثيراً من الناس يعتقدون أنه بمجرد انتقال السلطة سوف تحل المشاكل في الشهر نفسه. المفروض أن يفتح جميع اليمنيين، سلطة ومعارضة وناشطين، أعينهم على القضايا الضاغطة التي تشكل تحدياً للجميع، وأن يعملوا على إنجاز حلول تمهد لتوجيه البلاد إلى السبل الصحيحة لتجاوز أزمتها، بل أزماتها الراهنة والمستقبلية. خاصة أن موجهات الأحداث في اليمن لا تتمثل فقط في قطبي السلطة والمعارضة، وإنما أيضاً ستفرض القبائل وجودها في المعادلة، كما أن التيارات الدينية والمنظمات الاجتماعية ومجموعات المصالح الخاصة سوف تستثمر المرحلة الانتقالية لتفرض وجودها، إضافة إلى القوى الإرهابية مثل مجموعات الحوثيين والقاعدة التي تنخرط في حرب عسكرية فعلية ضد اليمن. وإنقاذ اليمن لا تتحمله دول الجوار ولا المعارضة ولا السلطة ولا القبائل فقط، إنما يتعين على الجميع أن يعملوا على تجنيب هذه البلاد كارثة وشيكة، بل إن الوقت يضيق ولا يتيح لليمنيين تحقيق إنجازات من دون أثمان باهظة، فالاقتصاد اليمني توقف منذ فترة طويلة عن النمو، وهذا يعني أن اليمن سيواجه مشكلة أكثر خطورة على السلطة من المعارضة، وأكثر خطورة على المعارضة من السلطة. والروح الوطنية والتصرف الحكيم وسلوك التعقل تحتم أن تبادر السلطة إلى قبول مبادرة مجلس التعاون الخليجي، وأن تنتهج المعارضة مواقف مرنة، كي يحظى خيار السلام والمرحلة الانتقالية برضا الجميع. فتعنت الطرفين لن يجلب على اليمن وعليهما سوى كارثة في الشارع ومأساة في كل شأن، ومعوقات صعبة في الطريق إلى المستقبل وخسائر للجميع.