توفي فجر اليوم الثلاثاء الشاعر أحمد فؤاد نجم في منزله بالمقطم عن عمر يناهز ال 84 عاما,وستشيع الجنازة بعد ظهر اليوم من مسجد الحسين ، على أن يقام العزاء بمسجد "بلال ابن رباح" بالمقطم. يذكر أن نجم الملقب بالفاجومي " من مواليد 1929 ، ونشأ في قريه كفر أبو نجم بمحافظة الشرقية، وهو أحد أهم شعراء العامية في مصر ويعترف به الكثيرون كأب لثوار الكلمة ، ويعد اسما بارزا في الفن والشعر العربي وبسبب ذلك سجن عدة مرات. برحيل الشاعر المصري، أحمد فؤاد نجم، فجر اليوم، عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد رحلة طويلة من العطاء ،تفقد مصر أحد أبرز شعراء العامية علي الإطلاق في النصف الثاني من القرن العشرين، شاعر الشعب الذي مثل أحد أهم الظواهر الشعرية السياسية المصرية، وأحد أبرز اليساريين المناضلين الذين دفعوا أثمانًا لأجل التعبير عن الروح الاحتجاجية لهذا البلد. فقد رحل نجم عن عالمنا بجسده فقط ، لكن تبقى أشعاره دائماً ملاذاً لروح الثورة، وقيمة كبيرة فى الحياة الشعرية المصرية لا تعويض لها. وكانت آخر كلمات نجم التي ألقاها عقب إحياء أمسية شعرية بالعاصمة الأردنية عمان منذ يومين، إنه يرى ما حدث في 30 يونيو موجه ثالثة للثورة، وأن مصر "مامتتش" وأنه لا يريد الفريق السيسي أن يترشح للرئاسة قائلاً:"السيسي خليه للجيش وبس"، أما الإخوان فقال عنهم "خليهم يغوروا بقي". ولد فؤاد نجم فى الثالث والعشرين من مايو 1929 بقرية كفر أبو نجم بمدينة أبو حماد فى محافظة الشرقية، وهو من أبرز شعراء العامية فى مصر، والذى شكلت أغانيه جزءاً كبيراً من شخصية جيل 25 يناير الذين يعتبرون قصائده هى الأكثر تعبيراً عن همومهم وطموحاتهم. نجم كان ضمن 17 ابنًا، لم يتبق منهم سوى خمسة، فقد تسببت وفاة والده فى انتقاله لبيت خاله بالزقازيق، حيث التحق بملجأ أيتام عام 1936، وقابل فيه الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وخرج من الملجأ عندما بلغ 17 عاما، وعاد لقريته مرة أخرى، ثم انتقل للقاهرة بعدها، وعمل بمعسكرات الجيش الإنجليزى، متنقلا بين مهن كثيرة، كبائع، وعامل بناء، وترزى، وفى ذلك الحين تعلم القراءة و الكتابة . وانتقل "الفاجومى"، إلى النقل الميكانيكى فى العباسية عام 1959، وعمل بأحد المعسكرات الإنجليزية، ومن هنا بدأ نضاله الوطنى بمساعدة الفدائيين فى عملياتهم، وتعرف على الشيخ إمام، كان يعبر من خلال أشعاره عن شخصية مصر، وجراحها، وآلامها، وأحلامها، وكان من بين تلك الأغانى و الأشعار أنا أتوب عن حبك، وعشق الصبايا، وساعة العصارى، واتجها لتكوين فرقة للتأليف والتلحين والغناء . بدأ نجم كتابة الشعر في الخمسينات وعرف في مصر في الستينات بقصائده السياسية النقدية المرتكزة على حس اجتماعي عميق تجاه الحرية والعدالة الاجتماعية، ما ادى الى اعتقاله اكثر من مرة في فترة حكم الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وانور السادات. واصبح من اهم الظواهر الشعرية السياسية بعد لقائه مع الملحن والمغني الراحل الشيخ امام عيسى، واصبح الاثنان معا من اهم ظواهر تظاهرات الطلبة في الجامعات المصرية مطلع السبعينات، اذ ان اغانيهما انتشرت في الوسط الطلابي وكان لها دور كبير في انتفاضة 19 كانون الثاني/يناير 1979 التي اطلق عليها الرئيس السادات اسم انتفاضة الحراميه. واتسع نطاق شهرتهما في العالم العربي واصبحا معروفين لدى غالبية الشباب حتى ان شهرتهما في البلاد العربية كانت اكثر اتساعا منها في بلدهما مصر. وكان لفؤاد نجم، العديد من الأشعار، والقصائد التى تدل على كفاحه الوطنى ومعارضته لجميع الأنظمة، حيث عارض السادات بسبب معاهدة كامب ديفيد، وعارض مبارك، وأخيرا جماعة الإخوان المسلمين، التى وصفها بالتشكيل العصابى، وكان من بين أشعاره "ضليلة فوق رأس الشهيد"، التى كتبها أثناء حرب أكتوبر 73، و"يعيش أهل بلدى" و"شيد قصورك. دخل السجن 7 مرات بسبب مواقفه السياسية، فيما ارتبط اسمه براحل آخر فقدته مصر وهو "الشيخ إمام" الذى شكل مع نجم ثنائياً عبر عن الثورة خير تعبير، واختير "نجم" – المولود فى أحد ملاجئ الأيتام - سفيرا للفقراء عام 2007 من جانب المجموعة العربية فى صندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة. اكتشف نجم، المثير للجدل، الشعر في السجن في خمسينيات القرن الماضي، وعُرف في الستينيات، ولم يتوقف عن الكتابة من ذلك الحين، واستخدمت أشعاره في جميع المظاهرات المطالبة بالحرية، وحين اندلعت الثورة بالتحرير لم تكن هناك أفضل من كلماته "الجدع جدع والجبان جبان"، ليرددها الثوار في الميدان. وتزوج "نجم" العديد من المرات أولها من فاطمة منصور أنجب منها عفاف، ثم زواجه من الفنانة عزة بلبع، والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها الناشطة والصحفية نوارة نج، كما تزوج ممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، وآخر زيجاته كانت أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زين. وشهدت حياة نجم عدة مسارات شكلت فكرة أبرزها الاحتجاجات العمالية إبان فترة الملك فاروق ثم اعتقاله فى فترات الرؤساء، وكانت أشعاره لمصر حاضرة فى كل مناسبة عن الوطن، وهى التى قال فيها "كل عين تعشق حليوة وأنتى حلوة فى كل عين". ومازجًا هموم الطبقة العاملة مع السخرية والحقيقة المرة للقهر، كتب نجم أشعاره. وقد حصل الشاعر الكبير على المركز الأول فى استفتاء وكالة أنباء الشعر العربى، وكان موقفه معادياً واضحة للإمبريالية الأمريكية، وهو ما وضح فى أشعاره صريحة حينما كتب عن الرئيس الأمريكى السابق "شرفت يا نيكسون يا بتاع الووتر جيت.. عملولك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت"، وفى المقابل كان ناعياً لتشى جيفارا أيقونة الثورة فى القرن العشرين، وكان من أشد المعزين فى وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، رغم سجنه خلال فترة حكمه. ولم ينفصل نجم يومًا عن الهموم السياسية والاقتصادية لهذا الشعب، ولم يتوقف يومًا عند إثارة الجدل حول قصائده التي لطالما تلازمت مع إسم الشيخ إمام، منذ مطالع السبعينيات وانتفاضة الخبز عام 1977 وحتي ثورة 25 يناير والموجة الثورة في 30 يونيو، كما اسماها الخال. لم يترك نجم رئيسًا مصريًا إلا ووجه له النقد الحاد، وهي ما جعله يقضي حوالي 18 سنة من عمره بالسجون منها 11 عاماً قضاها بالسجن بعد سخريته من حديث تليفزيوني للرئيس الراحل أنور السادات، ولكن الحكم جلب له شهرة واسعة أيضًا. ورغم عمره المتقدم إلا أن نجم كما قال في تصريحات في مقابلة مع قناة الجزيرة الإنجليزية العام الماضي "لازال يكتب كابن 25 عام ويشرب كابن 25 عام، ويسعد إمرأة كابن 25 أيضًا". وقد حصل الراحل قبل وفاته بشهرين على اعتراف دولي جديد بقيمته الشعرية ونضاله الكبيرة، حين حصل علي جائزة الأمير كلاوس الهولندية "تقديراً لمساهماته وأشعاره باللهجة العامية المصرية التي ألهمت ثلاثة أجيال من المصريين والعرب، فقد تميزت قصائده بحس نقدي ساخر وبتأكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية"، لكن القدر لم يمهله تسلم جائزته في العاشر من ديسمبر الجاري. كما فاز بالجائزة الكبرى لمؤسسة الامير كلاوس للثقافة والتنمية الهولندية تقديرا لتاثيره الكبير في عدة اجيال مصرية وعربية، وكان يفترض ان يتسلمها في 10 كانون الاول/ديسمبر. وقالت المؤسسة الهولندية ان "منح الشاعر هذه الجائزة ياتي تقديرا لمساهماته واشعاره باللهجة العامية المصرية التي ألهمت ثلاثة اجيال من المصريين والعرب. فقد تميزت قصائده بحس نقدي ساخر وبتاكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية".