لا يختلف اثنان على أن الشرذمة التي أشعلت الفتنة ، وأعلنت التمرد والعصيان ، والخروج عن النظام والقانون في بعض مديريات صعدة منذ عام 2004م .. قد انطلقت من منطلق عدائي تستهدف من خلاله الشعب اليمني بكل شرائحه ومكوناته .. بحيث أظهرت تلك العناصر المارقة خصومة شديدة لكل من على هذه الأرض ودون استثناء لأحد سوى لمن يمتثل لها ولفكرها الضلالي المتخلف ، ومن أولئك بعض الشباب الذين وقعوا ضحية جهلهم لحقيقة الأهداف المشبوهة لعصابة الفتنة التي لا تزال تحلم بعودة الحكم الإمامي الكهنوتي الذي لفظه شعبنا بانتصار ثورته المباركة ونظامه الجمهوري ، وهي الثورة التي تحققت بفضلها التحولات الكبرى، والإنجازات الشامخة ، وفي مقدمتها منجزا الوحدة والديمقراطية اللذان ينعم بهما وطننا كأهم معلمين من معالم وطن الثاني والعشرين من مايو. - وبالنتيجة .. فإن تلك العناصر المتمردة ، التي استغلت مناخات الديمقراطية والحرية لتطل برأسها من جديد ، ليست سوى، من مخلفات الماضي وموروثاته .. ولا يخفى على أحد ما تضمره هذه الحفنة من أحقاد على الثورة والنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية والحرية ، فقد ظلت تناصب الوطن العداء وتتآمر على منجزاته ومكاسبه بصورة لم تتوقف. - وهناك الكثير من الوقائع والشواهد الدالة على أن الظلاميين الجدد هم امتداد للظلاميين القدامى وأن كليهما تجمعهما غاية واحدة ، حتى وإن اختلف الزمن. - وبالتالي .. فإذا كانت تلك العناصر المسكونة بالأوهام ، قد تشربت من ثقافة ذلك الماضي الأسود وتجمدت عقولها عنده فإنها التي تبدو اليوم نبتا شيطانيا تسيطر عليه الانحرافات الذهنية والأمراض النفسية والتي جعلت عناصره عاجزة عن التكيف مع المتغيرات التي شهدها الواقع اليمني ، فقد أعمى الله بصرها وبصيرتها ، فلم تر النور الذي سطع على هذه الأرض وأخرج أبناءها من أحشاء عهود الجهالة والظلام وباعد بينها وبين ذلك الماضي المأساوي ، وانتقل بها إلى واقع جديد عوضها عن تضحياتها التي قدمتها من أجل التحرر والخلاص من ربقة الكبت والاستبداد. -وبسبب حدة التقاطعات بين تلك العناصر الغارقة في الماضي ، وبين مفردات الواقع الجديد .. عمدت هذه الفئة الباغية إلى إعلان الحرب على الشعب والوطن ، وممارسة أعمال الإرهاب والتخريب وإقلاق الأمن والاستقرار والسكينة العامة والاعتداء على الآمنين وقطع الطرقات ، والعبث بالسلم الاجتماعي، دون إدراك بعواقب الجرم الذي تقترفه بحق أبناء صعدة والوطن عموما لكونها من تجردت من كل المعاني الوطنية والأخلاقية وانساقت في غيها وعنادها لتضيع الكثير من الفرص التي أتاحتها الدولة أمامها للعودة إلى جادة الحق والصواب وإنهاء الفتنة وحقن الدماء .. وهي بذلك تقذف بنفسها وعناصرها إلى المحرقة حيث لم يكن أمام الدولة من بد سوى الاضطلاع بواجباتها الدستورية والقانونية في مواجهة أعمال التخريب والإرهاب ، وحماية أمن المواطنين من عبث تلك الشرذمة. - وكان من المؤمل من قيادات أحزاب المعارضة أن تقف الموقف الذي تقتضيه المصلحة الوطنية ، وأن تنحاز إلى جانب حق المجتمع في الأمن والاستقرار، باعتبار أن «الحق أحق أن يُتّبَعْ» .. إلا أن ما يؤسف له أن مواقف بعض تلك الأحزاب قد غلب عليها طابع المكايدة والمناكفة والرؤى القاصرة التي أعمت أصحابها عن اتباع الوجهة الصحيحة والاستيعاب أن من يقوم بتبرير أعمال القتل والتخريب وإقلاق الأمن ، يصبح شريكا في الجريمة ، وموضع مساءلة من الشعب ، قبل أن يكون محاسبا أمام القانون. - والسؤال .. ما الذي ستستفيده أحزاب المعارضة ، من وراء التغطية - ولو غير المباشرة - على جرائم تستهدف أمن الوطن واستقراره؟ وماذا ستجني قياداتها من وراء تلك التصريحات ، التي يسعون من خلالها إلى تفخيخ الحياة السياسية بموجة من الأقاويل والأراجيف الزائفة التي لا تفضح سوى أصحابها. - فهل يراجع هؤلاء أنفسهم .. ويتراجعون قبل فوات الأوان؟.. ويدركون أن الشعب اليمني لن يسمح أن يؤخذ وطنه إلى ساحة الفوضى .. أو أن يُقَدّم قربانا لمذابح الفتن والفكر العنصري الظلامي. - فمتى تعي هذه القيادات الحزبية أن مهادنة معاول الهدم هو عمل غير مسؤول سيدفع ثمنه الجميع وستكون هي أول الخاسرين، ومتى تدرك أن مواقفها المتخاذلة والمتذبذبة تجاه أعمال التمرد والفتنة ستظل وصمة في جبينها ، تستصرخ فيها ما بقي لديها من حس أو شعور وطني إذا كانت هناك بقية باقية من هذا الشعور وذلك الإحساس.