كما أن الوصول إلى السلطة مكفول للجميع عبر صناديق الاقتراع والخيار الديمقراطي، فإن من يريد التغيير لابدَّ له أن يسلك أيضاً نفس الطريق وذلك بالاحتكام إلى إرادة الشعب باعتباره صاحب الحق في منح ثقته لمن يريد وما يريد وحجبها عَمَّنْ وعَمَّا لا يريد. ومن يسعى للقفز إلى كراسي الحكم وكذا التغيير بعيداً عن هذه الوسيلة الحضارية، أكان ذلك عبر الانقلاب على الشرعية الدستورية والديمقراطية وإرادة الجماهير، أو من خلال نشر الفوضى والتخريب وإذكاء الفتن بين أبناء الوطن الواحد، أو استخدام المليشيات المسلحة للاعتداء على مؤسسات الدولة المدنية ومعسكرات القوات المسلحة والأمن، وقطع الطرق وإشعال الحرائق والتوترات في بعض المناطق، إنما هو بذلك يدفع بالوطن في اتجاه التفتت والتمزق والحروب والصراعات الدامية التي ستكون وبالاً على الجميع بما فيهم أولئك الذين يصبون الزيت على النار. ونعتقد أن من يرفعون لافتة التغيير اليوم لمجرد ذر الرماد على العيون، وتضليل البسطاء والضحك عليهم، هم أنفسهم من وقفوا في وجه حركة التغيير التي أعلن عنها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية، أمام المؤتمر الوطني العام المنعقد في مدينة الثورة الرياضية مطلع العام الحالي بحضور أكثر من خمسين ألف يمثلون كل قطاعات الشعب في مختلف المحافظات حيث أطلق مصفوفة من العناوين الجريئة والشجاعة للتغيير الشامل والانتقال إلى مرحلة جديدة تستند إلى مرتكزات الدولة المدنية الحديثة. ويشهد الجميع أن تلك المصفوفة تجاوزت كما وكيفاً طروحات المعارضة للإصلاح وإحداث التغيير المنشود إلا أن المعارضة من أحزاب اللقاء المشترك كانت في مقدمة من سعى إلى عرقلة البدء بتنفيذ تلك المصفوفة من الإصلاحات، لتكشف بذلك أنها بالفعل لا تريد تغييراً ولا إصلاحاً، وأن ما تروج له في خطابها السياسي والإعلامي ليس إلاّ للتهريج والتهيئة لأهدافها الانقلابية. وينطبق الحال نفسه على مسألة الحوار، حيث لم تتقدم تلك الأحزاب حتى خطوة واحدة نحو هذا الهدف لسبب بسيط أنها بالفعل لا تريد الحوار ولا تسعى اليه ولذلك فقد ظلت تتهرب من كل الدعوات التي أطلقها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية من أجل التئام الحوار بل أن فخامته وإحساساً منه بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه حرص على التدخل أكثر من مرة للجمع بين قيادات المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك إلا أن كل ذلك لم يجد نفعاً أمام إصرار المشترك على تفجير الأوضاع وإيصال البلاد إلى ما هي عليه اليوم من الأزمات. إن التغيير سنة من سنن الحياة وليس هناك من يمكنه أن يقف عائقاً أمام التغيير الإيجابي وإذا كان هناك من اختلاف أو تباين في هذا الجانب فإنه يتصل بالوسيلة المستخدمة لإحداث هذا التغيير وبما يضمن أن يكون التغيير نحو الأفضل وليس إلى الأسوأ وأن يأتي التغيير عبر الوسائل الديمقراطية والدستورية وليس عن طريق التخريب والعنف والفوضى والقتل والتدمير والاعتداء على المؤسسات المدنية والعسكرية كما حصل في أرحب وتعز وأبين وحي الحصبة بالعاصمة صنعاء من قبل المليشيات المتطرفة من عناصر الإخوان المسلمين والقاعدة التي صارت تتجمع في أكثر من محافظة بهدف الاعتداء على أبناء القوات المسلحة والأمن وتصفية هذه المؤسسة الوطنية والنيل من مقدراتها ومكتسباتها وإهدار دماء منتسبيها في انتهاك صريح للقيم الإسلامية وأحكام الشريعة السمحاء وأخلاقيات المجتمع اليمني التي تنبذ العنف وقتل النفس البريئة مما يدل فعلا على أن أحزاب المشترك ومن تحالف معها لا يريدون تغييراً إيجابياً وإنما نشر الفوضى والعنف والتخريب لأنهم يعتقدون أن ذلك هو من سيوصلهم إلى كراسي الحكم دون وعي منهم أن الفوضى لا ينتج عنها سوى الدمار والهلاك والويلات والمآسي والويلات.