بغض النظر عما ستسفر عنه ثورة 30 يونيو المرتقبة في مصر ، وبعيدا عن مصطلحات الشرعية واللاشرعية والثوار والثورة والفلول والبلاطجه ، فان مصر العظيمة لطالما اهدت لهذه الامة دروسا تستوحى من ارثها وموقعها ومكانتها في العالم العربي ! ولان مصر ستضع الامة العربية امام مفترق طرق فإنها تضع الاخوان المسلمين اليوم امام امتحان صعب يتحدد بموجبه مصيرهم ومستقبلهم لمائة عام قادمة لاشك ولا ريب في ذلك . فقد استطاعت مصر بعد عام واحد كشف حقائق كثيرة وتعرية ذلك الوجه الذي لطالما ابهروا المواطنون البسطاء ببريقه الظاهري وتنظيمه المرصوص ... الذي ظننا ذات يوم ان يكون ذا رؤية في قيادة البلد او أي بلد ، وارسل المصريون من ذلك رسالة للعالم اجمع وللإخوان على وجه الخصوص بان الخطاب الديني لم يعد كافيا ومبررا في التظليل في ظل غياب التنمية وانعدام الرؤية وتحسين الواقع الملموس فالله سبحانه وتعالى يقول ( كبرا مقتا عند الله ان تقولون مالا تفعلون ) ، وان فلسطين لم تعد شماعة يتسلق عليها احد رغم غيابها عن خطبة الجمعة بعد السلطة ، وان الدين لم يعد بحاجة لاحد بعد ان قال الله سبحانه وتعالى (اليوم اكملت لكم دينكم ) . وفي الحقيقة ان اخوان مصر سيضعون اخوان اليمن وكل تياراتهم الدينية في موقف محرج جدا لا يقل حرجا عن استخدام امريكا لهم في تحقيق مصالحها في السوفييت بالماضي وتحقيق مشاريعها بهم في المنطقة اليوم ...والتي لا تلبث ان ترمي بهم في قعر بحر او محيط بعد تحقيق مأربها . ولان واقع اليمن السياسي يرتبط بعوامل كثيرة بواقع مصر فان اخوان اليمن يبدو الاكثر قلقا من تطور الاحداث في مصر خصوصا انهم سارعوا بنفس الوتيرة تقريبا من اجل الانقضاض على السلطة مع فارق ان هادي يستخدم في اليمن كمنصة لتحقيق ماربهم تحت واقع الابتزاز والترهيب والترغيب وحضنا دافئا لاحتواء زلاتهم . واذا ما نظرنا بتجرد للبنية التنظيمية للإخوان في اليمن التي تبدو في المرتبة الثانية فان الواقع التنظيمي له يبدو ايضا منعدم الرؤية للمستقبل خصوصا في ظل سيطرت التيار القبلي الجهوي فيه على سلطة القرار وهو الامر الذي حرف مساره ايضا عن الاصلاح الاجتماعي والجانب التنويري والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . ما كنا نأمله من الاخوان هو ان يكون لديهم فعلا رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية بعيدا عن التفزلك بالدين وتأصيله ، وان يقدموا نموذجا للعالم خصوصا بعد ان منحهم القدر فرصة ربما لن تتكرر بعد مائة عام ، لكنهم للأسف لم يستطيعوا تقديم ذلك واثبتوا للعالم ان تنظيمهم لا يمكنه تقديم اكثر من محاضرة او حلقة او ادارة مدرسة او جمعية خيرية . صحيح ان الابتزاز السياسي الذي يمارسه الاخوان على هادي باعتباره من الفلول لا يصل الى حجم الاستئثار الذي قام به اخوان مصر في التفرد بالسلطة لكنني اثق بان طموحاتهم اكبر وعلى المستوى المنظور خصوصا اذا ما نظرنا للقضاء والتربية والداخلية التي اظهرت بعض ملامح الوجه الاخر لهم فضلا عن قضية امان والخطيب التي اظهرت القناع الاخر . وكون الانظار اليوم تتجه الى مصر وربما الى تركيا لاحقا بعد ان حققت امريكا مأربها في المنطقة فان امام الاخوان في اليمن فرصة تاريخيه لإعادة ثقة المجتمع بهم تتمثل بتفعيل الشراكة الوطنية والمحافظة عليها بعد الاعتذار للأحزاب التي تم الإساءة اليها ، واعادة هيكلة البنية التنظيمية للإصلاح بما يُمكن التيار المعتدل من المساهمة في القرار ، والحد من سيطرة التيار الجهوي على المراكز التنفيذية ، والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن انطلاقا من مصالحه العليا ، والابتعاد عن سياسة الاقصاء والتهميش ، والايمان بان الوطن للجميع ، واحترام وجهة نظر الاخر وحرية فكره ومعتقده . ما اتمنى ان يدركه الاصلاح اليوم هو ان المغالطات المدعومة بأحجية الدعوة لم تعد تنطلي على الكثير ، وان المؤتمر رغم انشغاله بأغاني الزعيم (حسب اعلامهم ) والمخلوع حسب اعلامكم ... قد يصحوا من مرقده ليوقع تعاون وثيق مع بعض المكونات التي غدرتم بشراكتها وحينها لا عاصم لكم من الربيع المضاد الا رأفة الشعب بكم ...ولكم في اخوان مصر عبرة يا اولي الالباب .