إحنا يمنيين الفارق بيننا وبين غيرنا، مخيف ولا يخفف منه ترديد البعض، (أي مافيش فائدة)، وأن، التخلف والبقاء في ذيل قائمة العالم في كل شيء قدر لافكاك منه، هاتان المقولتان، كانتا من الثوابت الراسخة، كتعبير عن فقدان الأمل بوضع أفضل لأن اليمني لم يجد بعد عهد الحمدي القصير أي ثوابت إيجابية .أما الثوابت السلبية والمدمرة، في عهد صالح سيء الذكر، كالفساد والمحسوبية وحكم الأسرة والابتزاز والإقصاء والحروب فمعلومة للجميع. المتحول الإيجابي والمفيد، غاب فعليا وإن حضر لفظيا، طوا ل عهده. صالح، عبث بدون قيود من ضمير أو دين أو وطنية أو قسم على المصحف بمقدرات شعب طيب وجاد ومثابر، لم يكن يستحق، منه سوى الإخلاص له، عوضا عن تبديد ثرواته وإنهاك اقتصاده وإفساد نخبتيه التقليدية والحداثية، وإذلاله، لرؤوس كانت لاتركع إلا لله . ومع هذا لايعتبرصالح، ذلك فشلا ماحقا يستحق عليه، أقصى العقوبات ووفق القانون وليس غير . في فرنسا، فشل نيكولاس ساركوزي، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لأسباب قد يعتبرها اليمني تافهة كعدم وفائه ببعض وليس كل وعوده الانتخابية في خمس سنوات من حمكه إذا ما قارن، ذلك بما حققه صالح من خراب للاقتصاد وتخريب للضمائر وللقيم، والذي لم يف بشيء تعهد به، لثلث قرن. ساركوزي فازعلى منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند وهنأه فورا بفوزه وتعهد بعدم قيادة حزبه في الانتخابات البرلمانية وحدد موعدا لتسليم السلطة بعد أسبوع ولم يقل مثل صالح فور هزيمته الوحيدة أنه كان ضحية، انقلاب. ساركوزي لم يقل، أنه سيعلم هولاند مبادئ المعارضة أو أن مؤامرةأسقطته بل سلم بالنتيجة، كما يفعل كل ديمقراطي حقيقي ومن يحب حزبه ووطنه أكثر من نفسه ومن عائلته ومن منطقته وعصبته. ساركوزي لم يدفع رشوة انتخابية، لأحد ولايعرف حزبه توزيع الأموال بالشوالات، وأحيانا بالدولار بدون رقيب ولاحسيب. ساركوزي لم يجند، الخدمة المدنية، والقوات المسلحة والأمن للتصويت له أو لأحد ممن اصطفاهم في انتخابات برلمانية. ساركوزي لم يتلاعب بنتيجة الانتخابات ويعدلها كما عمل صالح عام 2006 بعد أن تلقى فتوى عابثة بأن الكمبيوتر يخطئ ووقتها صاح: وجدتها 'الكمبيوتر بيغلط، نعم الكمبيوتر غلطان'. ساركوزي لم يتبع سياسة فرق تسد، بالمال وإثارة الفتن والفرقة، لكي يكون الأقوى والأخرين أصفارا .ساركوزي لم يتعال على شعبه مطلقا ولم يكن يتحرك، في موكبه كفار من العدالة، ولم يقتل العشرات من حراسه بسبب السرعة الجنونية لأنه لم يعبد طريقا واحدا وفق المواصفات الدولية. الناخب الفرنسي صوت لفرانسوا هولاند لأنه قال له انتخب االسيد عادي Monsieur normaleب وليس رسول العناية الإلهية. ساركوزي لم يعزل نفسه عن ناخبيه وشعبه وإن فكر بزيارتهم فلا يزعم، مثل صالح أن الهدف هو، الالتحام بالشعب وتلمس همومه وهو محاط بقوات أمنية تمنع بقسوة وبفظاظة، هذا 'التلمس' المسرحي، وكأنه يعيش في، كوكب آخر ولايعرف عن مشاكل الشعب شيئا .ساركوزي لم يحول نظامه إلى نظام أمني ويحتكر وسيلتي إعلام رئيسيتين هما الإذاعة والتليفزيون ويحرم خصومه السياسيين منها . ساركوزي لم يغلق صحيفة ولم يكسر إصبع صحافي أو يضربه ويرميه في قارعة الطريق أو، أمام أسرته لإذلاله ولتقول له ربة البيت، من أجل العيال كفى، هجّعنا. ساركوزي كان مواطنا ورئيسا ديمقراطيا لم يفسد مؤسسة ولم ينتهك دستورا ولم يسجن صحافيا ولم يغتال حتى، دابة. ساركوزي لم يعتد على صحيفة، الأيام ويحاصر رئيس تحريرها وأسرته لشهور، في منزلهم في عمل، يعد إرهاب دولة ثم يغلق الصحيفة، ويصدر بدلا عنها ثلاث صحف لتعوض غيابها، وخاصة في عدن وحضرموت وتمول من ميزانية المشايخ الرئاسية، البالغة 13 مليار ريال سنويا التي، لاتخضع للرقابة والتي لم تفطن لوجودها هيئة عدم مكافحة الفساد، وهذه الصحف هي: أخبار عدن، وحضرموت اليوم واليمن. ساركوزي لم يتشبه بملك في بلاده قال أنا الدولة أما صالح بسبب غياب الدولة فقد قال أنا القانون ليؤكد غياب الأخير أيضا. ساركوزي كان رئيسا في نظام رئاسي ومع هذا لم يتحول إلى حاكم مطلق. لساركوزي أبناء وأقارب وأصهار ومع هذا لم يوزّر أحدا منهم، أو يعينه محافظا أو سفيرا أو يعطيه أرضا مجانا. ساركوزي لم يعين قريبا له في سفارة بينما عيّن صالح أربعة من أسرته في سفارة واحدة هي سفارة اليمن بواشنطن. ساركوزي كان يتعالج في بلده أما صالح فكان يتعالج خارج اليمن لأنه لم ينشئ منشأة طبية متكاملة واحدة يثق بها هو أو المواطن. ساركوزي ليس له ثروة غير مشروعة ولم يهرب ثروته خارج فرنسا أو تغاضى عن سرقة المال العام. ساركوزي لم يرفع، الإنجيل بيديه ويقول، مرجعيتنا كتاب الله، ثم يقتل بعد رفع الإنجيل 56 شهيدا في جمعة الكرامة. ساركوزي لم يكن يبدأ خطابه بالصلاة على النبي عيسى عليه السلام، ثم يمارس كل مانهى، عنه نبيه، ليس لد ى ساركوزي دستورا ينص على أن الشريعة، المسيحية هي المصدر الوحيد للتشريع ثم، يحنث بالقسم وينتهك الدستور ويسير كل شيءفي بلده ضد الدستور . ساركوزي لم يبن كنيسة أو كاتدرائية، بابتزاز رجال الأعمال وعلى أرض اغتصبت، بعض تربتها ويسميها باسمه. ساركوزي لم يقل أن الاشتراكية غزو فكري ولم يطلب تحصين الشعب منها. في عهد ساركوزي لم يتعلم الطالب أو الطالبة القيم الفاضلة وهما، يعرفان، أن مدير أو مديرة، مدرستهما، يسرقان، ميزانية المدرسة وأنهما معينان من قبل الأمن وإذا مافكر وزيرتعليم، المرحلة الانتقالية بتغييرهما، سيهتز عرش حزبه لحرمان البلاد من الكفاءات الوطنية. ساركوزي غيّر وزراء في سنوات، حكمه الخمس، أما صالح، صاحب الثوابت الوطنية فالثابت الوحيد عنده كان الولاء قبل الكفاءة لكي لايضع الماء في منخل حسب قوله هو. ساركوزي لم يشتم أو يسخر أو يقلل من شأن أحد من معاونيه أو يغتابه أو ينعته بنعت ينتقص من قدره. ساركوزي الباريسي لم يقلل من شأن وطنية أي منطقة فرنسية أخرى. ساركوزي غادر السلطة وقواته المسلحة موحدة، ونظيفة لا تعرف لغة الرديات والولاءات العائلية. ساركوزي لم يحكم بلاده بالتلفون وإنما بالمؤسسات ورقابة الرأي العام.ساركوزي حافظ على مصالح فرنسا وهيبتها واستقلالها بينما أوصل صالح اليمن إلى وضع الدولة الفاشلة والمستجدية. ساركوزي سقط في الانتخابات لأنه لم يف بوعوده الانتخابية وحارب المهاجرين والأقليات وسولت له نفسه نسف قيم التسامح والتعددية الثقافية جوهر الفكر الليبرالي بينما صالح، فاز بالتزوير في كل الانتخابات ووظف منافسا له بالأجرة في إحداها، ثم تجده يقول أنه ليس سيارة أجرة للفاسدين. ساركوزي لم يمس المال العام بينما، كان صالح هو وزير المالية الفعلي . ساركوزي لن ينشئ قناة تلفزيونية يسميها، 'فرنسا اليوم' بعد خروجه من السلطة لكي يرى صورته على شاشتها، ويذكر نفسه بعهده المجيد وأنه وحده صاحب القدرة، الاستثنائية على قيادة فرنسا وأن الشعب الفرنسي ارتكب غلطة عمره بانتخابه فرانسوا هولاند.ساركوزي لن يسمي نفسه زعيما بعد خروجه من السلطة بهدف التأمر وقضاء وقت الفراغ والتخصص في إرسال التعازي .ساركوزي لن يقف عائقا ضد الرئيس هولاند في تنفيذ سياساته لإنقاذ الاقتصاد الفرنسي من مصير يشبه مصير شقيقه، اليوناني. ساركوزي في رئاسته لم يكن يلبس بدلة أو بدلتين جديدتين يوميا وهو في عاصمة الأناقة العالمية، ورئيس دولة غنية وصناعية ولم يكن أحدا يضع له، الجزمة في قدميه. ساركوزي لم يكن يقبل النفاق وكان يقبل النقد ولايتعامل مع الناقد كعدو للمنجزات الحضارية لصانع فرنسا الحديثة. ساركوزي لم يرع شبكة المحسوبية الأسرية والمناطقية والقبلية ولم يخض حروبا مسلحة ضد معارضيه ولم يقسم شعبه طوائفا وأحزابا ولم يخوّن أحدا من أبناء شعبه. ساركوزي لم يتربع على عرش فساد ظاهر وباطن ولم تنشئ، أسرته 26 شركة باسم، أشخاص لايملكون رؤوس أموالها. ساركوزي لم يكن يقول ما لا يفعل كالزعم بتشجيع الاستثمار عبر النافذة الواحدة ثم يفرض الشراكة عن طريق وكلاء، بالنفوذ وباسم الحماية، ولم تمت في عهده عدن ومنطقتها الحرة التي لو كانت، سنحان قريبة منها لكان لها شأن آخر. في فرنسا يقال فلان يستثمر وفي اليمن فلان بيعمر( يبني بيتا) لأن اليمن أصبح بلدا طاردا، للاستثمار في عهده. ساركوزي لايملك مزرعة ضخمة في الجر (عبس تهامة)، ولم يعطّش أكبر محافظة يمنية سكانيا ويعدها بمطار وبماء محلى من البحرثم ينسى لأنه لم يكن صاحب مصلحة مباشرة في إنشائهما ولأنه لم يكن يريد القليل جدا، من الخير إلا لفئة محدودة في الحزام القبلي المجاور له. لو كان ساركوزي هو الذي قال لاتردوا بعد التفجير الإرهابي لجامع النهدين لوفى بوعده، ولن يقتل المئات عمدا. ولو قامت ثورة سلمية ضد ساركوزي، كالتي قامت ضد حكم صالح لترك السلطة لأنه حامل ميراث ديجول الذي وجد في مظاهرات الشباب في مايو عام، 1968استفتاء على حكمه وهو بطل فرنسا، ومحررها من النازية لأن السلطة، لم تكن غاية بحد ذاتها وتركها، بدون من ولا أذى. ساركوزي من طينة ثقافية وسياسية أخرى أما طينة صالح فحصل بينها وبين الوطنية والمصلحة العامة طلاق بائن. ساركوزي كان رجلا مدنيا و تدرج في التعليم من الحضانة حتى الجامعة أما صالح فحدث ولاحرج، وفي عهده دمر التعليم، وكل المؤسسات. ساركوزي لم يفكر مطلقا بتصفير عداد الرئاسة وتعديل الدستور لكي يبقى رئيسا طوال حياته ثم يورث منصبه لإبنه. ساركوزي لم يحول باريس إلى ثكنة عسكرية، تديرها أسرة واحدة. ساركوزي لم يبن قصرا جديدا لا في داخل فرنسا ولا خارجها من المال العام ولم يقل أن السلطة مغرم لامغنم، وأنه حبا بشعبه حمل كفنه بيديه لأن كفن صالح كان الغرض منه، تكفين، الدستور والنظام الجمهوري ودفنهما به. ساركوزي عاش على مرتبه وعلى مخصصات الرئاسة العلنية ولم يتمرغ في وحل العمولات والعطايا الإجبارية من المالين العام والخاص، وبعد مغادرته قصر الإليزيه لن يطلب ساركوزي، حماية لواء كامل وسيكون مواطنا طبيعيا كما كان رئيسا طبيعيا. ساركوزي لم يغادر السلطة مجبرا، ومحميا بحصانة دولية ولكن، محميا، بالقانون و بشعبه لأنه نظيف اليدين. وعندما يتذكر الفرنسيون ساركوزي سيكون في ذاكرتهم مختلفا عما تختزنه ذاكرة اليمنيين عن صالح