تظاهر مئات الطلاب السودانيين الأول من أمس في الخرطوم احتجاجاً على مقتل أربعة طلاب من دارفور في جامعة “الجزيرة” بمدينة ود مدني (180 كيلومتراً جنوبالخرطوم). وكانت السلطات السودانية قد عثرت على جثث أربع طلاب من دارفور يدرسون بجامعة الجزيرة في ترع تغذي مزرعة بالجامعة. واتهم طلاب دارفور في الجامعة سلطات الأمن بقتلهم، على إثر فعاليات احتجاجية صعدها طلاب دارفور للمطالبة بإعفائهم من الرسوم الدراسية. وعقب العثور على جثث الطلاب الأربع، وتصاعد موجة الغضب، أصدرت إدارة جامعة الجزيرة قرارا بتعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى. لكن التداعيات سرعان ما انتقلت أمس إلى العاصمة الخرطوم ومدن أخرى . وانطلقت التظاهرات من جامعات “الخرطوم” و”النيلين” و”الأهلية” و”السودان” في آن واحد، ونجح الطلاب في نقل التظاهرات بسلاسة من داخل الجامعات إلى مناطق تجمعات الناس متجاوزين القوات الأمنية الموجودة حول بعض الجامعات، في سابقة نادرة منذ تولي الرئيس السوداني عمر البشير السلطة في البلاد قبل نحو ربع قرن. وقبل خروج التظاهرة خاطب المتحدث باسم روابط دارفور طلاب جامعة الخرطوم قائلاً: “إن الحكومة تحاول تقسيمنا لكننا شعب واحد وقضيتنا قضية واحدة وعادلة”. واتسعت دائرة التظاهرات بشكل لافت بانضمام العشرات من الشعب السوداني فور وصولها المنطقة القريبة من مواقف السيارات العامة بالقرب من استاد الخرطوم، ما أدى إلى تدخل الشرطة التي حاولت تفريق المتظاهرين مستخدمة الهراوات والقنابل المسيلة للدموع. ورفع المتظاهرون شعارات تندد بالحادثة، ورددوا هتافات مناوئة للحكومة السودانية، وأخرى مؤازرة لضحايا الحادثة ولدارفور، مثل “بالروح بالدم نفديك يا دارفور”. وهتف الطلاب المتظاهرون في تلك الجامعات:”لا قبلية ولا جهوية سودانية ميه الميه”، و “لن ترتاح يا سفاح”، و”الموت الموت ولا الجبروت”، و” مقتل طالب مقتل أمة”. وأعلنت شرطة ولاية الخرطوم، توقيف 47 متهماً بإثارة الشغب والفوضي إثر تجمع عدد من طلاب بعض الجامعات بوسط الخرطوم، بصورة غير مشروعة. وقالت الشرطة في بيان أن الطلاب تجمعوا على خلفية غرق 4 من طلاب جامعة الجزيرة، مشيرة إلى أنهم تسببوا في عرقلة الحركة وإثارة الفوضى والشغب، بجانب القيام بإتلاف بعض الممتلكات العامة والخاصة (من بينها إتلاف متعمد لاحد بصات الولاية، وتهشيم زجاج عدد من سيارات النقل والمواطنين). وأكدت الشرطة سيطرتها على الموقف "مستخدمة الحد الأدنى من القوة المدنية"، وتوقيف 47 متهما من المشتبه فيهم، وتدوين بلاغات جنائية في مواجهتهم، مؤكدة عدم حدوث اية إصابات وسط المتظاهرين. وشددت شرطة ولاية الخرطوم على التزامها بحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة. وأصدر وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة، قراراً بتشكيل لجنة للتحري في أحداث جامعة ، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة. من جانبها ذكرت الشرطة في بيان صحفي أنها عثرت على جثتين لطالبين في جامعة الجزيرة غريقين في ترعة قبل أن تعثر على جثتين إضافيتين مساء أمس، وأوضحت أن تحرياتها لا تزال مستمرة. وذكرت الشرطة في البيان أنه ظاهريًا لا يوجد ما يشير إلى تعرّض المتوفيين لأي نوع من الاعتداء، وأنه تم تسليم الجثمانين للمشرحة بأمر النيابة لمعرفة سبب الوفاة. وذكر مجلس عمداء الجامعة في بيان صحفي أنه قرر عقب اجتماعه الطارئ تعليق الدراسة في كل كليات جامعة الجزيرة ومعاهدها ومراكزها مستويات الدراسة. وكان طلاب دارفور يتمتعون بإعفاء من الرسوم الدراسية بموجب قرار رئاسي صدر عام 2006، غير أن وزارة التعليم العالي أصدرت في 24 أكتوبر الماضي قرارًا بإعفاء الطلاب الذين يؤدون امتحانات الشهادة الثانوية من داخل معسكرات النازحين فقط، على أن يدفع باقي طلاب الإقليم، الذي يشهد اقتتالاً بين بعض الحركات المسلحة والحكومة الرسوم، أسوة بغيرهم من الطلاب