التقى الرئيس السوري بشار الاسد والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بالزعماء اللبنانيين المتنافسين الجمعة في محاولة لتهدئة أي توتر بشأن محكمة دولية قد توجه اتهامات لاعضاء في حزب الله اللبناني في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. وكان مقتل الحريري عام 2005 قد تسبب في اضطراب سياسي هائل في لبنان ما زالت تداعياته فاعلة حتى بعد مرور خمس سنوات. وتعكس الزيارة التاريخية المشتركة الاهتمام العربي بتهدئة التوتر في لبنان. وقال بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية ان القادة بحثوا "سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان". وأضاف البيان أن القادة أكدوا "أهمية الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة... ومواصلة الالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا على اي مصلحة فئوية". وقال حسن فضل الله النائب في حزب الله ان القمة المصغرة بحثت تداعيات القرار الظني للمحكمة الدولية على لبنان. واضاف "القمة بحثت بالدرجة الاولى تداعيات موضوع المحكمة الدولية وما يمكن أن تحدثه قراراتها من تأثيرات على الوضع في لبنان ونحن نعتبر ان هذا الموضوع خطير وحساس جدا لجهة توظيف المحكمة في تصفية حسابات اسرائيلية ضد المقاومة بخاصة بعد ان صدر القرار الظني من اسرائيل". وقال فضل الله "ننتظر ان تترجم نتائج هذه القمة لدرء مخاطر المشروع الاسرائيلي ضد لبنان ونحن كنا دائما مع كل جهد عربي يصب في اطار تأمين الحماية للبنان في مواجهة المخططات الاسرائيلية التي تهدف الى زعزعة استقراره وسلمه الاهلي". وثار قلق الاسد والملك عبد الله بسبب التوترات السياسية التي نجمت عن تصريحات أدلى بها السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله الشهر الحالي وقال فيها إن الحريري أبلغه أن المحكمة الدولية ستوجه الاتهام لاعضاء "مارقين" في الحزب في قضية اغتيال الحريري. ويقول نصر الله ان على لبنان أن يرفض اي اتهامات كهذه من المحكمة التي يصفها بأنها "مشروع اسرائيلي". ويدعم الحريري الحليف للسعودية والذي تضم حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها حزب الله وفصائل أخرى مؤيدة لسوريا جهود المحكمة التي تدعمها الأممالمتحدة من أجل تقديم قتلة والده إلى العدالة. وتقول المحكمة ومقرها لاهاي إن الحديث عن الاتهامات هو مجرد تكهنات وإن ممثل الادعاء سيوجهها عندما يكون جاهزا. وأدى النزاع بين الائتلاف الذي يقوده الحريري وحزب الله إلى جر لبنان إلى شفا حرب أهلية عام 2008 في أزمة وصلت إلى ذروتها بسيطرة حزب الله لفترة قصيرة على العاصمة اللبنانية. لكن اتفاقا تم برعاية قطرية ودعمته سوريا والسعودية أدى إلى تهدئة الأوضاع نسبيا. وقال المحلل السياسي اللبناني سليمان تقي الدين ان الزيارة السعودية السورية "هي زيارة كبيرة الاهمية واستثنائية واستباقية". وأضاف "لأول مرة قبل أن تنفجر "الأزمة" بأشكال أمنية هناك تفاهم على لم المشكل اللبناني لأن انفجاره سيكون خطيرا جدا على المنطقة". وعقد الرئيس اللبناني ميشال سليمان محادثات مع الرئيس السوري والعاهل السعودي ثم استضاف غداء حضره سياسيون لبنانيون. وفي اجتماعات جانبية قام الملك عبد الله بزيارة لبيت الحريري فيما اجتمع الأسد مع رئيس البرلمان الموالي لسوريا نبيه بري بينما التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع نواب من حزب الله. ثم أقلت مواكب سيارات الزعيمين -اللذين وصلا معا على متن طائرة سعودية من دمشق- لتعود بهما إلى مطار بيروت قبل الوصول المقرر لأمير قطر. وقال وزير الداخلية اللبناني زياد بارود للصحفيين إن البناء على قمة بيروت يحتاج إلى الكثير من العمل. وزيارة الاسد لبيروت هي الاولى منذ اغتيال الحريري. وأدت ضغوط الولاياتالمتحدة وفرنسا والسعودية في النهاية إلى إجبار سوريا على سحب قواتها من لبنان بعد 29 عاما من وجودها العسكري فيه. واتهم الحريري الابن عندما قاد تحالفا واسعا مناهضا لسوريادمشق في باديء الامر باغتيال والده. وتنفي سوريا عن نفسها هذا الاتهام كما تنفي تورطها في قتل أي من الرموز المناهضة لها في لبنان. لكن بعد أن تولى رئاسة الوزراء العام الماضي تخلى الحريري عن خطابه المناهض لدمشق وزار العاصمة السورية عدة مرات وحقق تقاربا مع الاسد الذي حسن من علاقات بلاده مع القوى الغربية وأقام علاقات وثيقة مع تركيا. وزار الملك عبد الله لبنان آخر مرة عام 2002 لحضور القمة العربية وكان وقتها لا يزال وليا للعهد. وهو أول عاهل سعودي يزور لبنان منذ عقود.