سمعت على لسان أحد الخارجين عن الحوثي من القادة الميدانيين الذين كانوا ضمن عناصر التمرد والتخريب الحوثية أن المقاتلين في صفوف الحوثي ليسوا كلهم من المناصرين لفكر الحوثي ، وإنما هم من فرق مختلفة فمنهم الباحث عن الكسب المادي ( تجار الحروب) ومنهم الخائف من ثار القبيلة ، ومنهم الفار من جرائم جنائية ومنهم المنتقم من ظلم وقع عليه ، ومنه المريض بالحقد على المجتمع ( قطاع الطرق والسفاحون) ومنهم العاطلون المغرر بهم الراغبون في إثبات الذات ولو على حساب الوطن والذات .. وأعجب ما في الموضوع أن يلتحق بهم غير يمنيين، فهؤلاء أما أنهم يحققون أهدافاً خارجية ، أو أنهم لم يجدوا فرص عمل ، فاتخذوا الحرب وظيفة مربحة ويعني ذلك ان أكثر المقاتلين في صفوف الحوثي يتحركون لتحقيق مصالح شخصية خاصة بهم ذاتهم ، وقد يتراجعون عنا إذا وجدوا مصالح اخرى أفضل منها ، وصرنا متأكدين من قابلية المقاتلين مع الحوثي من غير المعتنقين لفكره للتراجع عن القتال معه من خلال ما نشاهده من استسلام أعداد منهم كل يوم الى الجيش والسلطات المحلية ، وسيرتفع عدد المستسلمين أكثر لأنهم صاروا يشعرون أن قتالهم لم يعد له هدف ، فقد صارت مصالحهم بعيدة المنال في ظل مصداقية الدولة والجيش لإنهاء فتنة التمرد ، وفي ظل الاصرار على القضاء على قادتها مهما كان الثمن . لكن المؤلم حقاً ان قادة التمرد وتجار الحروب بالذات يحرضون مقاتلي التمرد – كما سمعت – بالقول : ( أنتم ميتون ميتون حتى لو تخليتم عن القتال ، فعليكم ان تقاتلوا حتى النصر أو الموت ) ولذلك حولوا هدف القتال في نفوس مقاتليهم من تحقيق مصلحة شخصية عادية الى هدف قوى وهو الدفاع عن النفس ضد من يريد قتلهم ، وهو الجيش والدولة . فالمقاتلون المتمردون صاروا يؤمنون بأن الجيش سيقتلهم إذا سلموا أنفسهم أو تراجعوا عن مناصرة الحوثي ، ولذلك ليس أمامهم الا الاستمرار الى اخر قطرة من دمائهم وذلك الاحساس يدفعهم الى الاستماتة وتطويل أمد الحرب ، واستمرار الحرب يمنح قادة التمرد فرصاً كبيرة للاستعانة بالخارج . وللأسف إن بعض وسائل الإعلام تساند قيادات التمرد الحوثي عن طريق تعزيز ذلك الاحساس لدى المتمردين ، مرة بحسن نية وأكثر المرات بسوء نية ، فحينما تثير بعض وسائل الإعلام الحماس للتسريع بإنهاء الفتنة ، فتتحدث عن اهمية القضاء على كل متمرد حتى الطفل الصغير ، وتحرض على سحق كل المتمردين ومحو اثرهم من الحياة أينما كانوا ، فإن ذلك في ظاهره مقبول في حالة الحرب لكنه يرعب كل من يسمع التحريض من المتمردين ويتأكد لديهم الاحساس الذي غرسه لديهم قادة التمرد بأنهم ميتون ميتون هم وذريتهم حتى وإن استسلموا ، وبالتالي تزيد رغبتهم في القتال . وحينما تقوم بعض وسائل الإعلام المعادية للدين والوطن بالتقليل من شأن التمرد الحوثي ، وتوحي بأن الحرب عليهم ظالمة ، وأنها يجب ان تتوقف قبل انتهاء التمرد ورجوع كل جبال اليمن للدولة ، فإنها بذلك تسعى إلى تثبيت هدف الدفاع عن النفس لدى المقاتلين المتمردين حتى لايسلموا انفسهم ، وتشكك في جهود القوات المسلحة الباسلة ، وتدعم الحوثي بتشجيع استماتة مقاتليه إلى جانبه حتى أخر مقاتل ، وهي بذلك تسعى إلى تطويل أمد الحرب ، ومثل تلك الوسائل تعمل على استمرار الحرب لان من يوجهها لا يعيشون إلا على الفتن ، ولا يهمهم القاتل ولا المقتول ، المهم أن يجدوا مجالاً للثراء بإشعال الفتن . المطلوب ان تشارك كل وسائل الإعلام الوطنية ، والعربية وكل الأقلام الشريفة بطمأنة من يريد الرجوع إلى حضن النظام والقانون من المقاتلين في صفوف الحوثي ، حتى وإن كان منهم من يظن ان فكر الحوثي صحيحاً ، فعليه أن يسلم بالنظام والقانون وأن يفتح عقله للحوار وسوف يجد الأمان . لقد ثبت عبر العصور المختلفة – القديمة والحديثة – ان العقل اليمني مهما امتلك من عناصر القوة والقدرة على الفعل ليس متحجراً ولا مريضاً بالحقد على الحياة كيفما كانت الأحوال ، وهناك مجال للتسامح من قبل القيادة السياسية ومن قبل الشعب إذا سلم المتمردون بأن اليمن دولة واحدة ، لها دستور واحد ينبغي ان يحتكم اليه الجميع ، ويطالبون بحقوقهم تحت مظلته . نريد ان يصل لمقاتلي الحوثي الوعي الصحيح بماذا سيحدث لو أنهم سلموا انفسهم وتخلوا عن التمرد ليس مهما ان يقتنع الحوثي والمتشددون معه بما سوف يحدث لأنهم لن يعيشوا بغير فكرهم حتى وإن تم العفو عنهم ، بل المهم أن يقتنع المقاتلون الذي دخلوا حركة الحوثي بدوافع أخرى غير اعتناق الفكر الحوثي بأن العفو قادم عن كل متمرد تائب حتى وإن شارك في القتال .