حين تحدث الرئيس في عدن مساء الإثنين الماضي خلال إستضافته لأعيان ومواطنين وشخصيات إجتماعية من محافظات عدن، لحج والضالع، عبر عن أحاسيسه الطيبة ومشاعره وتعاطفه مع الفقراء مما يعانوه من إرتفاع أسعار المستلزمات والمواد الاستهلاكية (الغذاء) وأسعار ملابس الأطفال والكبار (الكساء) . في كلمته القصيرة تلك دعى الرئيس تجار المواد الغذائية ومصنعيها وتجار الكساء أن يخافوا الله في رفعهم أسعار تلك المستلزمات. لم يستثني فخامته الجهات الرسمية أحدا ، إذ انتقد بشدة أداء الجهات الحكومية المعنية بقضايا الاستهلاك والأسعار وحثها مجددا أن تضطلع بالدور المناط بها كرقيب إداري على مجريات تلك المعاملات التي غالبا ما يكون المغلوب فيها المواطن البسيط ذي الدخل المحدود الذي لا يجد نفسه إلا مضطرا إما لهجر السلعة أو تقليص حجم استهلاكها ولو كانت ضرورية حتى لرضيع أو طفل بغية موازنة دخله المحدود مع تلك التغيرات في الأسعار التي لا رقيب على جنونها دون مبرر اللهم الجشع وسلب الناس قدراتهم على العيش الكريم كي يجدوهم فقراء متسولين على أبوابهم يبحثون عن زكوات وإعانات ويريقون ماء وجوههم أمام أسوار بعض تلك الفئة التي لا ترحم . كلمة الرئيس في خواتم الشهر الكريم لم تخلو أبدا من دمعة حزينة وإن كبتها ،ولم تستثني كلمته أحدا ما يدل على تألمه لما يعانيه جمهور الفقراء "الغالبية الشعبية" مما يجري من تطورات في اسعار السلع المختلفة. لقد قلنا في العدد 1292 من صحيفة سبتمبر بأن (الإصلاح الذي وعد به الرئيس سيتولى قيادته هو شخصيا) وهذا ما أكدته كلمته المشار إليها إذ لم يسبقه أحد ممن كان يفترض أن يقوموا بتحسس مشاكل الفقراء وأناتهم، فللرئيس أحساسيسه وضميره وأولوياته وأجندته وقلما تجد مثله فيمن يفترض أن لهم وجدان ويتحملون المسؤوليات. إن العمل على استقرار الأسعار هو سر قيام الدولة بتثبيت أسعار صرف الريال أمام الدولار لفترات زمنية طويلة، كي تحافظ على مستويات معيشية مقبولة لكل الفئات .لكن أن يأتي من يستغل ثبات أسعار صرف الريال فيرفع أسعار مستلزمات الحياة من غذاء وكساء ودواء فتلك من المفاسد التي يجب التصدي لها بقوة ولا تحجج بحرية التجارة والتسعير ففي الإستغلال قهر للفقراء وذوي الدخول المحدودة وأطفالهم وفيه تجويع لهم وإذلال . وفي هذه البداية من المواجهة التي يقودها الرئيس شخصيا مع المستغلين لفئات المجتمع ولحاجاتهم تكون بداية الإصلاح الذي وعد به الرئيس. سيرى الجميع من أبناء الشعب اليمني مصداقية الرئيس، ولتكن كلمته الانتقادية للمعنيين بأسعار الغذاء والكساء بداية لتصويب مسار الأخلاقيات ومسار التعايش بين فئات المجتمع قبل جرجرته إلى ما يكرهه جميعنا، وأن يتخلى أولئك الذين يعتقدون انهم قريبين من كل شيئ وأنهم سيظلون خارج اللعبة والمستفيدين من اقتصادياتها في شرائهم الذمم والضمائر . إن نار الإصلاح ستطال كل من يحاول المساس بمعيشة أبناء هذا البلد الطيب بقصد التأثير على شعبية الرئيس الذي لن يهادنهم أصلا بملايين البشر الذين منحوه أصواتهم وأعادوه إلى دار الرئاسة يوم 20 سبتمبر 2006م ، وهو شخص يعرف حدود الود وحدود التسامح ولكن ليس على حساب الفقراء . كان جمهور المستهلكين يعول دوما على دور للمؤسسات الاقتصادية العامة لكن تلك المؤسسات منها من قضى نحبه ومنها من لا يزال يتنقل بين السلع المختلفة فتارة تتاجر بمواد استهلاكية غذائية وملابس وتارة تجدها تتاجر بأدوية وإلكترونيات وحواسيب وأحيانا مقاولات وموبايلات من الكماليات، إلا إن الأهم من كل ذلك هو توفير السلع الاستهلاكية الغذائية بكميات تنتج منافسة تنحدر الأسعار من جرائها أو تثبتها على الأقل مع توفر المصادر ، وكذلك توفير قليل من الكساء بقصد المنافسة وبقصد كبح جماح ارتفاع الأسعار و بغرض منع احتكار التجار للسوق بكامله حيث تجدهم يتحالفون على البيع بأسعار مرتفعة خاصة البائع الأخير الذي يجد مبررا له برفعات صغيرة من بائعي الوسط وكبار المستوردين ليتسنى له توجيه ضربته للمستهلك الأخير . إن اللعبة المطلوبة دوما لموازنة الأسعار هنا في اليمن يتطلب تدخل الدولة من خلال ما تبقى من مؤسساتها حتى تتوفر اخلاقيات وخوف من الله . عند انتهائي من كتابة هذا المقال اتخذ تجار محافظة حجة قرارا ببيع السلع للمواطنين خلال ما تبقى من أيام الشهر الكريم بأسعار كلفها وذلك تجاوبا مع موقف ودعوة الرئيس .