تراجعت الحركة التجارية في الأسواق المحلية بنسبة 50% منذ بداية موسم الغذاء والكساء الذي يبدأ عادة في الثلث الأخير من شهر شعبان من كل عام، إلا أن الثلث الأول من الموسم مضى دون أن يتفاعل فيه العرض من السلع والمنتجات الغذائية مع طلب المستهلك اليمني الذي يعيش أسوأ حالاته منذ عقود بسبب التراجع الحاد في مستوى الدخول والارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية واحتياجات المستهلك الضرورية من خضروات وفواكه ولحوم وكماليات أخرى اقترن الطلب عليها بشهر رمضان وتصنف من ضمن الاحتياجات الاحتفائية الموسمية الاستهلاك كالشوربة والكريمات والمساحيق الأخرى كالشراب الصناعي وما تسمى ب(المحلبية) والحلويات والتي اقتصر الطلب عليها هذا العام من الميسورين والمقتدرين فقط الذين لا يتجاوزون ال30% من المجتمع فيما 70% كما تشير حركة الأسواق فرضت عليهم الظروف المعيشية الصعبة التضحية بالاحتياجات الاحتفائية لصالح أساسيات الحياة المرتبطة بالبقاء وعلى الرغم من شطب تلك الاحتياجات من قائمة الاحتياجات الرمضانية لتخفيف الضغط على موازنة الأسرة التي تواجه شحة في الموارد المالية إلا أن الارتفاعات السعرية التي شملت العديد من المنتجات المحلية ك(الزبادي والحقين اللذين ارتفعت أسعارهما بنسبة 30-50% واللحوم التي ارتفع أسعارها بنسبة 20% والخضروات التي شهدت تبايناً في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار الطماطم بنسبة 200% فيما ارتفعت أسعار الأصناف الأخرى من الخضروات بنسبة 100% تحت مبرر فوارق النقل وارتفاع أسعار الديزل وانعدامه والذي أدى إلى إتلاف عشرات المزارع وتراجع الإنتاج، شكلت تحديا إضافيا لمحدودي الدخل. "الوسط الاقتصادي" نزلت إلى الأسواق خلال اليومين الأخيرين من شعبان لرصد الحركة التجارية وحركة البيع والشراء التي تبلغ أعلى مستوياتها كل عام، فلاحظت حركة نشطة في المجمعات الغذائية الكبيرة والتي يقصدها الميسورون والأغنياء بينما تراجعت الحركة في الأسواق التقليدية التي يقصدها ذوو الدخل المحدود والفقراء غير المعدمين بنسبة 50-60% حسب تأكيد عدد من تجار المواد الغذائية والتمور الذين عزوا تراجع الأسواق إلى ارتفاع معدلات الفقر وتآكل القوة الشرائية وتراجع حركة السيولة المالية في أوساط المجتمع جراء توقف قطاع الأعمال منذ عدة أشهر وهو ما دفع شريحة واسعة من الأسر إلى بيع المدخرات من جواهر وذهب لتوفير لقمة العيش، ويصل إنفاق الأسرة اليمنية على الغذاء 38.47% من إجمالي الإنفاق ويصل إجمالي إنفاق الاسر في الريف على الغذاء إلى 35% ويصل إجمالي الاستهلاك 46% بينما إجمالي إنفاق الأسر في الحضر كان حسب تقرير مسح الأسرة متعددة الأغراض 2005-2006م لا يتجاوز ال30% وإجمالي الاستهلاك 28.4% وفي ظل الارتفاعات السعرية للسلع والمنتجات الغذائية فإن المتوقع أن يرتفع إجمالي الإنفاق إلى 60% في الريف وينخفض إجمالي الاستهلاك من السلع الغذائية إلى 40% كما هو حال الحضر الذي يتوقع أن يرتفع الإنفاق فيه إلى 40% مقابل تراجع الاستهلاك إلى 25% وفي الوقت الذي يشهد إجمالي إنفاق الاسرة اليمنية خلال السنوات السابقة على السلع الكمالية ارتفاعا ملحوظا بسبب تحسن الأوضاع المعيشية لبعض الأسر في عدد من المحافظات فإن المتوقع هذا العام انحسار معدل الإنفاق إلى النصف بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة إلى 100% هذا العام. وهو ما سيدخل الأسواق غير الغذائية في حالة ركود مزمن قد يمتد إلى سنوات.