طالعتنا بعض الصحف، بالفعل الغاضب من الشيخ عبدالمجيد الزنداني، ورد الفعل المتوقع من السفير الامريكي في اليمن الذي لم يلتفت حتى لطلب الشيخ بمساواته ومن معه في جمعية العلماء التي يرأسها بيهود اليمن في ما يتعلق والتمثيل في مؤتمر الحوار الوطني. لسنا هنا بصدد فعل الشيخ الزنداني، ورد فعل السفير الامريكي، وما لفت نظري هو المطالبة بالمساواة باليهود وهو اقتراح أو مطلب استحضر في خاطري اسم الشاعر والعالم اليهودي سالم الشبزي.. والمكانة التي حظي بها دينياً وادبياً وثقافياً عند يهود العالم وليس بين يهود اليمن وحسب. لقد اهتمت دولة اسرائيل بالرجل رغم انه ولد وعاش ومات في اليمن - فطبعت مؤلفاته واشعاره بما فيها القصائد الشعبية، واطلقت اسمه على عدد من الشوارع في المدن بما فيها القدس، وأسمت باسمه عدداً من القاعات في جامعاتها ومعاهدها، ومثل هذا فعل اليهود حيث توجد لهم جامعات ومرافق علمية في انحاء العالم. لقد كان الشبزى شاعراً مبدعاً، قبل أن يكون عالماً دينياً.. فكرمه ابناء ديانته في موطنه -اليمن- بأن جعلوا منه رمزاً ومرجعية كما جعلوا من قبره مزاراً للتبرك وطلب الشفاء واحاطه يهود العالم بكل تلك الهالة والتخليد.. بهذا تذكرت الشبزى وأنا اتصفح بعض الصحف واكابد احزان فقد الفنان المبدع والمثقف الاستاذ محمد مرشد ناجي.. وقلت متسائلاًً: يبدو أننا سننسى الفنان الكبير (المرشدي) ولن تبقى سوى اغانيه والحانه ومؤلفاته لتذكرنا وتعرف اجيالنا به وان كتبنا مطالبين بالعرفان له واطلاق اسمه على معهد موسيقى أو قاعة في جامعة فنون جميلة، أو فرقة موسيقية إلى جانب شارع من شوارع صنعاء أو عدن نقول هذا لا طمعاً في تخليد الرجل، لانه لم يغادرنا جسداً الا وقد ترك ما يخلده للاجيال.. بل طمعاً في العرفان والوفاء لمن ابدع وتميز، واستحق ان يكون قدوة للاجيال القادمة. ولكن.. يبدو أن مثل هذا لم نستوعبه، ولم نرتق بثقافتنا وبارواحنا إلى استيعابه، بعيداً عن الحسد والضغائن والرواسب السلبية، وما يزيد من اعتقادي هذا شواهد كثيرة ابرزها وآخرها، كيف تعاملنا مع شاعر عملاق ومفكر وعالم هو الاستاذ عبدالله البردوني، الغني عن التعريف يمنياً وعربياً وعالمياً- والقامة التي تشكل بطاقة تعريف باليمن عبر التاريخ. هذا الشاعر العملاق، والمبدع المتميز، لم يشفع له شعره، ولا ادبه، ولا فكره، ولا علمه، ولا نضاله وثوريته عند المعنيين بالامر، ليحيطوه بشيء من العرفان والوفاء باطلاق اسمه على شارع، أو معلم من المعالم الثقافية والعلمية تصوروا لو أن البردوني مصري أو شامي أو مغربي بماذا كان سيحاط به من التقدير والعرفان في حياته وبعد مماته. ترى هل نستعيد مقولة الشيخ الزنداني، ونقول بلسان مبدعي اليمن عموماً، نريد مساواتنا بالمبدعين من اليهود عند قومهم وابناء دياناتهم. ستمر السنون على رحيل المرشدي (أبو علي) ونحن مازلنا نذكر (بما ينفع المؤمنين) طمعاً في تكريم مبدع اعطى اليمن ما عجز غيره عن تقديمه، كما هو حالنا بعد سنين على رحيل البردوني.. ولا زلنا نذكر. ننصح ونتمنى الا يتم التعامل مع المبدع من منطلق مذهبي أو عرقي أو ديني أو حسب اتجاهاتهم السياسية والفكرية وأن اختلفنا معهم، لأنهم اذا ما كانوا أول المدافعين عن حق الآخر في اعتناق الفكر الذي يراه، وان يعبر عنه بحرية، فكيف نقيمهم أو نحاسبهم على تبني فكر راوا فيه قناعاتهم.