غدا في العاصمة البريطانية لندن ، يعقد مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن ، بحضور وفود تمثل 35 دولة ومنظمات تمويلية دولية ، وفي مقدمتهم : وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست ، والاتحاد الأوروبي ، والاتحاد الروسي، وجمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأميركية ، لمناقشة ما تعهد به المانحون في مؤتمراتهم السابقة ؛ لتقديم نحو 8 مليارات دولار ؛ لمساعدة عملية التحولات السياسة الجارية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي ، لاستكمال مهام المرحلة الانتقالية الثانية ، بحيث يستطيع اليمن تخطي المشكلات الاقتصادية والتحديات الراهنة ،وتجاوز المخاطر الأمنية المحدقة ،وتلبية متطلبات الشعب المعيشية و التنموية ، بما في ذلك تحقيق استقراره المنشود في شتى مناحي الحياة . ويكتسي مؤتمر لندن خصوصية متميزة ، ودلالات مهمة على أكثر من صعيد ، فمن ناحية يعكس مجددا مسؤولية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ، ورغبة الدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، على دعمهم للشعب اليمني لتمكينه من المضي قدما نحو إنجاح مسار التحول السياسي ، الذي يحفظ وحدته ، ويحقق تطلعاته المشروعة ،في إطار شراكة وطنية وإقليمية ودولية ، تراعي المصالح المشتركة للجميع . ومن جهة أخرى ، تلتئم اجتماعات مؤتمر أصدقاء اليمن للمرة الأولى ، بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، وخروجه بقرارات غاية في الأهمية ، ترمي جلها لبناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية ، بها ومعها ينتقل الشعب اليمني إلى مستقبل أفضل ، يسوده العدل والمساواة والحرية والكرامة والاعتراف بالأخر وتقاسم الثروة والسلطة وصنع القرار. وفي هذا المضمار ، تقتضي الإشارة إلى عديد تطورات وإجراءات عملية ، حدثت قبل انعقاد مؤتمر الغد ، على صعيد ترجمة وثيقة الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار ، منها بدء لجنة صياغة الدستور الجديد في إعداد المسودة الأولى منه ، تشكيل الهيئة الوطنية لمراقبة و متابعة تنفيذ مخرجات الحوار ، إلى ما تقوم به اللجنة العليا للانتخابات من ترتيبات لإنجاز السجل الانتخابي الجديد ،واختيار اللجان الفنية والقيد والتسجيل ، تمهيدا لإجراء عملية الاستفتاء الشعبي على الدستور ،ثم الانتخابات العامة . وإذا كان استقرار اليمن مصلحة إستراتيجية مشتركة في المرحلة الحالية ، فهي بالضرورة مصلحة إقليمية دولية ، متبادلة بالنظر إلى الموقع الجيوسياسي لليمن ،في منطقة حساسة ؛ تمثل نقطة حيوية ؛ وشريان حياة لاقتصاد العالم، وأمنه وسلامه ؛ فإن الشعب اليمني يتطلع هذه المرة إلى مؤتمر الدول المانحة ، أن تفي بما سبق والتزمت به في مؤتمر لندن (2006) ، حين تعهدت بتقديم أكثر من 6 مليارات دولار ؛ مرورا بمؤتمر الرياض ( 2012) ، وصولا - في نفس العام - إلى وعود مؤتمر نيويورك ، بحيث تسرع في تقديم الموارد المالية اللازمة لمساعدة اليمن على الوفاء باحتياجاته الإنمائية ، وسد الفجوة التمويلية في تنفيذ المشروعات التنموية في مجالات الطاقة الكهربائية والصحة والمياه والتعليم ، وكذا في المجالات الإنسانية ، كالحد من اتساع رقعة الفقر والبطالة وسوء التغذية واللاجئين من القرن الأفريقي وسواها من القضايا المتصلة بهموم الناس ، ناهيك عن الحاجة لتقديم مساعدات عاجلة تعين اليمن على مواصلة مكافحة "الإرهاب"، فضلا عن ان المساعدات الملحة ستصب في مسالة تهيئة الأجواء للانتقال بالبلاد والعباد إلى المرحلة التالية والمفصلية ، وعنوانها الكبير قيام مفاصل دولة اليمن الاتحادية . وخلاصة القول ..بعد ساعات يتابع اليمنيون ، باهتمام بالغ وبعين الأمل والتفاؤل، كلمات المشاركين في مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن ، وهم يلتقون مجددا في عاصمة الضباب لندن ، ويتطلعون إلى أن تتحول الوعود السابقة واللاحقة ، إلى نتائج ملموسة ، على ان يتسابقوا لحشد المبالغ التى وعدوا وتعهدوا والتزموا بتقديمها في غير مناسبة واجتماع وحدث وتصريح وبيان ، وأن فعلوا كما ننتظر ،فمن شأن ذلك ان يثبتوا للعالم قبل اليمنيين مصداقية تلك الدول ، وأن وعودها جادة ، لأن أي تأخير معناه مضاعفة الأوضاع واهتزاز الثقة بالأصدقاء قبل الأشقاء ..وهذا ما لا نتمناه.