لا نعتقد أن تلك القوى السياسية والحزبية سواءً منها المنضوية في أحزاب المشترك أو تلك التي تلهث وراء مصالحها الذاتية والشخصية والتي تنفث سمومها على الوطن من خلال ما تثيره من صخب وضجيج قد فكرت يوماً أن تقف مع نفسها وأن تجري مراجعة شاملة لمواقفها السلبية من القضايا الوطنية وبما يتسنى لها القيام بجردة حساب مع ذاتها تقودها الى حقيقة المستنقع الذي وضعت نفسها فيه والاضرار التي ألحقتها بحق الوطن نتيجة مواقفها المتخاذلة التي تتصادم مع المصالح الوطنية العليا، حيث وكل المؤشرات تؤكد على أن هذه القوى غير عابئة بمثل هذه المراجعة بدليل إصرارها على المضي في ذلك المسلك الخاطئ الذي أدمنت عليه إلى درجة لم تعد بقادرة على الفكاك منه أو مغادرة دائرته الشيطانية المحفوفة بالخطايا والآثام. ولا نعتقد أيضاً أن هذا الصنف من السياسيين والحزبيين ممن أعمى الله بصرهم وبصيرتهم قد فكروا يوماً في استكناه حقيقة أمرهم بما يدلهم على الوجهة الصحيحة انطلاقاً من الاستفادة من أخطائهم وتجاربهم بالاتعاظ من دروسها وعبرها بدلاً عن التمترس في المكابرة والإمعان في العناد والتمادي في الغي فلو أنهم حكموا عقولهم واستفادوا من كل الانتكاسات التي منيوا بها في الماضي لادركوا ان ما تفتقت به ذهنياتهم في لقائهم الاخير الذي جمع المتعوس على خائب الرجاء لم يكن سوى افراز لتلك الثقافة الانتهازية التي يستندون إليها في تعاملهم مع القضايا الوطنية وأنهم الذين ما زالوا مكبلين بأيديولوجياتهم الطوباوية التي عفا عليها الزمن وبقدر ما نشفق على هؤلاء وما يعانونه من اضطراب ذهني بالقدر الذي نستغرب فيه أن نجد بعض المحسوبين على العمل السياسي والحزبي بمثل تلك العقليات غير السوية خاصة وأن هناك من كان ينتظر من هؤلاء ان يقدموا القدوة والمثال في الولاء للوطن والايثار من اجله إلا أنهم قد انساقوا وراء مصالحهم ورغباتهم التي تتصادم مع مصالح الوطن والمجتمع. وأقرب الامثلة على انتهازية هؤلاء السياسيين والحزبيين يتجسد في موقفهم المشين من أحداث الفتنة والتمرد في بعض مديريات محافظة صعدة حيث لم يشعروا بأي خجل وهم يبررون لعناصر التمرد والتخريب أفعالها المنكرة وجرائمها التي طالت عدداً كبيراً من المواطنين ممن استباجت دماءهم تلك الشرذمة الإرهابية برصاص حقدها الدفين وفكرها الضلالي والظلامي.. ولا ندري كيف لقوى سياسية وحزبية تستمد مشروعيتها من الدستور والنظام والقانون تجيز لنفسها تبرير الخروج على الثوابت الوطنية بل وتدعو إلى محاورة من يرتكبون ذلك الجرم ويرفعون السلاح في وجه سلطة القانون ويقومون بقطع الطرقات العامة وتدمير المدارس والمرافق الصحية والخدمية ويفتون بإزهاق النفس البريئة التي حرم الله.. ومثل هذا التصرف يؤكد تماماً على أن أولئك السياسيين والحزبيين قد استوطنت الأحقاد قلوبهم فصاروا لا يميزون بين معاداتهم للوطن وما يضمرونه من ضغينة للقيادة الوطنية التي ظلت على الدوام تنتصر لمصالح شعبها وبلادها وتبذل جهودها المخلصة والصادقة من أجل الارتقاء بنهج الديمقراطية وتوجهات البناء والتطور التي ترفع من شأن اليمن وعزته ونهضته الشاملة.. ولأن أولئك الموتورين والمتخاذلين عجزوا عن تقديم أي شيء نافع لوطنهم وشعبهم فقد اتجهوا إلى التنفيس عن احتقاناتهم وامراضهم بافتعال الأزمات والزوابع وإطلاق الشعارات المضللة والزائفة.. دون إدراك منهم أنهم بهذا السلوك الخاطئ يضرون انفسهم قبل غيرهم فليس بادعاء البطولات يمكن للانسان ان يكسب احترام الناس وثقتهم بل ان من يريد ان يحترمه الناس عليه أولاً ان يحترم نفسه وان يكون قدوة في النزاهة والصلاح والإخلاص للوطن، فمن لا خير فيه لوطنه لا خير فيه لنفسه وأهله.