لا شيء من مفاهيم ومعايير وقيم "النضال" ينطبق ويسري على تلك الممارسات المنحرفة والأفعال التخريبية التي تقترفها بعض العناصر الفوضوية والغوغائية في بعض المديريات فهي الأكثر انتساباً إلى فعل الإجرام والخروج على القانون والتمرد على القيم الناظمة لحياة المجتمع ولا علاقة لها البتة بمفهوم "النضال" من قريب أو بعيد، فقد سقطت ورقة هذا المصطلح بمجرد اللجوء للتحريض على أعمال الشغب والتخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق الآمنة والسعي إلى نشر مشاعر الكراهية والتي ليس لها من نتيجة غير الدفع إلى العدوان وإثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد. وجاءت تطورات الأحداث وقيام من يصفون أنفسهم ب"المناضلين" بعمليات الذبح والشنق للمواطنين البسطاء لتؤكد بشكل قاطع السقوط النهائي لأكذوبة النضال السلمي الذي برزت أبشع مشاهده في ما اقترف من جرائم بحق مواطنين أبرياء كل ذنبهم أنهم يعتزون بوحدة وطنهم والمسيرة التي خاضها شعبهم من أجل التحرر والانعتاق من ربقة التخلف والاستبداد وموروثات التشطير البغيض. واليوم يجري إشهار السلاح في وجه سلطة النظام والقانون، ونصب الكمائن لرجال الأمن ومحاولة استهدافهم غدراً وعدواناً بما يعبر عن استفحال داء الحقد والتعطش لسفك الدم لدى تلك العناصر الإجرامية التي باعت نفسها للشيطان مقابل ثمن بخس ولم يكن تحالف هذه العناصر المأجورة مع المطلوبين أمنياً بالجرم الإرهابي سوى برهان أكيد على أننا أمام طراز جديد من "النضال" يتخذ الطابع الإرهابي للاعتداء على المبادئ الإنسانية لمفهوم النضال السلمي والديمقراطي. إنه التحالف بين الدمويين الماضويين والدمويين الجدد. السابقون مارسوا العمليات التصفوية لدرجة التشبع، واللاحقون تجاوزوا مرحلة التعطش ويرومون بلوغ درجة الإرواء، وكلا الفريقين تجمعهما الخسة والأمراض النفسية القاتلة والحقد الأعمى على هذا الوطن ووحدته وإنجازات ثورته "سبتمبر واكتوبر" وأي شيء يمكن أن يستر عورات هؤلاء المأزومين وقد أظهرت أعمالهم انهم ليسوا سوى عناصر مستأجرة لتنفيذ أجندة خارجية تسعى إلى إعادة تفتيت اليمن. ولطالما أصبح جلياً أن ما يعترض سبيلنا الوطني هو مؤامرة بكل معنى الكلمة فإن الاصطفاف الوطني يبرز إلى واجهة متطلبات المواجهة الحاسمة والمسئولة لوضع نهاية عاجلة لهذه المؤامرة والانتصار لحق الوطن والشعب اليمني في الحياة المزدهرة بمعالم الأمان والنماء. ولا غبار في كون هذه المؤامرة لا تستثني يمنياً وأنها تطال الجميع في شرق وغرب وشمال وجنوب الوطن من خلال بث مشاعر الكراهية وتحويل كل يمني إلى هدف للقتل ومادة للتصفية. وأمام هذا المشهد والمعادلة الدموية فليس أمام القوى السياسية والحزبية والوطنية من خيار سوى الانحياز إلى صوت القاعدة الأوسع من المواطنين والتفاعل مع حقها في الاستقرار والعيش في أجواء السلم الاجتماعي. وبداية الخطوة في التزام المواقف العقلانية والتعامل مع ما يراد لليمن بروح المسئولية والإدراك العميق أننا جميعاً في قارب واحد وعلينا كافة تقع مسئولية الحفاظ على هذا القارب من كل الأنواء والعواصف والأمواج المتلاطمة والسير به إلى شاطئ الأمان.