الحلقة الرابعة في القاهرة كان اللقاء.. بعلامات تميز كل واحد فينا حتى يمكننا أن نلتقي ونجح هدفنا حتى التقينا.. وحين التقيت بها كانت مفاجأتي الأولى أنني وجدتها بملامح عادية.. ليست جميلة.. وليست دميمة.. لكنها لم تكن كما تخيلت..!! أو كما تمنيت أن أراها.. ولقد وصلها حتما شعوري هذا لكنها لم تبالي به.. خاصة مع كرمي الزائد معها وترحابي الشديد بها حتى أنني تركت نفسي لكلامي معها كما كنا نتحدث عبر التليفون.. حتى أننا ظللنا نتحدث قرابة الساعتين والنصف ومر الوقت كأن الساعتين خمس دقائق..!! وحينها ربما بدأ عقلي يفكر ويسأل..؛ ويقول لي.. ولما لا تحبها..؟؟ ألست ترتاح في الكلام معها..؟؟ لكن قلبي كان يصرخ ويقول.. لكنها لست من أتمناها.. ليست الحلم الذي يراود خيالي.. والحب يعنى زواج.. والزواج يعنى مشوار حياة.. فكيف أقبل على مشوار حياة بنصف اقتناع..؟؟ ***** ولا شك أن بعد هذه المقابلة فترت علاقتنا نسبياً.. ورغم أنني تعودت وجبلت على ألا أجرح أحاسيس أي إنسان خاصة عندما تكون فتاة.. إلا أنى شعرت أن (ش) قد وصلها انطباعي الأول نحوها وأرادت ألا تتمادى في علاقتها معي وقطعها تدريجياً حتى لا تكون عبئاً على مشاعري.. وربما هذا ذكاء منها يحسب لها فالذي حدث بعدها أنني أصبحت أنا الذي اتصل بها دوماً ولا ترد هي اتصالاتي لها إلا قليلا جداً وأنا الذي أرن عليها ولا ترد هي على كل رناتي..!! وبينما فكرت أنا أن أطلب لقاءها مرة أخري عسى أن يكون لقاؤنا الثاني سبباً في زيادة الروابط بيننا وربما تتغير نظرتي نحوها.. جاءت هي لترفض هذا اللقاء بحجة أن أخيها منذ فترة يحرص على أن يسافر دوماً معها ويعود وحده كي يؤنسها ويحرسها في سفرها.. وبالتالي لا يمكن أن تقابلني في ظل وجوده معها.. ورغم أنها قالت مسبقا أن أخيها لا يسافر معها إلا في أحوال نادرة لأنه طالب ثانوي وأصغر منها ولا حاجة لها بوجوده معها دوماً بخلاف أن والدها يثق فيها كما قالت.. إلا إنها كان يبدوا لي أنها تتعذر به وبسفره معها – الوهمي غالباً – لزيارة أهلها بالمدينة التي بها كليتها على حد قولها وذلك كي تجد مبرر قوي يمنعها من مقابلتي..!! ولهذا شعرت أنها تتهرب من لقاءي ، ويوما بعد يوم قلت الاتصالات بيننا ثم انقطعت العلاقة تماماً.. رغم استمرارها لنحو العام..!! ***** وفي ذلك التوقيت كنت قد أنهيت دراستي الجامعية وخلال فترة دراستي الجامعية ولآن جامعة الأزهر لها فرع للبنين وفرع للبنات منفصلين عن بعضهم البعض.. فقد فشلت وكالعادة في عمل أي علاقات مع فتيات جامعة الأزهر.. بالطبع انفصالنا العلمي كشباب عن البنات أحد أهم أسباب عدم تمكني من عمل علاقة زمالة على الأقل.. إلا أن خجلي كان السبب الأهم والأكبر في فشلي في عمل أي علاقة بأي فتاة..!! ورغم أنني وزملائي كنا يومياً نخرج من كلياتنا ونتقابل عند المنطقة التي كنا نطلق عليها أسم "الجبلاية" نظراً لأنها توجد على أرض مرتفعه (وهي محطة كلية البنات الإسلامية بمدينة نصر بالقاهرة).. ومن هناك كنا نستقل الأتوبيس الذي يعود بنا حيث المسكن المشترك بيننا في إحدى أحياء القاهرة الشمالية كجيران وبالطبع كان يركب معنا الكثيرات من الفتيات منهم من ينزلن في وسط الطريق ومنهم من كن ينزلن في نفس محطتنا أي أنهن جيران فعليين لنا.. ومع ذلك فشلت أنا في بناء أي علاقة مع أي فتاة..!! عكس عدد كبير من زملائي كان الواحد منهم يصادق أكثر من فتاة ويحدث الكثيرات في وقت واحد.. وربما كنت أغير بالفعل من هؤلاء وأشعر بالسخط من نفسي أنني لست مثلهم.. لكنى كنت أرسم على ملامحي الجدية وأرى أن ما يفعلونه حركات صبيانية يجب أن أكون أنا أكبر منها.. فبماذا تفيدني علاقة عابرة ستنتهي سريعا بعد انتهاء الدراسة.. خاصة وأنني كنت أحلم بعلاقة تدوم.. لتكون علاقة العمر كله.. إلا أن هذا لم يمنعني من عمل بعض العلاقات العابرة والقليلة جداً مع بعض الفتيات لكنها لم تكن تصل إلى حد اللقاء الخارجي كما نجح الكثيرون في هذا.. وإنما فقط نكتفي بتبادل قولة صباح الخير .. وربما بعض الحديث العابر عن أحوال الدراسة ومشاكلها.. وربما لم أتمكن ولم استطع أن أقوي تلك العلاقات لأنني كنت لازالت فعلياًً على علاقتي ب (ش) التي عرفتها عبر التليفون فاكتفيت بها حتى لا أكون طماعاً.. كما أنني كنت أشعر أني كبرت ونضجت بما فيه الكفاية وأن من يفعل هذا هما التافهون والفارغون.. أما أنا فكنت أتمنى أن لو نجحت في عمل أي علاقة تكون هي العلاقة التي تستمر بشكل دائم لتتحول إلى حب وحياة.. وبالطبع زواج.. أي أنني كنت أبحث في كلا علاقة عن قصة حب.. وليس مجرد علاقة عابرة سرعان ما تنتهي كما بدأت.. ولأنني لم أجد الفتاة التي تحمل المواصفات التي أتمناها أو وجدت في واحدة أو اثنتين ممن التقيهم يومياً من تقترب من تلك المواصفات إلا أن محاولتي للتقرب لهن فشلت أيضاً ربما لأنني لم أجيد التعبير عن نفسي.. وربما لأنني خجلت في بعض الأحيان من الحديث لهن.. وربما أيضا لآن تعبيراتي لهن لم تشعر بها أي منهن أو ربما وهذا هو الأهم أنه لم تمنحني إحداهن الفرصة للتعبير عن اهتمامي وإعجابي المبدئي بها.. لذلك فقد انتهت المرحلة الجامعية لأجد نفسي بلا حب.. خاصة بعد أن ابتعدت (ش) بشكل كبير جداً.. وبلا عمل بالطبع.. وكان هذا هو الكابوس الأكبر والذي كان يشغل حيز كبير من تفكيري طيلة عام ونصف قبل إنهاء دراستي الجامعية وكنت أقول لنفسي ماذا سيصنع لي الحب وأنا لم أؤمن مستقبلي المادي.. وما الذي قد يفعله الحب وأنا أدرك أنني سأخرج للحياة بلا عمل أحمل شهادة يحملها الكثيرين مثلي ويجلسون بها على المقاهي.. فما جدوى الحب حينها وليس هناك ما يضمن استمراره..؟؟ وحقاً لا أعرف كيف فكرت بهذا الشكل العملي رغم احتياجي العاطفي.. لكن هذا التفكير بهذا الشكل هو ما جعلني استسلم لفشلي في بناء أي علاقة أثناء الدراسة الجامعية لآن عيني كانت تنظر للمستقبل القريب.. الذي لابد أن يكون اهتمامي فيه بالعمل أولاً.. ثم الحب ثانياً.. وليس أي حب وإنما الحب الذي يعيش ويبقى إلى نهاية العمر.. وربما كنت أسأل نفسي.. هل سأجد هذا الحب بسهولة..؟؟ أم سأتعذب حتى أجده..؟؟ أم سأجده وأتعذب مع من أحبها..؟؟ أفكار كثيرة كانت تطارد رأسي.. لكن كانت الفكرة الأكبر والأهم والتي شغلت مساحة كبيرة جداً من تفكيري هي فكرة مشروع حلمت في لحظة ما بتنفيذه.. لكنى لم أكن اعرف كيف أنفذه.. لهذا شغلت نفسي بمحاولة تنفيذ ولو جزء منه أثناء عامي الدراسي الأخير.. صحيح لم أفلح في هذا بشكل كامل.. لكني على الأقل.. عرفت من أين أبدأ..؟؟ لذلك أنهيت دراستي الجامعية وليس لي هدف سوى تنفيذ هذه الفكرة.. أو استكمالها على وجه الدقة..!! والسعي خلف تحقيقها بكل طاقتي.. وهذا ما كان.. لكني لم أكن أعرف وأنا أسير في هذا الطريق.. أنني تنتظرني أهوال.. وأهوال.. قد لا يتخيل أحد أن يمر بها إنسان..و... أو يستطيع أن يتحملها.. وهذا ما سوف نعرف تفاصيله في الحلقة القادمة.. بإذن الله *****