{ .. بصراحته المعهودة ، حرص فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على أن يضع أبناء شعبه أمام ما يجري ويعتمل على الساحة الوطنية .. متناولا في كلمته أمام اللقاء التشاوري للمؤسسات الدستورية وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية، الأسباب الكامنة وراء تلك الأحداث التي غذتها تجاوزات وانحرافات بعض القوى الحزبية التي سعت بتصرفاتها تلك إلى الالتفاف على العمل الديمقراطي واستغلال مناخات حرية الرأي والتعبير في تمرير بعض مشاريعها الصغيرة التي تتصادم مع روح الديمقراطية وقيمها وأخلاقيات ممارستها. - والثابت أن تلك الأحزاب التي أعمتها مصالحها عن استلهام حقائق الأمور لم تدرك أن لجوءها إلى التحريض على الاعتصامات والتظاهرات والمسيرات خارج إطار الضوابط القانونية إنما هو الذي يعرضها للمساءلة ، إذ كيف لأحزاب تدعي انتماءها لمنظومة المجتمع المدني أن تشرعن للفوضى والخروج على الدستور والنظام والقانون مع أنها التي تستمد شرعية وجودها وممارسة نشاطها السياسي من تلك القواعد. - وتتضاعف آثام تلك الأحزاب بتورطها في الدفاع عن تلك المجاميع الغوغائية والتخريبية التي قامت بأعمال النهب والسلب للممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرقات وإخافة السبيل في بعض مناطق محافظتي لحج والضالع وهو ما جعل تلك العناصر التخريبية تتمادى في غيها وتصرفاتها الطائشة بعد أن وجدت من يوفر لها الغطاء ويقدم لها المبررات بل ويشجعها على الاجرام. - وبالتأكيد فلم يكن لهذه النوازع أن تظهر وتبرز إلى السطح بمعزل عن استشراء ذلك الخطاب الكريه الذي عمد إلى الترويج لثقافة الكراهية بين أبناء الوطن الواحد عبر الصحف الحزبية وبعض الفضائيات التي لا تبحث سوى عن الإثارة. - وما من شك أن تخلي أحزاب اللقاء المشترك وكتلتها البرلمانية عن المشاركة في اللقاء التشاوري يوم أمس والذي دعا إليه مجلس النواب قد أبرز حقيقة المأزق العميق الذي تعيشه هذه الأحزاب وهو ما يتجلى في هروبها من تحمل مسؤولياتها الوطنية ودورها المفضوح والمتعمد في اللجوء إلى سياسة إشعال الحرائق وضلوعها في عرقلة الجهود المبذولة لتنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية وافتعالها للقلاقل عبر المسيرات والمظاهرات والخطاب السياسي والإعلامي المأزوم وإقلاق السكينة العامة وإعاقة جهود التنمية والاستثمار وتنفير المستثمرين بما يؤدي إلى تضييق الأحوال المعيشية على المواطنين وحرمانهم من أي فرص عمل توفرها تلك الاستثمارات فضلا عن دور تلك الأحزاب في إعاقة أي برامج تقوم بها الحكومة من أجل الحد من البطالة ومكافحة الفقر وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين. - وحتى تظل هذه الأحزاب تدندن في خطابها المضلل حول ما يعانيه المواطنون نتيجة ارتفاع الأسعار لأسباب عالمية معروفة تتشابه فيها اليمن مع كثير من البلدان التي تشكو من تلك الارتفاعات ، فقد سارعت إلى إلقاء اللوم على الحكومة دون استشعار من هذه الأحزاب أن مثل هذه الانتهازية السياسية التي تقوم على ترديد المزاعم والافتراءات أكان ذلك حول الإجراءات الحكومية أو تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية صارت سياسة مكشوفة ولا يمكن لها أن تحقق من ورائها أية مكاسب سياسية أو انتخابية، لكون ما تقوم به تلك الأحزاب هو الفساد بعينه ، وليس هناك أفظع من فساد يرتكز على التعطيل وإعاقة أي جهد وطني خير ومخلص يبذل من أجل النهوض بأحوال الوطن والمواطنين. - وبات من المؤكد أن هذا النهج الخاطئ وغير المسؤول قد أثبت فشله في ظل ما يتحلى به أبناء الشعب من الوعي والإدراك لحقيقة هؤلاء ومقاصدهم حيث أصبح كل مواطن ومواطنة على قناعة من أن سياسة المقامرة والتضليل وتزييف الوعي هي سياسة خاسرة. - وقد برهنت على ذلك نتائج الجولات الانتخابية التي شهدها الوطن سواء كانت رئاسية أو محلية أو نيابية، إذ لم تحصل تلك الأحزاب سوى على نسب متواضعة في ظل انصراف الناخبين عنها ، لأن مثل ذلك الخطاب ظل منفرا وغير مطمئن للمواطنين لاقترانه بممارسات سلبية تختزنها ذاكرتهم عن ذلك الخطاب الذي لم ينتج عنه سوى المزيد من الضرر بمصالح الوطن والمجتمع.