مرت 4 أيام منذ أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرار الإقالة بحق محافظ عدن السابق "عيدروس الزبيدي" من منصبه . ويوم الأحد أدى المحافظ الجديد "عبدالعزيز المفلحي" اليمين الدستورية محافظا جديدا لعدن في مؤشر هو الأحدث ضمن مؤشرات سياسية سابقة تؤكد ان الرئاسة اليمنية ليست في صدد التراجع عن قرار التعيين هذا . مثلت واقعة إقالة "الزبيدي" القادم من المقاومة الجنوبية اكبر تصعيد من نوعه بين الحكومة الشرعية اليمنية والأطراف الجنوبية التي تحالفت معها عقب الحرب الأخيرة في "عدن". عين الزبيدي في ال 8 من ديسمبر 2015 وذلك عقب يومين من واقعة اغتيال محافظ عدن السابق "جعفر محمد سعد" والذي اغتيل بتفجير سيارة ملغومة بالقرب من منزله بحي التواهي . تولى "الزبيدي" منصب محافظ عدن في ظروف صعبة ومعقدة للغاية حيث كانت تنتشر جماعات مسلحة مرتبطة بالقاعدة وتمكنت من السيطرة على أحياء عدة من مدينة عدن. لم يكن "الزبيدي" إداريا فاعلا ولم يتبوأ فيما سبق إي منصب حكومي لكن ظروف مابعد الحرب دفعت به إلى واجهة منصب محافظ المدينة المقسمة بين فصائل حرب مقسمة وجماعات متطرفة . اعتمد "الزبيدي" على تركة سابقة له في صفوف كتائب مسلحة مرتبطة بالحراك الجنوبي حاربت الحوثيين في محافظة الضالع المجاورة . تمكن "الزبيدي" بمعاونة دولة الإمارات التي قدمت دعما واسع النطاق لأجهزة الأمن الوليدة في المدينة من تحقيق حالة من الاستقرار الأمنية عقب حملة عسكرية ضد عناصر تنظيم القاعدة . ومع مرور الأشهر الاولى لتعيين الزبيدي محافظا للمدينة بدأ ان الإمارات العربية تمكنت من استمالة الرجل وبقوة حيث تمتعت الدولة الخليجية بحضور جيد شعبيا في شهور مابعد الحرب . ورغم العلاقة الوثيقة بين "الزبيدي" والإمارات إلا ان الرجل حافظ على علاقة جيدة مع الحكومة الشرعية التي تسيطر عليها بشكل كبير أطراف تابعة لحزب الإصلاح اليمني الغير مرغوب جنوبا . ومع انتهاء حكومة "الزبيدي" من الملف الأمني الذي انجز بمعاونة قيادات من المقاومة الجنوبية والحزام الأمني بدأ الامتحان الصعب للإدارة المحلية . بدأ واضحا ان إشكاليات ملف الخدمات معقدة وكبيرة وطويلة متعددة خصوصا مع تدهور قطاع الكهرباء بسبب مشاكل قبل الحرب . واجهت إدارة "الزبيدي" عدد من المشاكل بينها تهاوي وضعف الخدمات إلى جانب ضعف الخبرة الإدارية لدى إدارة "الزبيدي" نفسها . مثل ضعف الإدارة وعدم اكتساب خبرات جديدة لدى إدارة الزبيدي احد أهم أسباب الضعف لهذه الإدارة خلال المعركة اللاحقة للمعركة الأمنية لاحقا . بداية الصدام مثل قرار الرئيس اليمني قبل أشهر من اليوم بإقالة نائبه خالد بحاح من منصبه بدء موسم الصقيع في العلاقة بين الحكومة الشرعية والادارة الإماراتية التي تتمتع بحضور جيد في مدينة عدن . اصدر "هادي" قرارا اطاح ببحاح المدعوم اماراتيا وكان القرار بحد ذاته كافيا لتأزيم العلاقة بين الطرفين على المستوى البعيد وهو الأمر الذي انعكس على حضور الإمارات في عدن على كافة الاصعدة . تتهم الإمارات ضمنيا الرئيس بمحاربة رجالها والأطراف والقيادات الموالية لها على الأرض وترد إدارة هادي بالتأكيد على أهمية العلاقة بين الطرفين مع عدم اغفال أهمية العلاقة بينهم . تسببت حالة التوتر بين الطرفين إلى اتساع الخلاف حيث ذهبت الرئاسة إلى تعزيز قوات عسكرية تابعة لها عرفت لاحقا بالوية الحماية الرئاسية وتوزعت بين جبل حديد ومعاشيق ومعسكرات للجيش في دار سعد وخور مكسر في حين عززت الأطراف الأخرى قواتها المنتشرة بضواحي عدن ومناطق أخرى بعدن . تسببت ازمة اندلعت بمطار عدن قبل أشهر عقب محاولة الرئاسة اليمنية ازاحة قائد قوة حماية عسكرية تتولى تأمين المطار من منصبه باندلاع ازمة بين كافة الأطراف وصولا إلى اندلاع اشتباكات . غادر الرئيس هادي بعدها بيومين إلى دولة الإمارات لتتحدث أخبار صحفية يومها انه لم يتمكن من لقاء ولي عهد دبي الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى الرياض غاضبا . بدأ واضحا ان العلاقة بين الطرفين ذهبت صوب طريق مسدودة . ظهر "هادي" في لقاء مع قيادات عسكرية وامنية بمعاشيق بغياب الزبيدي و"شايع" ، هنا بدأ واضحا ان القطيعة وصلت إلى "الزبيدي وشائع . ظلت العلاقة فاترة بين الطرفين وسط انباء تفيد بتحركات لهادي لتغيير عدد من القيادات بعدن لكن احدا ما لم يظن ان التغييرات يمكن لها ان تصل إلى تغيير الزبيدي شخصيا . يمثل الزبيدي اكبر مسئول جنوبي تولى منصبا عقب الحرب . في ال 27 من ابريل 2017 اصدر الرئيس هادي قرارا قضى باقالة اللواء عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن . بدأ القرار كبداية الأمر صادم لكثيرين ومفاجئا وتسبب بحدوث ردود افعال غاضبة وصدور عدد من البيانات وخروج تظاهرات من هنا وهناك . وبعد خمسة أيام على صدور القرار تحاول صحيفة "عدن الغد" ان تستطلع خيارات اللواء عيدروس الزبيدي المتاحة له اليوم: القبول بالقرار ومن السيناريوهات المحتملة أن يقبل اللواء عيدروس الزبيدي بقرار إقالته ويعود الى أحضان المقاومة الجنوبية كقائد ومناضل لديه هدف متمثل باستعادة الدولة الجنوبية المسلوبة منذ العام 1994 وحتى الآن، وهو ما ينتظره الكثيرون وخصوصا بعد انخفاض وهج الثورة الجنوبية مع امساك قيادات حراكية بمناصب في اطار الشرعية اليمنية. الضغط عبر ورقة الشارع وقد يلجأ اللواء عيدروس الزبيدي الى خيار الضغط عبر الشارع وتسيير المظاهرات المؤيدة له للبقاء في منصبه كمحافظ للعاصمة عدن، على غرار ما هو حاصل خلال اليومين الماضيين من تجمعات ومسيرات مؤيدة للمحافظ في العاصمة عدن وبعض المناطق الجنوبية الاخرى، وفي حال نجاح هذا السيناريو سيمنح اللواء عيدروس الزبيدي والقيادات الجنوبية الأخرى بالشرعية قوة وحصانة شعبية ضد أي قرار يمكن أن يمسهم مستقبلا، اما في حال فشله سيكون الشارع الجنوبي غير قادر على فرض ما يقرره مستقبلا. التسوية السياسية ويبرز خيار التسوية السياسية بين أطراف الأزمة الحالية في عدن كأحد الخيارات المناسبة للمحافظ عيدروس الزبيدي فمن خلال الشارع وتمسكه بمنصبه، دون إبداء ذلك علنيا تجنبا للمواجهة المسلحة، يمكن للمحافظ المقال أن يحصل على منصب أخر - غير منصب سفير في الخارجية الذي حصل عليه بموجب قرار إقالته من منصب المحافظ - بحيث يكون المنصب عمليا أكثر وأقرب ميدانيا للشعب وصناعة القرار أيضا، كما سيرفع من أسهم اللواء الزبيدي امام التحالف العربي والشعب الجنوبي. المواجهة المسلحة ويأتي احتمال رفض اللواء عيدروس لقرار إقالته كأحد الاحتمالات القوية خلال هذه المرحلة وهو ما سينتج مواجهات مسلحة بين القوات الأمنية الموالية للمحافظ المقال وبين وحدات الجيش والحرس الرئاسي المتواجدة في عدن والموالية للرئيس عبدربه منصور هادي وسيؤدي ذلك الى قتال عنيف في شوارع وأحياء العاصمة عدن، وهو أسواء السيناريوهات المتوقع حدوثها خلال هذه الأزمة وستؤدي الى إغراق عدن في الفوضى..