من حق الدول الكبرى اثناء فضها لنزاع بين دول ان تبحث عن مصالحها حتى لو اضطرت الى انتهاك الحق القانوني والحقوقي لأحد الاطراف وهناك امثلة متعددة لديها الاستعداد بان تشهد بذلك , لكن الاهم في الامر لدى اصحاب الحق فإذا ما استسلموا لإملاءات الخارج فإنهم لن يحصلوا على ما يريدوا وإنما ما يراد لهم لكن اذا ما قرروا مقاومة مثل هكذا ضغوط فعليهم اولا بتوحيد صفهم والخضوع لخيارات شعبهم من حق الشماليين ان يستغلوا مساعي دول الخليج حينما تدخلت بطلب منهم لإيجاد حل لازمة صراعهم على السلطة بين اجنحتهم المختلفة فاقترحوا ثم اصروا على ادراج قضية شعب الجنوب في حزمة واحدة ضمن قضاياهم الداخلية المتعددة والمزمنة التي تضمنتها آلية مبادرة الخليج التنفيذية وبالمقابل انه من المؤكد ان دول الخليج رأت في القبول بتمرير مثل هكذا اشتراطات فرصة لها لتوسيع رقعة نفوذها وهيمنتها , بمعنى اننا امام مشهد سخيف يكرس لمشروع مقايضة دنيئة فيما بينهم على حساب خيارات شعب الجنوب ولان ذاكرة الجنوبيين لم يغزوها مرض الزهايمر ومازالت تحتفظ بوثائق خليجية متعددة فأنها اذا ما استدعت اخرها وهي وثيقة بيان ابها التي تضمنت موقفا مغايرا تماما لما جاء في آلية مبادرتهم , نص صراحة على رفض الوحدة بالقوة تتكشف امامها وبتعرِ فاضح ابعاد مشروع المقايضة تلك , الامر الذي يضاعف لديها التشبث بمشروعية قضيتها الجنوبية وتغض الطرف عن تساؤلات كثيرة لعل اهمها كيف للخليجيين ان يكونوا عام 94 على رأس الرافضين لفرض الوحدة بالقوة , بينما في عام 2011 يتولون هم بأنفسهم مشروع فرضها بالقوة ؟ بنظرة منصفة للمساعي الجارية للتحضير لعقد مؤتمرهم المرتقب فان مبادرة الخليج نقلت معركتها الان باتجاه القضية الجنوبية إلا ان حظوظ نجاحها تكاد تكون معدومة مقارنة بضرباتها الموجعة التي سمح لها بتوجيهها نحو ثورة شباب التغيير في اليمن حتى افشلتها وحولتها الى ازمة سياسية بين اطراف متصارعة فيما بينها للعب دور الشرطي لجهات خارجية على حساب خيارات شعبهم فحققت اهدافها الذي تلبي تطلعاتها وعلى رأسها اعادة انتاج النظام السابق مع اجراء تغيير طفيف تتطلبه المرحلة الراهنة وهو ازاحة شخص الرئيس المخلوع عن المشهد الرسمي. لاعتبارات عدة لا تخفى على احد فرضها مجتمع صنعاء القبلي التقليدي لتأثيره القوي على مفاصل دوائر القرار في صنعاء وواقع الشعب المضطهد حسب اعترافات اللواء الاحمر , كل هذه عناصر رئيسية سهلت مهمة مبادرة الخليج في السيطرة على الاوضاع هناك وفرض اجندتها بكل يسر دون مقاومة فعلية تذكر او اعتراضات شعبية مؤثرة على خط سيرها. ولاعتبارات عدة لا تخفى على احد لعل ابرزها الواقع المدني في عدن الذي توائم مع وجود الدولة ونظامها المؤسسي حتى اصبح من الصعب الفصل بينهما ثم فجأة يجد كل ادواته المدنية تتآكل امام عينيه الى ان ينتهى به المطاف وحسب اعترافات اللواء الاحمر ان يصبح شعبا مستعمرا ,كل هذه عناصر رئيسية دعمت قناعات شعب الجنوب بحتمية استعادة دولته وساهمت في عدم تقبل فكرة العودة الى حظيرة الوحدة التي ترعاها وتتبناها مصالح دول الخليج والمجتمع الدولي بما ان شعب الجنوب حسم امره من مؤتمر حوارهم المرتقب بناء على وثائق المؤتمر التي حسمت هي الاخرى امرها من قضية شعب الجنوب فان العيب اذن في الفعالية وليس في عدم مشاركة الجنوبيين وطالما ان الامر كذلك فالعيب لن يكون طرفا فيه إلا اصحاب العيب ولهذا فان الاسماء الجنوبية التي ستلبي دعوة المشاركة لن تكون ذي جدوى حتى وان كان البيض او باعوم بنفسيهما اللذين لديهما من الشعبية ما يحصنهما من ارتكاب عيب كهذا , اتقوا الله في شعبكم الذي يعيش فوق اغنى ارض في العالم حالة الفاقة والجفاف واقتربوا منه وعيشوا حياته حتى تحسوا بمعاناته لعلكم تعقلون [email protected]