دخلت اليمن يوم أمس للمرة الأولي في تاريخها المعاصر نادي الدول المصدرة للغازل المسال ومثل هذا الانجاز يعد بكل المقاييس استحقاقا طبيعيا وثمرة من ثمار العهد الوحدوي المبارك الذي فتح أمام شعبنا أفاقا واسعة للنهوض بقدراته والمضي في تحقيق تطلعاته وغاياته في التطور والنماء واستعادة القه الحضاري متجاوزا حقب الصراعات والتخلف والتجزئة واحتقاناتها الدامية التي لم تورث للوطن سوى الويلات والكوارث والوهن. وبكل تأكيد ووضوح فقد جاء تدشين فخامة الأخ الرئيس على عبد الله صالح لمشروع الغاز الطبيعي وتصدير أول شحنة من الغاز المسال إلى السوق العالمية من ميناء بلحاف بمحافظة شبوة حاملا في جوهرة ومضمونه عدة رسائل هامة أكدت في مجملها انه ومن دون الوحدة كان من الصعب على اليمن انجاز مثل ذلك المشروع العملاق الذي وصلت تكلفته الى أكثر من خمسة مليارات دولار كأكبر مشروع اقتصادي في تاريخ اليمن وثاني اكبر مشروع للغاز المسال في الوطن العربي وانه لولا الوحدة التي أنهت والى الأبد عوامل التجزئة القسرية والمصطنعة التي فرضت على اليمن من قبل الإمامة الكهنوتية والاستعمار واذياله لما أمكن بالفعل تشييد هذا المشروع الاستراتيجي الذي شاءت العناية الإلهية ان تتكامل فيه كل دلالات وحدة هذا الشعب وذلك حينما جعلت من ارض مأرب الخير والإباء والتاريخ مصدر ذلك الينبوع من مادة الغاز وان تكون محافظة شبوة هي قاعدة الأساس لتسييل تلك المادة والنافذة لتصديرها الى الأسواق العالمية. وأهمية هذه الرسائل تبرز في تلك التعبيرات الدالة على أن الوحدة هي العز و الكرامة وهي بوابة الانطلاق نحو الغد الأفضل والمستقل الأكثر إشراقاً ، لنا ولأبنائنا الذين من حقهم أن ينعموا بحياة مستقرة في ظل وطن ديمقراطي آمن يتمتع أن ينعموا بحياة مستقرة في ظل وطن ديمقراطي آمن يتمتع فيه الجميع بالأمان والحرية بعيداً عن تلك النعرات الضيقة والمشاريع الصغيرة ، ونوازع قوى الظلام والارتداد الأمامية والأنفصالية التي مازالت مشدودة الى الماضي ، ولم تستطع التكيف مع الواقع الجديد ليمن الثاني والعشرين من مايو ، لتغرق في أوهامها وأحلامها المريضة دون إدراك أن الزمن لا يعود الى الوراء وأن عقارب الساعة لا ترجع الى الخلف وأن رهان الحاضر هو على المستقبل وليس على الماضي . ونحسب أننا بهذا الانجاز الاقتصادي الكبير قد دخلنا عصراً جديداً سيكون فيه التركيز على معركة البناء باعتبار ذلك من أقوى صور المواجهة للتحديات الناتجة عن موروثات الماضي والمؤامرات التي تستهدف أمن واستقرار الوطن . ومما لاشك فيه أنه وفي مجريات هذه المعركة سيسهل التصنيف والتمييز بين من يسخرون جهدهم ووقتهم بإخلاص وصدق من أجل التخطيط وإنجاز المشاريع الإستراتيجية ، وبين أولئك المأزومين والحاقدين والمأجورين الذي لاتهمهم سوى مصالحهم وإشباع أطماعهم وأفكارهم المريضة والعليلة ، الذين كلما رأونا نتقدم نحو الأمام حاولوا أن يشدونا الى الخلف ، بإثارة الزوابع وافتعال الازمات والتحريض على أعمال العنف والشغب والممارسات الخارجة على النظام والقانون وفي المشهدين هناك علامات فارقة من يبني ومن يهدم وبين من يعمل لصالح الوطن ومن يلهث وراء مصالحة الأنانية وكذا بين من يخدعون الناس بما لا يصح ولا يجب ويسعون الى إشاعة الفوضى وإعاقة عملية البناء والتنمية وبين من يكرس كل جهده لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتهيئة المناخات الملائمة لإقامة المشاريع التي توفر فرص العمل الشباب وتخرجهم من نفق البطالة. وبين هذا وذاك يبزز الفارق الشاسع ويتأكد بجلاء ان أولئك الصغار الذين يندفعون باتجاه تأزيم الأوضاع او حتى الإبقاء عليها في مستواها القائم على اقل التقديرات إنما يثبتون بهذا السلوك أنهم مازالوا عاجزين حتى الان عن التحلي بروح الوحدة وقيم الثاني والعشرين من مايو وما لم يعيوا تقويم أنفسهم واستلهام حقيقة الزمن الوحدوي فان الشعب سينبذهم ليحكموا على أنفسهم بالعزلة والتهميش والسقوط في مهاوي الضياع. ونقول لهؤلاء ان تاريخ الإنسان بما يقدم من عمل نافع للناس فان أحسن كانت له الحسنى وان أساء فلن يجني سوى السوء والعاقبة المخزية وان الفاروق بين الناس بعضهم من بعض يقاسم بقدر عملهم واجتهادهم وإخلاصهم وليس بمقدار ثرثراتهم وشطحاتهم واندفاعاتهم المسيئة وتمترسهم وراء مواقفهم المهترئة وألاعيبهم الابتزازية وتمصلحهم ومتاجرتهم بالوطن وكل القيم الحضارية والإنسانية النبيلة. وإذا ما أردنا رد الأمور الى أصولها فان الأحرى بأولئك الغوغائيين الطائشين والمعتوهين ان يتقوا الله اولا في أنفسهم وفي اؤلئك البسطاء من الناس الذين يدغدغون عواطفهم كذبا وزورا وبهتانا وان يعلموا ان الله هو الرقيب عليهم وان الشعب لن يسامحهم على ما جنوا واقترفوا وان بداية الطريق الى الحق والصواب هو ان يستشرف مثل هؤلاء دلالات ذلك المشهد العظيم والمتمثل في تدشين مشروع الغاز الطبيعي والذي يضع اليمن على ابواب مرحلة اقتصادية جديدة بفضل وحدة الثاني والعشرين من مايو 1990 م التي استرد فيها هذا الشعب عنفوان حقيقته الحضارية والتاريخية ومجدة التليد . انه عهد الوحدة والإشراق والوئام والتلاحم والنهوض الشامل والمستدام.