تجنباً للأحكام المطلقة فإن من العدل إبداء الاحترام للأطباء الذين يجمعون بين حسنتي الكفاءة المهنية والإنسانية المطلوبة في الطبيب. وأما قبل فإن من الأطباء اليمنيين من لا يمكن إلا أن تشهد لهم بالجدارة والتطلع الدائم لاكتساب كل جديد .. لكن وأما بعد فإن الناس هنا في حيرة من أمر هذه السمعة السيئة التي تحيط بالطب والأطباء وهو ما جعل السفر إلى الخارج أسلوباً للباحثين عن الاستشفاء من أمراض كان يمكن أن تعالج لولا هذا المناخ الفاسد الذي هز عروش الثقة الافتراضية وحولها إلى خراب. وكنت استمعت من الدكتور عبدالكريم راصع إلى مقارنات غريبة حول حصة الفرد في اليمن من مخصصات الطب العلاجي والواقي والرقم البائس للإنفاق على السرير في المستشفى الحكومي وهي مفارقات ومقارنات تستدعي من الحكومة إعادة التفكير في موازنات الصحة لأن مواطناً مريضاً لا يجد العلاج المناسب يعني مواطناً مقعداً .. غير قادر على الإنتاج فضلاً عن تأثير الجسم العليل على العقل وقدرات الذهن والأعصاب.. لكنني ومع التقدير لكل تبرير لواقع الحال الذي يشد الرحال إلى استذكار استفهامية وماذا تصنع المرأة البطل في البيت العطل.. أتمنى لو يغادر كل أهل الصحة مواقع الشكوى ومتارس الفرجة على البلوى إلى فضاء إيجاد ما تيسر من الحلول.. وهنا لن أشطح وأتحدث حول مطالبتهم باستدعاء مصباح الدكتور علي محمد مجوّر، ولا عصا الشيخ يحيى الراعي، ولا حتى فانوس نعمان الصهيبي، أمين مال الدولة .. وإنما أسأل: هل حقاً مشاكل الصحة مقتصرة على عدم وجود الموازنات الكافية وحصص الفرد من الطبيب والدواء والأسرّة..؟ الواقع أن هناك ما هو أسوأ رغم أن بالإمكان أروع مما كان إن فتحنا العقول على الشمس والضمائر على الهواء .. والقلوب على زرقة السماء، فهل وزارة الصحة ديواناً عاماً ومكاتب ووزيراً في الجاهزية المطلوبة للتفاعل مع ما يمكن إيراده من أفكار..؟ حسن .. لا نريد في الواقع الراهن أكثر من متابعة جودة الخدمة العلاجية وفق ما هو متاح يعني الجود بالموجود .. ضبط التسيب والإهمال والسطو على حقوق المريض حتى لا تتواجد الشياطين في أماكن يتعشم مرتادوها أن يكونوا في حضرة الملائكة. هذه واحدة فما هي الثانية التي عادها لما تكون .. ويأمل الجميع أن تكون..!! ثمة مرضى كثر قادرون على "الدفع" للمستشفى الخاص وللعيادة الخاصة لكنهم لا يعرفون أي منشأة صحية جديرة بالثقة ورزم الدفع المسبق ولا من هو الطبيب الجدير بأن يأمنه المريض على صحته وهو يسلّم جسده للتخدير والمشرط وروشتة العلاج فالدعاية التي تطلقها المستشفيات متشابهة في حدة الترويج واللوحات عند بواباتها تعيش مزاداً مجاميع استشاري أنف وأذن وحنجرة ومجاميع اختصاصين في المعدة والكبد والكليتين والمصران الأعور ومجاميع يفهمون في معالجة القلب.. وليس أمامك إلا أن تعد إلى العشرة وتستفتي قلبك أو تطارد أوهامك فتسلم نفسك إلى منشأة أبرز وأهم شخوصها ليس الطبيب وإنما أمين الصندوق. أعرف.. بعض الكلام يثير الحنق، ولكن قولوا لنا بالله عليكم .. كم عدد المستشفيات والعيادات الي لا ترتقي إلى مستوى الدور التطبيبي .. كم مستشفى فاشلاً تم إغلاقه وكم طبيباً تمت معاقبته على الإهمال أو العبث بأرواح الناس، وكم طبيباً تم تكريمه على كفاءته وإنسانيته..؟ إن الفنادق والمطاعم وحتى أسواق القات هي درجات ونجوم .. "فايف ستار" وشعبي فلماذا لا يكون هناك تصنيف حقيقي للأطباء ودور العلاج مستشفيات وعيادات. في أحايين كثيرة .. لا يكون المواطن عاجزاً عن الدفع وإنما غير قادر على معرفة اسم وعيادة الطبيب الكفء، فهل للإدارة الصحية الإشرافية الحكومية دور المرشد والصديق أم نواصل التخبط بين سمعة أطباء تحتاج إلى تحسين وبين سفر إلى مشافٍ خارجية بعضها بائس يدخل فيها المريض شاكياً من شيء ويخرج فاقداً لشيء آخر.. إحدى الكليتين .. مثلاً.