ليس من باب التجني أن نقول بأن المعارضة اليمنية وتحديداً أحزاب اللقاء المشترك، تمارس دور المعارضة من منظور خاطئ وغير واقعي، ولا يحمل أي قدر من الموضوعية. بدليل أن هذا الدور ظلَّ متسماً بالطابع العدائي إزاء الطرف الآخر، وكل من يخالف هذه الأحزاب الرأي ولا يتفق مع توجهاتها والممارسات التي تقوم بها، في إطار تعاطيها مع قضايا الوطن. ولكثرة الضجيج الذي كانت تحدثه هذه الأحزاب عبر وسائل الإعلام، تكونت لدى البعض قناعة راسخة بأن هذه الأحزاب تعارض كل شيء لمجرد المعارضة، وأنها لا تعدو كونها ظاهرة صوتية، سيأتي اليوم الذي تُرشِّدُ فيه خطابها المتشنج، وتترسخ لديها تقاليد العمل الديمقراطي وآدابه وأخلاقياته بمرور الوقت، وستتعلم من تجاربها والدروس التي تلقتها خلال تلك التجارب، بما يجعلها أكثر رشداً ورصانة ونضوجاً. إلاّ أنّ ما يؤسف له حقّاً هو أنّ ما جرى خلال الأشهر الماضية في بعض البلدان العربية شجع أحزاب المعارضة اليمنية على ركوب موجة تلك الأحداث بصورة عقيمة، فعمدت إلى محاولة إسقاط ما حدث في تونس ومصر على الواقع اليمني. بل أنها ومنذ اللحظة الأولى قامت بإرسال عدد من عناصرها للتدرب على أساليب التثوير والتضليل والتأزيم، تساندها في ذلك بعض القنوات الفضائية المسخّرة والمستأجرة لأغراض إثارة الفوضى في الوطن العربي. وبالفعل استطاعت هذه الأحزاب في بادئ الأمر استخدام وسائل الاتصال ك"الفيسبوك" و"تويتر" لتحريض الشباب اليمني على محاكاة ما يجري في بعض الساحات العربية وذلك بالاعتصام. وحينما وجدت أن الدولة والحكومة قد تفاعلت مع مطالب أولئك الشباب وتجاوبت معها، سارعت من خلال التجمع اليمني للإصلاح الذي يشكل الإطار الآيديولوجي لحركة الإخوان المسلمين في اليمن، إلى مضايقة أولئك الشباب، واستبدالهم بعناصرها ومليشياتها المسلحة والمتحالفين معها من العناصر المتطرفة والمتمردة على النظام والقانون، لتضع اليمن على مفترق طرق. حيث جاءت الأحداث الأخيرة في أرحب ونهم والحيمة وحي الحصبة بصنعاء وفي مدينة تعز لتكشف عن أن هذه الأحزاب تنفذ مخططاً أعد سلفاً مدعوماً من بعض الجهات الخارجية. ولم يكن من باب الصدفة والمصادفة أن يتصدر تنظيم الإخوان المسلمين العالمي عبر عناصره في عدة بلدان دور المحرك للأحداث. ولا ندري كيف انطلت اللعبة على القوى اليسارية والقومية والليبرالية، وكيف رضيت لنفسها أن تقبل بهذا الدور وأن تكون جزءاً من سيناريوهاته، رغم أنها لا تجهل أن الضربة القادمة ستكون على رأسها. لا نقول ذلك من وحي نظرية المؤامرة التي سئمناها، وإنما من حصيلة الحقائق التي بأيدينا، والتي تفصح بجلاء عن أنّ من راحوا يصدرون الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى على علماء الأمة، لا يجدون حرجاً في تطويع الدين والعقيدة لأهدافهم وغاياتهم ومراميهم، فهم يدَّعون الورع والتقوى والصلاح فيما هم يشعلون الفتن ونيران الأحقاد والبغضاء والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، دون خوف أو خشية من الله العزيز الجبار الذي يراقب تصرفاتهم، ويعلم ما يبطنون وما يظهرون، فالغاية لديهم تبرر الوسيلة، بل أنهم فاقوا الميكافلليين بمكرهم وخداعهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين سينتهي المطاف بالإخوان المسلمين؟ وإلى أين يريدون جر الوطن؟! وأية هاوية يريدون الدفع به إليها؟ ألا يكفيهم كل ما ألحقوه بهذا الوطن من أضرار وخراب ودمار؟ وما أصاب أبناءه من أذى ومعاناة وويلات ومآس؟ خاصة وقد طفح الكيل وصار السؤال الذي يتردد على كل لسان: ماذا يريد هؤلاء؟!.