خليجي عشرون هو محور حديث كل اليمنيين هذه الأيام, واليمن بهذه البطولة باتت محط أنظار كل الأشقاء في الخليج والمنطقة، وليس من المبالغة القول إن ثغر اليمن الباسم عدن ومعها أبين أشبه بصالة فرح عوضاً عما كان ينظر إليهما كثيرون على أنهما ساحة مواجهة مع الإرهاب ومع قوى التخريب والخروج عن القانون. ربما أن البعض يتوقف عند جزء من الصورة ويشعر بالحزن والحسرة على الخسارة الثقيلة لمنتخبنا الوطني في الافتتاح أمام المنتخب السعودي الشقيق. لكن يبقى الشيء الأهم هو أن ننظر إلى اللوحة كاملة وبكل تفاصيلها حتى نشعر بأن إقامة البطولة في اليمن وفي موعدها دون تأجيل أو نقل هو بحد ذاته نجاح كبير لليمن وانتصار ساحق لهذا الوطن وهذا الشعب بعد شهور من الصخب والجدل والإثارة والتشكيك والتقليل من قدرة اليمن على التنظيم والاستضافة وإنجاح البطولة في أجواء آمنة ومستقرة. لقد خسرت رهانات المأزومين وأمنيات الحاقدين الذين ظلوا خلال الفترة الماضية يشعلون النار، ويغذّون كل التقارير الإعلامية الصادرة من هذا البلد أو المرسومة عنه بأنه على صفيح ساخن وفي مهب الريح، وأن القبول بتنظيمه البطولة والحضور للمشاركة هو شيء من الانتحار. وتأكد الأشقاء بأنفسهم أن كل ما قيل هو مجرد معلومات مغلوطة ومضللة, رغم أننا لا نجزم أن بلادنا لا تعاني من تلك الأعمال الإجرامية لكن الوضع الأمني ليس بتلك الصورة السوداوية التي يرسمها البعض. وبالتالي فإن إقامة بطولة كأس الخليج في دورتها العشرين تعد حدثاً تاريخياً وتجسيداً واقعياً وقوياً لمفاهيم تعزيز التقارب بين الأشقاء، وتأكيداً أن اليمن هي جزء من هذه المنظومة الإقليمية ونسيجها الاجتماعي والثقافي. ونجاح اليمن في تنظيم البطولة هو نجاح لكل يمني، وسيكون لذلك أثره الكبير في بناء المزيد من جسور التآخي والمحبة والتواصل وتشابك المصالح المشتركة. وربما لا يتابع الناس أو كثيرون منهم في اليمن وبلدان مجلس التعاون خطوات انضمام اليمن إلى بعض مؤسسات مجلس التعاون مثل هيئة المقاييس والمواصفات وغيرها. لكنهم عندما يتوحدون حول بطولة رياضية كروية مثل كأس الخليج يشعرون بتوحد وتلاحم شعوب وبلدان الخليج والجزيرة العربية، وأن اليمن هي جزء لا يتجزأ من هذا الإقليم ومنظومته المؤسسية. أما بالنسبة لخسارة منتخبنا الوطني أمام السعودية؛ وحتى لو تكررت الخسارة لا سمح الله أمام قطر وأمام الكويت؛ فينبغي أن ننظر إليها بواقعية ودون عواطف وبحساب الفوارق بين تجربة يمنية ناشئة وبين باع طويل من المشاركات والخبرات والإمكانيات المادية والفنية للمنتخبات الخليجية الأخرى. فالمنتخب السعودي على سبيل المثال عانى طويلاً، وانتظر حتى الدورة الثانية عشرة عام 1994 حتى يحرز لقب البطولة, وظل أيضاً خلال إحدى عشرة بطولة غير قادر على تحقيق الفوز أمام الكويت. كما أن المنتخب العماني لم يحقق أول فوز له في مباراة إلا في البطولة التاسعة, كما أنه احتفظ بمراكز المؤخرة على مدى خمس عشرة بطولة, لكن بالصبر والبناء والنظرة البعيدة المدى أصبحت كل منتخبات الخليج تهابه. وتابعنا جميعاً كيف أنه في الدورات الثلاث الأخيرة كان طرفاً في النهائي، فخسر في البطولة السابعة عشرة أمام صاحب الأرض قطر, وخسر كذلك نهائي النسخة الثامنة عشرة أمام المستضيفة الإمارات. لكنه على أرضه وبين جمهوره في الدورة السابقة كان قد بلغ الرشد الكروي وقالها صراحة: “الثالثة ثابتة” وأصبح البطل. [email protected]