أعرفها منذ كنت طفلاً وأدري على أي نوع من الكنوز تجثم فلم تكن هي ولا أهلها وقتها يعلمون عنها سوى حكايات وروايات قديمة توارثوها عن آبائهم لكن لا أيديهم ولا أيدي غيرهم كانت قد إمتدت إليها بعد , وقدر لكاتب هذا في أواخر رمضان أن أزورها للمشاركة في دفن قريب توفى وبعد الدفن وكان ذلك بعد صلاة الظهر قمت وبعض أبنائها بجولة في مناطقها القديمة فذهلت عندما رأيت المدينة الأثرية القديمة منها قد بدأت تتحول إلى ثغرات مفتوحة وأماكن محفورة أشبه بالقبور التي تعرضت لنبش من قبل نسور بحثاً عن بقايا ميتة لإفتراسها تلك هي يفعان إحدى مناطق مديرية الحداء بمحافظة ذمار التي أكتب عنها اليوم لا بصفتي واحداً من أبناء المنطقة بل لأن ما يحدث لها من قبل عابثين هم في الغالب من خارج القرية باحثون عن كنوز وآثار فيها يشيب له الرأس ويقشعر له البدن , ويفعان التي تقع على جبل يسمى " جبل الطوق " جاثمة منذ مئات السنين وربما قرون وأهاليها عالمون اليوم والدولة عالمة ووزارة الثقافة أيضاً عالمة والهيئة العامة للآثار وخبراء وخبيرات الآثار أول العالمين أن القرية جاثمة على مدينة أثرية قديمة لكنها تتعرض للاعتداء من قبل إرهابيي الآثار لو جاز التعبير ومن باحثين عن الذهب والكنوز المخبأة في باطنها .. يفعان وإن كانت قرية ربما مجهولة لدى كثير من اليمنيين وليست على خارطة الجمهورية اليمنية لكنها أشهر من بعض المناطق الأثرية لدى علماء الآثار في بلادنا وخارج بلادنا .. وهناك اعتقاد ساد لدى بعض السكان بأن الكنز القديم عندما يلمسه الشخص يتحوّل إلى فحم أو " سود " لأنهم لايعرفون ان اليمنيين القدامى كانوا يستخدمون الفحم في التدفئة وفي أمور أخرى من حياتهم وليس كما هو الحال اليوم في تعمير بواري المدايع , فيتحول بحث أولئك عن الكنز إلى عبث وتخريب وتدمير واضح للمدينة المخبأة تحت أكوام من التراب والذي يشعرك منظر تلك الحفر التي عبث بها من عبث بالألم والحسرة وأنت ترى حضارة بلادك وآثارها تدمر وتنهار أمام معاول إرهابيي الآثار دون أن تجد أي أثر للحكومة أو المسئولين عن الآثار ومثل يفعان كثير من المناطق تتعرض لما تتعرض له فأي إرهاب أشد وأوجع من هذا . في جلسة على هامش واجب العزاء سألت الشيخ محمد قاسم الضبياني عن سبب مايحدث للمدينة الأثرية من يفعان فقال لقد منعنا كل من يريد البناء من العبث بالمدينة أو استخراج أحجار منها ليبني بها وأقمنا عليها حراسة من أبناء القرية ولكن نحن ما ذا سيكون باستطاعتنا أن نعمل وكم سنظل نحرسها ..قل لي أين الدولة أين المسئولين ليأتوا وسنساعدهم ونوفر لهم كل ما يلزمهم للتنقيب عن المدينة بالطريقة الصحيحة أما نحن فكم سيكون جهدنا فان قمنا بحراستها والانتباه عليها اليوم فقد نضطر غدا للانصراف عنها إلى أرضنا وشئوننا الزراعية والانتباه لأموالنا وحياتنا ونتركها فأين الدولة ؟ فسكت وقلت له الدولة ستأتي وان تأخرت.. ومثلما قال هم أقول واستصرخ هذه التي تسمى في بلادنا بالدولة وأقول يادولتاه يا آثاراه ياحضارتاه ويايفعاناه بل لن أستحي ان طلبت الى حد التسول وزارة الثقافة ووزيرها الأستاذ خالد الرويشان وهيئة الآثار وقبل ذلك محافظ محافظة ذمار الأستاذ عبد الوهاب الدرة ايفاد فريق آثاري متخصص إلى يفعان وسيجد الفريق مدينة أثرية كاملة بكل مقومات الحضارة والقدم بل كنز أثري لا يقدر بثمن , ربما أن هذه المدينة في يوم من الأيام تعرضت لزلزال مدمر أو عقاب رباني فتحولت في ظاهرها إلى أطلال لكن من قاموا بالعبث في بعض الأماكن فيها أظهروا جوانب من بنيانها غاية في الروعة والهندسة المعمارية وبعض أهالي يفعان يؤكدون أنهم وجدوا أحجارا مكتوبا عليها كتابة يمنية قديمة وبعضهم زين بها جوانب من بيته عندما بناه قبل عدة سنين ..فأين الدولة ..إن هذا الموضوع وان جاء على خلاف ما يكتب في هذه الزاوية من خفة الكلمات والعبارات لهو أشبه ببلاغ إلى كل من يهمه الأمر في هذه البلاد إن كنتم تريدون حضارة وآثارا وسياحا وفيكم لم يزل أثر من حس أو وعي أو ثقافة لإنقاذ يفعان الأثرية من التدمير وتكليف فريق على وجه السرعة لتقييمها وإجراء التنقيب فيها وسيكتشف عندها قيمة المكان وقدمه وعظمته أما إذا أهملت تلك المدينة المجهولة فوق جبل الطوق وبقي الحال كما هو فليس لكاتب هذا ولكل اليمنيين سوى التاسي بأغنية أبوبكر سالم بالفقيه " من يشبهك من " وتغيير ما يلزم في بقية الكلمات لتتناسب مع واقع الحال ..