تجرد من أخلاقه قبل ضميره، ومن هويته اليمنية قبل وطنيته، ومن إنسانيته قبل عقله.. كل من خطط، ونفذ وأيَّد اختطاف الفريق الطبي العامل بالمستشفى الجمهوري بصعدة، من ذلكم اليوم الذي شهد أبشع جريمة تشهدها اليمن عبر تاريخها اهتز الضمير العام لليمن بأسره، واشعل غيرةً على اليمن وقيمه وأخلاقه وأعرافه المتوارثة، وعلى سمعته في العالم ومكانته في عيون الآخرين. يا لها من جريمة خطط لها وتم تنفيذها بضمائر خرقاء وأدوات حمقاء.. بدافع الاساءة الى اليمن ونظامه قبل الرغبة في القتل.. وإلا بماذا نفسر اختطاف فريق طبي يرأسه طبيب الماني يخدم اليمن في منطقة نائية مثل خمسة وثلاثين سنة.. ومعه زوجته وبناته.. وبهدف لا ثاني له هو الاساءة لليمن.. وإن تذرع مرتكبو الجريمة -فيما بعد- بذرائع أخرى. لقد تم الاختطاف، ولم تعلن جهة عن نفسها بأنها من يقف وراء العملية، ولم تطرح او تعلن أي مطالب.. بل سارع الخاطفون إلى القاء الجثث التي شرعوا في قتلها والتمثيل بها بطريقة مقززة.. وكانت وجبة القتل الاولى من النساء بسبب لا يعلمه الا القتلة، الذين يعتقد أنهم ارادوا اظهار شجاعتهم ورجولتهم بقتل النساء، أو التخلص منهن حتى لا يشكلن إعاقة لحركتهم في التخفي والهروب بعيداً عن مسرح الجريمة. لقد استغرب المتابعون -في وسائل الاعلام المختلفة في العالم- لمقتل مختطفين دونما مقاومة منهم أو اشتباك مع قوات امنية لتحريرهم، وقبل ان يتم الاعلان عن أي مطلب وتحديد مدة زمنية لتنفيذه بل كان القتل والتمثيل بالجثث أو القتل بطريقة وحشية بالغة القسوة هي السابق لكل شيء؟! ولهذا سألتني معدة نشرة الاخبار في اذاعة مونتكارلو عن تفسيري لما حدث فاجبتها باختصار: ان الاساءة لليمن ونظامه ووحدته وما يشهده من مكاسب ديمقراطية هو ما يتصدر اهداف القابعين وراء الجريمة، والدافعين بمنفذيها شأنهم شأن من يلجأ الى العنف واراقة الدماء بأية ذريعة وتحت أية مظلة. الحقد دائماً أعمى ولهذا يسقط الحاقد في هوة الحماقة، او في حفرة حفرها.. وما هذا التصرف الاجرامي الغبي بالاختطاف والقتل بهذه الطريقة الأكثر من غبية الا وقوع في هوة الحماقة.. الحماقة التي تجعل المصاب بها يلحق بنفسه من الأذى مالا يستطيع خصمه ان يلحق به ولهذا قال الشاعر: لا يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الاحمق من نفسه وعليه فإن الاجهزة الأمنية والاستخبارية، ستجد المزيد من خيوط الجريمة، وتصل حتماً الى كشف أدواتها ومن يقف وراءها فجريمة بهذه الحماقة والغباء من السهل كشفها ومعرفة ملابساتها. ونسأل الله العلي القدير ان يجعل ماحدث آخر فواجعنا بأمن وطننا واستقراره وسمعته ومكانته.. وأن يمكننا من الحفاظ على اشراقات المستقبل في عيون أطفالنا.