لم تكن مفاجأة على الإطلاق تلك الدعوة التي أطلقها الأخ رئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح والموجهة إلى إخوانه رموز الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر للعودة إلى ارض الوطن الحبيب والمشاركة في أفراح شعبنا والبناء والتنمية والعمل السياسي إن أرادوا أن يعودوا لممارسة نشاطاتهم السياسية عبر أحزابهم وتنظيماتهم أو بأية وسيلة قانونية وفي إطار الدستور اليمني. رغم أنها جاءت في وقت لا مجال فيه للمجاملة والمحاباة فالوطن اليمني يتعرض الأسوأ الظروف السياسية.. والمؤامرات الداخلية والخارجية على وحدته تسير بخطى متسارعة وبوتيرة عالية، والناعقون أكثر من الصامتين.. والمتربصون بوحدتنا الوطنية هم من أبناء جلدتنا ويعيشون بين ظهرانينا . فالدعوة اليوم لهذه الرموز بالعودة إلى الوطن من منفاهم الاختياري الذي وضعوا أنفسهم فيه قد يعتبرها البعض من ضعفاء النفوس المريضة انها جاءت من موقف ضعيف للقيادة السياسية كما يحلو لهم تسمية الرحمة ضعفاً. فتصويرهم للأمور دائماً تكون مقلوبة وعلى ما تشتهي أنفسهم المريضة ولكن المتتبع لخطاب الأخ رئيس الجمهورية الذي القاه في ملعب 22مايو الرياضي في عاصمة اليمن الشتوية عدن الباسمة وإعلانه العفو عن كل من شارك في عملية التخريب التي جرت في حضرموت والضالع وردفان ودعوته التاريخية الموجهة لرموز النضال الوطني الذين يعيشون خارج الوطن بالعودة إلى ارض الوطن قد زلزلت أركان المعارضة وخلطت أوراقها وقلبت الطاولة على رؤوسهم.. وكل حكيم استمع لخطاب الأخ الرئيس سوف يدرك حكمته واستباقه للأحداث وقطع الطريق على الخونة والمرتزقة وبتر أطرافهم بالكلمة الحسنة والنظرة الرحيمة التي كانت واضحة بين سطور الكلمة، فهو قد أدرك مبكراً انه يستند إلى قوة العلي الجبار وواثق بأن الوحدة اليمنية اليوم قد أصبحت في أيادٍ أمينة ولها من الحصانة والمتانة ما يجعلها راسخة كرسوخ الجبال اليمنية في طول اليمن وعرضها . فلم يعد للخوف مكاناً في نفسية الأخ الرئيس على الوحدة اليمنية المباركة الطيبة، فهاهو يسطر مواقفه الوطنية الشجاعة والتي سوف يسجلها التاريخ بأحرف من ذهب وسوف تضاف إلى رصيده التاريخي الذي احتل حيزا كبيرا في ذاكرة التاريخ الحديث لسنا متملقين بكلامنا هذا ولا نسعى إلى تحقيق مكاسب مادية أو معنوية كما يصفنا الطرف المعادي للوحدة اليمنية، وأنا على ثقة أنني سوف أتعرض للكثير من القدح والذم وهذا ما يحصل معي في كل مقال اكتبه ويكون مخالفاً لأهوائهم ورعونتهم.. ففي الأسبوع الماضي تلقيت العديد من الرسائل على البريد الإلكتروني فيها قدح وذم كثير على المقالين الأخيرين ولكنني لا اهتم بكل هذا، فانا اكتب ما أنا مقتنع به تماماً ولا يهمني بعد ذلك احد فليزعل من زعل وليرضى من رضي فاليمن فوق الجميع . وفي مقالي هذا أردت أن أعطي هذا الرجل الوطني حقه من الإنصاف فدعوته لهذه العناصر ومطالبته لها بالعودة إلى الوطن معززة مكرمة رغم ما ارتكبته وترتكبه وسوف ترتكبه من أخطاء فادحة بحق الوطن والثورة والوحدة اليمنية إلا أن العفو عند المقدرة هي السمة و الصفة الحسنة التي يتحلى بهما الأخ رئيس الجمهورية اليمنية المشير علي عبد الله صالح نعم أيها العملاق فقد أحسنت صنعاً عندما استثنيت في دعوتك أولئك الذين لطخت أيديهم بدماء اليمنيين واولئك الذين يتحفزون للعودة إلى اللعب بالنار والعبث بمقدرات الأمة وبأمن الوطن والاعتداء على الثوابت الثورية الوحدوية لأبناء اليمن الأوفياء تحقيقاً لمصالحهم الشخصية. ومن هنا نطالب الأخ الرئيس ان تكون الدعوة شاملة لكل المناضلين من رموز الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وبدون انتقائية أو تمييز مناطقي أو حزبي، فيجب أن تشمل كل العناصر التي أخطأت وضلت الطريق وتاهت في دهاليز السياسة العالمية والتي سبق وخرجت من الوطن وعاشت غريبة تتلاطمها الظروف وترمي بها في أحضان من لا يرحم .. إنهم أولئك الذين خرجوا من اليمن خلال الصراعات القديمة التي حدثت في يمننا الحبيب في الأعوام 69،73،79،82،86،94، لكي يستفيدوا من هذه الدعوة الكريمة ليعودوا إلى ارض الوطن ويعيشون بقية أعمارهم فيه آمنين مستأمنين على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم. وعلى الأخ الرئيس أن يعقد لقاء المحبة والإخاء، تجتمع فيه كل شرائح المجتمع اليمني في الداخل والخارج ويعلن في هذا اللقاء ميثاق شرف بين القوى السياسية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني من جهة والدولة ممثلة بالأخ الرئيس من جهة ثانية على أن يكون الولاء المطلق للثورة وللوحدة اليمنية وللوطن اليمني الكبير، ومن يخرج عن هذا الإجماع يعد من الخائنين للوطن وللثورة وللوحدة اليمنية المباركة يقف ضده الجميع ويحاكم بتهمة الخيانة العظمى. ونحن هنا مع دعوة الأخ الرئيس لهذه الرموز بالعودة إلى الوطن ونتمنى من فخامته أن يعلن الثورة الكبرى على الفساد ورموزه وعلى المتلاعبين بالمال العام والمستولين على الأراضي وممتلكات المواطنين . قد يقول قائل: إن الأخ الرئيس لم يعد يمسك بزمام الأمور وإنها قد آلت إلى أطراف متنفذة في الدولة، وبالتالي ومن باب أولى فهو لا يستطيع الوقوف ضد الفساد ومواجهته والوقوف ضد رموز الفساد الذين أصبحوا يمتلكون الجاه والمال والنفوذ والرجال وربما يشهرون أسلحتهم في وجه الدولة، هذا ما تقوله وسوف تقوله العناصر المارقة والخارجة عن الإجماع الوطني ، ولكن نظرتي للمستقبل- وحتى لا يتهمني البعض بالعمالة لآخر هي نظرة متفائلة، فالمستقبل فيه الخير لليمن واليمنيين ولكن وما أدراك ما لكن يجب العمل بجد من أجل إصلاح الأوضاع الإدارية والاقتصادية والسياسية داخل اليمن. أعود واذكر بان الدولة دائماً ما تكون هي الطرف الآخر وهي صاحبة المبادرة الأولى في السيطرة وإنهاء الحالات غير الطبيعية وهذا ما نثق به, وقواتنا المسلحة قادرة على التعامل مع كل الحالات الخطرة ودائما ما تكون الدولة هي الطرف الأقوى بقواتها المسلحة المجيدة ورجالها الأشاوس حماة الوحدة اليمنية.