مر قطار بايرن السريع في سبيله مخلفاً وراءه واحداً من أبرز قادته أولي هونيس، بيد أن محطة التوقف بعيدة الأجل. محمد أنور قلمامي عكّرت فضيحة التهرب الضريبي التي كان بطلها أولي هونيس رئيس بايرن ميونيخ صفو أجواء الفريق البافاري ولطّخت صورة أيقونة الكرة الألمانية بعد أن بلغت خلال السنوات الأخيرة العُلا. ففي غمرة الاحتفالات التي يقيمها أنصار العملاق الألماني في الأسابيع الأخيرة استعداداً لاحتضان لقب ال"بوندسليغا" الذي بات على أعتاب البايرن، نزل نبأ اتهام أولي هونيس بالتهرب الضريبي كالصاعقة على جميع المحيطين بالفريق. ولم تنتهِ الأمور عند هذا الحد بل تسارعت الأحداث ليعترف هونيس بالتهمة الموجهة إليه فقررت المحكمة سجنه لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة. وإن كانت هذه الزوبعة لم تؤثر على نتائج بايرن الآنية فإن الملاحظين يظنون أن الفريق سيتأثر عاجلاً أم آجلاً بهذه الفضيحة المدوية، بيد أن العواقب قد تكون مخففة بحكم خبرة النادي العريق ودهاء رجالاته. وسنسلّط الضوء خلال هذا المقال البسيط على أهم إنجازات هونيس مع بايرن ثم نستشرف مستقبل الفريق البافاري في ظل المستجدات الراهنة. فترة ذهبية تعد فترة رئاسة أولي هونيس لنادي بايرن ميونيخ ذهبيةً خالصةً، إذ توّج الفريق بكل الألقاب الممكنة وعانق الإبداع ليدير رقاب جل متابعي الساحرة المستديرة عبر البسيطة. صعد هونيس إلى دفة القيادة في ال27 من نوفمبر/تشرين الثاني 2009، بعد أن شغل خطة مدير النادي لمدة ثلاثين عاماً. ومنذ توليه دفة ربان سفينة الفريق البافاري بدأت نجاحات النادي العريق تظهر للعيان، إذ أحرز بايرن عدة تتويجات محلية وقارية كانت أبرزها خماسية نادرة وتاريخية. وحقق بايرن موسماً استثنائياً (2012-2013) بفوزه بثلاثية نادرة هي الدوري والكأس المحليان ودوري أبطال أوروبا بقيادة مدربه الألماني يوب هاينكس، ثم أضاف بقيادة مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا لقبين آخرين. وأحرز "بيب" كأس السوبر الأوروبية على حساب تشيلسي الإنكليزي، لكنه فشل في الظفر بخامس التتويجات في كأس السوبر المحلية بخسارته أمام بوروسيا دورتموند، قبل أن يظفر باللقب الخامس من بوابة بطولة كأس العالم للأندية. كما ترك هونيس، المستقيل حديثاً من رئاسة بايرن بعد تثبيت عقوبة السجن عليه، الممثل الأول لكرة القدم الألمانية في المحافل القارية على أعتاب التتويج بلقب الدوري المحلي، إذ يتصدّر رجال المدرب غوارديولا لائحة فرق ال"بوندسليغا" برصيد 71 نقطة بفارق 23 نقطة عن أقرب ملاحقيه بوروسيا دورتموند. مرحلة حرجة مرّ الفريق الذي يمثل نواة المنتخب الألماني بمرحلة حرجة عقب إيقاف رئيسه أولي هونيس ثم سجنه إذ لاح الارتباك على محيا لاعبي بايرن خصوصاً خلال مباراة دوري الأبطال أمام آرسنال الإنكليزي والتي آلت للتعادل (1-1). ولم يقدم بايرن مردوده المعهود ولم يتمكن من الفوز في معقله على منافس هزمه خارج القواعد (2-0)، كما لم يقنع الفريق البافاري عشاقه في آخر مباراة له في الدوري الألماني أمام باير ليفركوزن، وفاز بصعوبة بالغة (2-1). وتأثر الفريق كثيراً بما نشر من تحاليل وأخبار عن رئيسه المتخلي، إذ تلقت صورة النادي صفعةً قويةً بعد أن كان مضرب الأمثال في التسيير الرياضي والشفافية رغم أن قضية التهرب الضريبي تخص هونيس لوحده ولا تمت للبافاريين بأي صلة مباشرة. وتأتي كل هذه الإشارات لتثبت أن نجاح الأندية الرياضية مرتبط بالعديد من الظروف المحيطة وأن الفرق الرياضية هي حلقات مترابطة مع المحيط الخارجي والوسط الرياضي ككل، إذ تتأثر بأفعال لاعبيها ومُسيِّريها ومدربيها وتصرفاتهم حتى خارج الميادين. القاطرة لن تتوقف رجحت أغلب التقارير الإعلامية الألمانية منها والأجنبية مواصلة قطار بايرن ميونيخ طريقه بشكل عادي دون توقف لعدة أسباب. وأشارت ذات المصادر إلى أن هيكلة الفريق البافاري ورصيده البشري والمالي يسمح للنادي العتيد باستكمال البناء الذي بدأ هونيس في تشييده منذ استلامه مقاليد النادي. وترك هونيس إرثاً ثرياً لخلفه هيربرت هاينر، الرئيس التنفيذي لشركة أديداس للمستلزمات والأدوات الرياضية، إذ يعيش بايرن أحلى فتراته رياضياً ومادياً وكروياً. ولن يجد هاينر أي صعوبة في مواصلة رحلة حصد الألقاب، إذ أن وضعية الفريق المادية مريحة، حيث يحتل المركز الخامس على سلم ترتيب أغنى نوادي العالم برصيد 1.309 مليار دولار حسب إحصائيات حديثة للمجلة الاقتصادية الأميركية "فوربيس". كما يعج أيقونة الكرة الألمانية بلاعبين أفذاذ أصحاب فنيات كبرى على غرار الفرنسي فرانك ريبيري والهولندي آريين روبن والدولي الألماني باستيان شفاينشتايغر وغيرهم من الأسماء الرنانة التي تدافع عن قميص الفريق. ويقود الفريق البافاري أحد أفضل المدربين الموجودين على الساحة الكروية العالمية جوسيب غوارديولا، الذي عانق الإبداع مع برشلونة الإسباني ويواصل العزف المنفرد مع الألمان حالياً. ويمتلك نادي مدينة ميونيخ الأول أنصاراً متيمين بحب الفريق إلى حد النخاع يجوبون ملاعب العالم مساندةً لزملاء النجم الفرنسي فرانك ريبيري. وبما أن قدر الأندية الكبرى أن تخرج سريعاً من الأزمات التي تلم بها فإن غالبية المتابعين لل"ماكينات" يؤكدون أن قاطرة الكرة الألمانية لن تتوقف وستواصل زحفها إلى منصات التتويج محلياً وقارياً. الجزيرة الرياضية