،، الرشاد الحكومي حتى وإن جاء متأخراً - نعتقد أنه لابد أن يتواصل في سبيل إصلاحات عميقة تحقق الغاية منها وهو رفع الدعم عن المشتقات النفطية وزيادة مقابلة وسريعة في دخول موظفي الدولة المدنيين والعسكريين بنسبة لا تقل عن 100% وإعانات اجتماعية مماثلة للفقراء.. والتوقف عن إصدار أذون الخزانة والتوقف عن إنزال العملة الصعبة لبيعها للصرافين فإن فعلت فستبدأ دورة اقتصادية شاملة لتنعش مفاصل الاقتصاد الوطني كله. فأولاً مستوى دخول الأفراد عموماً خارج نطاق الدولة سيرتفع أيضاً بشكل مشابه وسيقوم موظفو القطاعين العام والخاص معا بالتصرف في هذه الزيادات في الدخول على شكل انفاق على سلع وخدمات ومبانٍ وإصلاحات مختلفة لتحسين مستوى حياتهم فتتحرك بهذا الإنفاق الأيدي العاملة جميعها وتنشط الصناعة والتجارة وحركة البناء وتبدأ دورة شاملة للاقتصاد الوطني ليحقق ناتجاً محليا أعلى بدلاً من ذهاب هذا الدخل إلى الخارج لكي تنهض به اقتصاديات أخرى وسيبدأ إنجاز مشاريع جديدة للبنى التحتية اللازمة للاستثمار بشكل متوازن وستنتهي الاعفاءات الضريبة والجمركية التي تصاحب هذه العملية الكبيرة من الفساد حيث ارتبطت أكثر هذه الإعفاءات بالمشتقات النفطية منذ مساومات عام 2005م بين الحكومة ومجلس النواب.. فهل بلغت حكومتنا الرشد حقاً؟. üüü يبدو أن الحكومة تقترب الآن أكثر من أي وقت مضى من المعالجة الصحيحة الاقتصادية الملحة كلما ابتعد معارضوها عن هذه القضايا.. المعارضون اختاروا أن يرفعوا عقيرتهم بالصراخ كلما رأوا مناسبة صغيرة لذلك لكنهم وللأسف لم يفكروا بتقديم مشروع حلول ناجعة لمعالجة قضايا الناس.. وإلا لكانوا محمودين عند الله والناس ولاستطاعوا أن يحركوا الجماهير تحت إطار المطالب التي تمس حياتهم وما أكثرها.. üüü الحكومة ظلت تتهيب القيام بخطوات جذرية لمعالجة مشكلات الاقتصاد وظلت تراوح مكانها في عالم المفاوضات أو بالأحرى المناكفات السياسية مع المشترك التي لم ولن توصل إلى نتيجة ينتفع منها الناس أو تخرج البلاد من أزماتها الكثيرة.. الآن فقط نحس أن الحكومة واجهت التحدي وأحست بمسئوليتها التي لن يشاطرها فيها غيرها وبدأت بقراءة الوضع الاقتصادي قراءة صحيحة تجعلها قادرة على التمييز بين ما يقبل التأجيل والتفاوض مع المعارضين وما لا يقبل التأجيل ولن يتحمل معها المسئولية أحد من الناس بل ستتحمل هي وحدها نتائجها الكارثية كجماعة وكأفراد إن فشلت في التعامل معها تعاملاً صحيحاً.. üüü نفهم هذا التوجه من خلال الدكتور علي مجور، رئيس مجلس الوزراء الذي أشار مؤخراً إلى أن الحكومة تدفع دعماً للمشتقات النفطية نحو 370 مليار ريال وهذا المبلغ لو تم تحويله إلى دخول للأفراد لكان بحد ذاته انقلاباً في مسارنا الاقتصادي كله وبداية حقيقية للحلول النهائية لأزماتنا ومشكلاتنا المستعصية وعلامة على بلوغ رشد الحكومة.. üüü هذا المبلغ وحده كافٍ للتعبير عن حجم الكارثة المالية والخلل الإداري الذي يستغله بعض ضعاف النفوس للثراء غير المشروع من خلال عدة قنوات. üüü البنك المركزي بعلم أو بغير علم كان يساعد البعض من هذه الفئة من خلال أولا أذون وسندات الخزانة التي يقوم هؤلاء بشرائها وكسب المليارات كفوائد منها من خلال إيداعات محدودة ولفترات محدودة والاستفادة من سعر الفائدة الأعلى في المنطقة كلها - إن لم يكن في العالم - كما أشار آخر تقرير للبنك الدولي للربع الأول من هذا العام 2010م ثم بعد هذه العملية التي تعتبر مظهراً آخر من مظاهر الفساد الكبير يقوم البنك المركزي بإنزال دفعات متتالية من العملة الصعبة للسوق بحجة المحافظة على مستوى سعر الدولار عند حدود معينة فتقع هذه الدفعات بأيادي هذه الفئة لكي يقوموا بامتصاصها من السوق وإخراجها إلى خارج البلاد خلال ساعات ولا تترك أثراً وشيئاً فشيئاً تفاقمت مشاكلنا النقدية والاقتصادية لتحدث الكارثة. مرة أخرى هل بلغت حكومتنا الرشد، وهل لديها الجرأة لتنهي هذا النهب وتنصف الشعب والدولة من هؤلاء اللصوص؟.