أفصحت أحزاب اللقاء المشترك من جديد بموقفها الغريب والمريب من أحداث الشغب والتخريب.. والتي اقترفتها بعض العناصر الغوغائية في مديرية الضالع والحبيلين بردفان. عن الطابع الانتهازي الذي صار يتحكم بتوجهات وتصرفات هذه الأحزاب وكذا العقلية البدائية التي تسيطر على أدائها، وما يتولد عن هذه العقلية المسكونة بالهواجس والتناقضات العجيبة من ردود أفعال متخلفة، مما يؤكد أن قيادات هذه الأحزاب قد اختارت من دون أن تدري أو تشعر السير في الطريق المعاكس.. وأنها باتت تبني مواقفها من منظور ومنطق اعتسافي يفتقر إلى أدنى حدود التفكير السليم وأبسط قواعد الرشد السياسي، بحيث صارت لا تميز بين القضايا التي يمكن أن تختلف فيها مع السلطة وبين الأمور التي لا ينبغي أن تصبح مثار نقاش أو جدال أو مجالاً للتبرير والتواطؤ كما هو الحال مع أحداث الشغب والتخريب التي اقترفها بعض الغوغائيين والخارجين على النظام والقانون.. الذين أرادوا من خلالها إشاعة الفوضى والإضرار بأمن الوطن والمواطنين وتعكير صفو السكينة العامة والنيل من السلم الاجتماعي وإعاقة عجلة التنمية والاستثمار وإثارة نوازع الأحقاد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. وما يبعث على السخرية أن تظهر أحزاب اللقاء المشترك بموقفها المتخاذل من تلك الأعمال والأفعال التي يجرمها الدستور والقانون وتحرمها العقيدة ومبادئ الدين الحنيف وتنبذها القيم الأخلاقية والحضارية للمجتمع اليمني على النقيض من الإجماع الوطني الذي سارع من خلال مكوناته الاجتماعية ومنظماته المدنية والشعبية والجماهيرية وأطيافه المختلفة إلى إدانة واستهجان واستنكار مثل تلك التصرفات المشينة بالتوازي مع مطالباته الدولة القيام بواجباتها الدستورية والقانونية في التصدي لمثيري الشغب والتخريب ووقف ممارساتهم العبثية وتقديمهم ومن قام بتحريضهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل على ما جنته أيديهم من جرم بحق وطنهم ومجتمعهم. وإمعاناً في الخطأ قامت أحزاب المشترك بإطلاق التبريرات للغوغائيين والدفاع عن جريمتهم إلى جانب توجيه سهام النقد للأجهزة الأمنية والسلطة المحلية في محافظتي لحج والضالع التي اضطلعت بمسئولياتها في حفظ الأمن وصون الممتلكات الخاصة والعامة وإشاعة الطمأنينة وإيقاف مظاهر التخريب والسلب والتدمير لتثبت تلك الأحزاب أنها أدمنت الزيف والتمترس وراء انتهازيتها السياسية مستغلة مناخات الديمقراطية والحرية في ترديد الأكاذيب والافتراءات وتصوير الأمور على غير حقيقتها.. غير مدركة أن العزف على هذا الوتر أصبح مكشوفاً وممجوجاً من قبل الناس.. وأن الرهان على هذا الأسلوب خاسر بدليل أنه لم يحقق لها أي مكسب سياسي أو حزبي.. بل كان سبباً في ابتعاد الناس عنها. وربما كان على هذه الأحزاب أن تعي أنها بمثل هذه الممارسات والطابع الانتهازي تغدو منقطعة الصلة بالوعي السياسي وأصول وقواعد اللعبة الديمقراطية. وفي هذه الحالة لا ندري.. هل نشفق على أحزاب "المشترك" التي سلمت أمرها لقيادات شاخت وترهلت واستفحلت في دواخلها النوازع الذاتية بفعل رصيدها التاريخي المكشوف أو الخالي من أي إرث أو تجربة سياسية. أم أن الأصح هو مساءلة هذه الأحزاب على إهدارها للكثير من الفرص التي كان بإمكانها أن تستفيد منها في إعادة تقويم نفسها وإصلاح اعوجاجها والتطبع على الممارسة الديمقراطية، كما تفرضه متطلبات هذه العملية وتفرضه التحولات والأشواط التي قطعتها على امتداد 18 عاماً. فالحاصل أننا أمام أحزاب وقيادات استعصى عليها الفهم وسيطرت عليها أعراض السادية والعياذ بالله وهي بذلك تؤدي بنفسها وتكويناتها إلى الاضمحلال والتلاشي كما هو حال الغراب الذي قاده غباؤه إلى "الاختيال" وتقليد الطاووس فغرق في حماقته.. ليصبح مضرب الأمثال لكل ناعق نشاز!!.