ساقاومْ… ما زالَ في الجدارِ صفحةٌ بيضاءْ ولم تذبْ أصابعُ الكفينِ بعدُ… هناكَ من يدَقْ برقيةٌ عبر الجدارْ قدْ أصبحتْ أسلاكُنا عروقُنا عروقُ هذه الجدرانْ… دماؤنا تصبُّ كلُّها، تصبُّ في عروقِ هذه الجدرانْ… برقيةٌ عبرَ الجدارْ قد أغلقوا زنزانةً جديدهْ قد قتلوا سجينْ… قد فَتَحوا زنزانةً جديدهْ قد أحضروا سجينْ… ******** (عندما ينتصف النهار)
قد وضعُوا أمامي الورقْ، قد وضعُوا أمامي القلمْ قد وضعوا مفتاحَ بيتي في يدَي الورقُ الذي أرادوا أن يُلطِّخوهُ قال: قاومْ والقلمُ الذي أرادوا أن يُمرِّغوا جبينَهُ في الوحلِ قالَ: قاومْ مفتاحَ بيتي قالَ: باسمِ كلِّ حجرٍ في بيتكَ الصغيرِ قاومْ ونقرةٌ على الجدار برقيةٌ عبرَ الجدارِ من يدٍ محطّمهْ تقولُ: قاومْ والمطرُ الذي يسقطُ يضربُ سقفَ حجرةِ التعذيبْ كلُّ قطرةٍ تصيحُ: قاومْ… ******** (بعد غروب الشمس)
لا أحدٌ معي لا أحدٌ يسمعُ صوتَ ذلك الرجلْ لا أحدٌ يراهُ في كلِّ ليلةٍ وحينما الجدرانْ تُغْلقُ والأبوابْ… يخرجُ من جِراحَي التي تسيلْ وفي زنزانتي يسيرْ كانَ أنا، وكانَ مثلما كنتُ أنا… فمرةً أراهُ طفلاً ومرةً أراهُ في العشرينْ كانَ عزائيَ الوحيدْ وحبيَ الوحيدْ كان رسالتي التي أكتبها في كلِّ ليلةٍ وكانَ طابعَ البريدْ للعالم الكبيرْ للوطنِ الصغيرْ في هذهِ الليلةِ قد رأيتُهُ يخرجُ من جراحي، ساهماً معذباً حزينْ يسيرُ صامتاً ولا يقولْ شيئاً كأنهُ يقولْ: لن تراني مرةً ثانيةً لو اعترفتْ لو كتبتْ… ……………………….. ولد معين بسيسو في مدينة غزةبفلسطين عام 1926، أنهى علومه الابتدائية والثانوية في كلية غزة عام 1948. بدأ النشر في مجلة “الحرية” اليافاوية ونشر فيها أول قصائده عام 1946، التحق سنة 1948 بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وتخرج عام 1952 من قسم الصحافة وكان موضوع رسالته “الكلمة المنطوقة والمسموعة في برامج إذاعة الشرق الأدنى” وتدور حول الحدود الفاصلة بين المذياع والتلفزيون من جهة والكلمة المطبوعة في الصحيفة من جهة أخرى. انخرط في العمل الوطني والديمقراطي مبكرا، وعمل في الصحافة والتدريس. وفي 27 كانون الثاني (يناير) 1952 نشر ديوانه الأول (المعركة). سجن في المعتقلات المصرية بين فترتين الأولى من 1955 إلى 1957 والثانية من 1959 إلى 1963. أغنى المكتبة الشعرية الفلسطينية والعربية بأعماله التالية: في الشعر: المعركة المسافر حينما تمطر الحجار مارد من السنابل الأردن على الصليب فلسطين في القلب الأشجار تموت واقفة قصائد على زجاج النوافذ جئت لأدعوك باسمك آخر القراصنة من العصافير الآن خذي جسدي كيساً من رمل القصيدة. الأعمال النثرية: نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة (1970) يوميات غزة – غزة مقاومة دائمة (1971) أدب القفز بالمظلات (1972) دفاتر فلسطينية (1977) مات الجبل ، عاش الجبل (1976) الاتحاد السوفيتي لي (1983) الشهيد البطل باجس أبو عطوان 88 يوم خلف متاريس بيروت (1983) وكتب في العديد من الجرائد و المجلات العربية: - في جريدة الثورة السورية تحت عنوان من شوارع العالم. - في جريدة فلسطين الثورة تحت عنوان نحن من عالم واحد. و كتب مقالات عديدة: - في مجلة الديار اللبنانية. - في مجلة الأسبوع العربي اللبنانية. - في مجلة الميدان الليبية. وشارك في تحرير جريدة المعركة التي كانت تصدر في بيروت زمن الحصار مع مجموعة كبيرة من الشعراء والكتاب العرب. كان أحد أبرز رواد المسرح الفلسطيني وكتب عدة مسرحيات منها: ثورة الزنج شمشون ودليلة شي غيفارا العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع كليلة ودمنة. ترجم أدبه إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، ولغات الجمهوريات السوفياتية أذربيجان، أزباكستان والإيطالية والإسبانية واليابانية والفيتنامية والفارسية. حائز على جائزة اللوتس العالمية وكان نائب رئيس تحرير مجلة “اللوتس” التي يصدرها اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا. حائز على أعلى وسام فلسطيني (درع الثورة). كان مسؤولاً للشؤون الثقافية في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين. كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني. استشهد أثناء أداء واجبه الوطني وذلك إثر نوبة قلبية حادة في لندن يوم 23/1/1984.