بعدما ظل شهر سبتمبر مناسبة لكيل المديح للثورة والجمهورية وتعداد مساوئ النظام الإمامي الملكي الذي طويت صفحته في 26 سبتبمبر 1962، تبدل الأمر في الآونة الأخيرة على الصعيد الشعبي بالدعاء بالرحمة لحكام العهد الملكي، وذلك عطفاً على الوضع المأساوي الذي وصلت إليه حالة اليمنيين جراء دورات الصراع والاقتتال ومظاهر الفساد التي طبعت عهود الرؤساء الجمهوريين. وعلى غير العادة، توقف الكثير من اليمنيين أمام مناسبة 19 سبتمبر التي صادفت الخميس الذكرى ال51 لرحيل الإمام أحمد حميد الدين، آخر ملوك المملكة المتوكلية اليمنية الذي توفي في نفس اليوم من عام 1962، وذلك باعتبارها مناسبة للترحم على عهد كانت فيه أوضاع اليمنيين أفضل بكثير من سنوات ما بعد 1962، التي حول فيها زعماء الثورة أحلام الجمهورية إلى سراب وحياة الناس إلى جحيم جراء الصراعات الدموية والاقتتال من أجل أطماع في السلطة وليس من أجل مصالح الشعب. وفي هذا السياق، قال الباحث والمحلل السياسي، عاصم الصبري: كثير من اليمنيين أصبحوا يترحمون على عهد الإمام، بسبب السلطة التي مارست الحكم منذ الثورة وإلى اليوم، فمن حينها والحال في تراجع ويزداد سوءاً اقتصادياً أو اجتماعياً، ما دفع قطاعات كبيرة إلى الترحم على الإمام وعلى العهد الملكي، ولا سيما أن قوى خارجية تعبث بالوضع الداخلي. ومن جانبه، قال هاني محمد حسين، وهو طالب دراسات عليا: "الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين هو أحد أبرز من حكموا اليمن خلال القرن الماضي، وشهد اليمن خلال عهده فترة استقرار أمني جاء كنتاج طبيعي للفترة الذهبية التي عاشتها البلاد في زمن المملكة المتوكلية اليمنية، وذلك بسبب استقلال القضاء". وأضاف: إيجابيات نظام الحكم الإمامي كانت أكبر من سلبياته، وكما يحدثنا الآباء فقد لعب النظام الملكي أدواراً ساهمت في الحفاظ على ممتلكات المواطنين، وشهدت الحياة الاجتماعية تطوراً نسبياً، خصوصاً خلال فترة الإمام أحمد من 1948 إلى 1962، حيث كان اليمن يمثل دولة نظام وقانون بصورة متقدمة على مستوى المنطقة، وللأسف الشديد فإن السياسيين في العهد الجمهوري عملوا على تشويه العهد الملكي ونسف تاريخه. العربية نت