لقاء القمة اليمنية- الروسية- التي جمعت الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية والرئيس فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية، تجسدت في نتائجه المعاني والمضامين العميقة للعلاقات اليمنية- الروسية التاريخية التي تربط الشعبين الصديقين اليمني والروسي منذ ما يزيد عن ثمانية عقود ونصف من التعاون والشراكة الصادقة والنزيهة التي أثمرت عشرات المشاريع الاقتصادية الحيوية والاستراتيجية في مجالات البنية التحتية والتنموية والخدمية لتشمل التعليم والصحة والصناعة والزراعة والطرقات، وفي مجال التأهيل العالي الذي يتجلى في تخريج عشرات الآلاف من الكوادر في مختلف الجوانب العلمية التخصصية العسكرية والمدنية في اليمن قبل الوحدة وبعدها.. ولن ينسى الشعب اليمني وقفة أصدقائه الروس في أحلك الظروف وأصعب الأوضاع التي مرّ بها منذ عقد ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، خاصة الدعم العسكري الذي قدمته روسيا والذي كان له الدور الأساسي والفاعل في انتصار شعبنا على قوى التخلف والاستعمار خلال مسيرة نضالنا الوطني، وفي مراحل الدفاع عن الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.. ليتواصل هذا الدعم السخي غير المشروط في جهود ايجاد جيش يمني حديث- تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً- وكل هذا كان يقدم كمساعدات للشعب اليمني وقروض طويلة الأجل، لتبلغ مليارات الدولارات والتي تم إعفاء اليمن من سدادها في أوضاع كانت روسيا في أمس الحاجة إلى تحصيلها.. إلاّ أن الوفاء لعلاقات الصداقة المتينة تغلب على الحاجة.. ليكون كل هذا محل تقدير واحترام كافة اليمنيين.. في هذا السياق تأتي زيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى موسكو تلبية لدعوة نظيره الرئيس الروسي فلادمير بوتين، والتي بكل تأكيد سوف تعمل على انطلاق العلاقات إلى آفاق جديدة رحبة وواسعة مبنية على أرضية صلبة محور ارتكازها في الحاضر والمستقبل شراكة حقيقية ودائمة على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني والثقافي.. لتبرز معالمها الاستشرافية من المحادثات والمباحثات التي اجراها الأخ الرئيس مع نظيره الروسي والمسؤولين الروس وكل الفعاليات التي التقاها خلال هذه الزيارة المكتسبة أهميتها من كونها تأتي في ظل أحداث ومتغيرات مرّ ويمر بها اليمن، وكان لروسيا دور كبير مؤثر وايجابي أسهمت من خلاله في تجنيب اليمن من مخاطر كارثة الصراع والفوضى والتشظي، من خلال مساندتها ودعمها بقوة التسوية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية من موقعها الفاعل في المجتمع الدولي، وبشكل مباشر على مستوى العلاقات الثنائية والتي تشهد الآن انتقالة نوعية جديدة تعكس وعي قيادتي البلدين لمعطيات استحقاقاتها الوطنية والإقليمية والدولية، مستوعبة اليمن في هذا المنحى لدور روسيا المتنامي في استعادة دورها كقوة عالمية تمضي نحو إيجاد التوازن للنظام الدولي باتجاه منظومة تتجاوز به اختلال أحادية القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب يقوم على تبادل المصالح والشراكة، وندية العلاقات بين الدول بعيداً عن الهيمنة وسطوة القوة في فرض الإرادات على الشعوب المستضعفة، وبما يمنع استمرار التدخل في شؤونها الداخلية، كون ذلك كفيلاً في تحقيق السلام والأمن والاستقرار العالمي.. يضاف إلى ذلك القول أن زيارة الأخ الرئيس إلى موسكو تصب في مسارات التغيير الذي يتطلع إليه الشعب اليمني عبر سعيه لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني، وإعادة صياغة نظامه السياسي، وبناء دولته المدنية المؤسسية الديمقراطية القوية والعادلة بدعم ومساعدة أشقائه وأصدقائه، وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية الصديقة.