لم نختر تاريخ مولدنا كما لم نختر تاريخ وفاتنا فنحن في وجودنا –حسب أبو الفلسفة الوجودية جان بول سارتر مجبرون ، وعليه فلماذا نحاسب على مانقوم به بين هذين التاريخين الإجباريين ، ومن هنا وصفت فلسفة سارتر الوجودية بأنها وجودية ملحدة في مقابل تلك الوجودية المؤمنة او المسيحية بتعبير آخر والتي كان على رأس هرمها الفيلسوف الوجودي الدنماركي سورين كيركجارد الذي عاش مسكوناً بخطيئة ارتكبها والده ، ولا زلت أتذكر كيف كان أستاذ مادة الفلسفة الوجودية في الجامعة يلوي حنكه ليعلمنا كيف ننطق اسم كيركجارد ، غير أنني اليوم فوق حاجتي للي حنكي لتعلم الانجليزية الأمريكية وهي سهلة ولاشيء أما لغتنا العربية العظيمة الجبارة والعميقة لغة الضاد وما أدراك مالضاد ؟ ! . أحتاج للي عقلي لأتمكن من فهم أمريكا اليمنية . إنها مجموعة مفارقات كل يوم أكتشفها وأقف أمامها في حيرة من أمري فأي شعب هذا الذي يهاجر إلى ما وراء المحيطات ليمارس طقوسه اليمنية جيدها وسيئها ولايجيد لغة البلاد التي هو فيها بل إن الأخبار الواردة من ولاية ميتشغن تقول بأن اليمنيين هناك طوعوا البيئة لمصلحة طقوسهم وعاداتهم بل وأجبروا الأماكن النظيفة على الاتساخ ولطخوا الزجاجات الشفافة بآثار القات والشمة وفرضوا الأذان بمكبرات الصوت وأقسموا بالمصحف الشريف أن يجعلوها يمنية حتى النخاع ومعصودة حتى الرمق الأخير ومستوفية لكل شروط (اليمننة) فمن دخل قرية اليمنيين في أمريكا فهو آمن ومن خزن فيها فهو آمن ومن أراد أن يكلم نفسه ويمزق ثيابه ليمارس الجنون في شوارعها فهو آمن ، ولايجوز للكفار المسيحيين أن يحزقوه ويحملوه إلى مصحة نفسانية خشية مصادرتهم لعقله اليمني وهو في غفلة منه . العقل اليمني ذلك العقل الجبار الذي استبدل إمامه المتدين بإمام بلا دين ، وقال للاستعمار وداعاً ليستقبل الاحتلال وحول بلاده من شطرين إلى أشلاء . العقل اليمني الذي اخترع القاوق ، واستورد الفوطة ، وصدر السنيدار ، وقاوم الحداثة ، وناهض العولمة ، وهجر اليهود إلى إسرائيل وغير إسرائيل ، وترك الصهاينة يسرحون ويمرحون في البلاد ويعبثون بخيراته و مقدراته . العقل اليمني الذي عين عبد الوهاب طواف ( القبيلي ) سفيراً له في دمشق ولفظ المرحوم النقي التقي فرج بن غانم إلى خارج البلاد وقال لقائمة الفاسدين الأشرار الذين قدمهم للمحاكمة إذهبوا فأنتم الطلقاء . العقل اليمني وما أدراك ما العقل اليمني ؟! مؤمن في إلحاده وملحد في إيمانه فكيف لسارتر أن يعترف بوجوديته وما شأن كيركجارد به . صحيح أنني لم ألتق بعد بابراهام لينكولن اليمني الذي يريد تحرير الأمريكان من عبودية البراجماتية وملكها المستبد وليم جيمس ولكن لاشك أنني سأكون على موعد معه ومع صاحبه مارتن ( روفل) اليمني صاحب مقولة : Ihave adream ذلك الذي يحلم بأمريكا اليمنية .. فأين أنت يا صديقي الحالم العظيم ؟ [email protected]